السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجزأة بن ثور السدوسي.. صاحب الثمانين معركة

مجزأة بن ثور السدوسي.. صاحب الثمانين معركة
9 يوليو 2014 23:47
أحمد مراد (القاهرة) خاض الصحابي الجليل مجزأة بن ثور السدوسي الحروب والمعارك من أجل نصرة الإسلام، ويروى عنه أنه قتل مئة من المشركين مبارزة، ووصفه المؤرخون بأنه علامة بارزة في التاريخ الإسلامي، لما قدمه من تضحية وإقدام وبسالة. يروى أن الخليفة عمر بن الخطاب أصدر أمراً إلى جيش المسلمين بقيادة أبي موسى الأشعري، بالتوجه إلى الأهواز لتتبع الهرمزان والقضاء عليه، وتحرير مدينة «تُسْتر» الفارسية، وجاء في الأمر الذي وجهه الخليفة لأبي موسى أن يصطحب معه «مجزأة بن ثور السدوسي» سيد بني بكر وأميرهم المطاع، وصدع أبو موسى الأشعري بأمر الخليفة، فعبأ جيشه، وجعل على ميسرته «مجزأة بن ثور السدوسي»، وانضم إلى جيوش المسلمين القادمة من البصرة، ومضوا معاً غزاة في سبيل الله. فما زالوا يحررون المدن، ويطهرون المعاقل، والهرمزان يفر من أمامهم من مكان إلى آخر معقل حتى بلغ مدينة «تستر». ثمانون معركة عسكرت جيوش المسلمين حول خندق «تستر» وظلت ثمانية عشر شهراً لا تستطيع اجتيازه، وخاضت مع جيوش الفرس خلال تلك المدة الطويلة ثمانين معركة، وكانت كل معركة تبدأ بالمبارزة بين فرسان الفريقين، ثم تتحول إلى حرب شديدة، وقد أبلى مجزأة بلاء حسناً فقد تمكن من قتل مئة من شجعان فرسان العدو مبارزة. وفي آخر معركة، حمل المسلمون على عدوهم حملة باسلة، فأخلى الفرس لهم الجسور المنصوبة فوق الخندق، ولاذوا بالمدينة، وأغلقوا عليهم أبواب حصنها المنيع، وأخذ الفرس يمطرون المسلمين من أعالي الأبراج بسهامهم الصائبة، وكانوا يدلون من فوق الأسوار سلاسل من الحديد، في نهاية كل سلسلة كلاليب متوهجة من شدة ما حميت بالنار. فإذا رام أحد جنود المسلمين تسلق السور أو الاقتراب منه، علقوها فيه وأدخلوها في لحمه وجذبوه إليهم، فيحترق جسده، ويتساقط لحمه، ويقضى عليه. وبينما كان أبو موسى الأشعري يتأمل سور «تستر» العظيم، يائساً من اقتحامه، سقط أمامه سهم، فنظر فيه، فإذا فيه رسالة تقول: لقد وثقت بكم معشر المسلمين، وإني أستأمنكم على نفسي ومالي وأهلي ومن تبعني، ولكم عليَّ أن أدلكم على منفذ تنفذون منه إلى المدينة. فكتب أبو موسى أماناً لصاحب السهم، وقذفه إليه بالسهم. فاستوثق الرجل من أمان المسلمين، وتسلل إليهم تحت جناح الظلام، وأفضى لأبي موسى بحقيقة أمره فقال: نحن من سادات القوم، وقد قتل «الهرمزان» أخي الأكبر، وتعدى على ماله وأهله، وأضمر لي الشر، فآثرت عدلكم على ظلمه، ووفاءكم على غدره، وعزمت على أن أدلكم على منفذ خفي تنفذون منه إلى «تستر»، فأعطني إنساناً يتحلى بالجرأة والعقل، ويكون ممن يتقنون السباحة حتى أرشده إلى الطريق. «الهرمزان» استدعى أبو موسى الأشعري مجزأة بن ثور السدوسي، وأسر إليه بالأمر وقال: أعنَّي برجل من قومك له عقل وحزم وقدرة على السباحة. فقال مجزأة: اجعلني ذلك الرجل أيها الأمير. فقال له أبو موسى: إذا كنت قد شئت، فعلى بركة الله. ثم أوصاه أن يحفظ الطريق، وأن يعرف موضع الباب، وأن يحدد مكان «الهرمزان»، وأن يتثبت من شخصه، ولا يفعل أكثر من ذلك. ومضى مجزأة تحت جنح الظلام مع دليله الفارسي، فأدخله في نفق تحت الأرض يصل بين النهر والمدينة، فكان النفق يتسع تارة حتى يتمكن من الخوض في مياهه وهو ماشٍ على قدميه، ويضيق تارة أخرى حتى يحمله على السباحة حملاً، حتى بلغ به المنفذ الذي ينفذ منه إلى المدينة، وأراه الفارسي «الهرمزان»، والمكان الذي يتحصن فيه. فلما رأى مجزأة «الهرمزان»، همَّ بأن يرديه بسهم في نحره، لكنه ما لبث أن تذكر وصية أبي موسى له بألا يحدث أمراً، فرد نفسه عن هواها وعاد من حيث جاء. أعد أبو موسى ثلاثمائة من أشجع جند المسلمين، وأقدرهم على العوم وأمَّر عليهم مجزأة بن ثور، وجعل التكبير علامة على دعوة جند المسلمين لاقتحام المدينة. وأمر مجزأة رجاله أن يتخففوا من ملابسهم ما استطاعوا حتى لا تحمل من الماء ما يثقلهم، ومضى بهم في آخر الثلث الأول من الليل. وظل مجزأة بن ثور وجنده يصارعون عقبات هذا النفق الخطير، ولما بلغوا المنفذ المؤدي إلى المدينة وجد مجزأة أن النفق قد ابتلع مئتين وعشرين رجلاً من رجاله، وأبقى له ثمانين، وما أن وطئت أقدام مجزأة وصحبه أرض المدينة حتى جردوا سيوفهم، وانقضوا على حماة الحصن، فأغمدوها في صدورهم. ثم وثبوا إلى الأبواب وفتحوها وهم يكبرون، فتلاقى تكبيرهم من الداخل مع تكبير إخوانهم من الخارج، وتدفق المسلمون على المدينة عند الفجر، ودارت معركة ضروس. وفيما كانت المعركة قائمة على قدم وساق، أبصر مجزأة بن ثور «الهرمزان» في ساحها، فاتجه نحوه، فوثب كل من مجزأة والهرمزان بسيفيهما فضرب كل منهما صاحبه ضربة قاضية، فارتد سيف مجزأة، وأصاب سيف الهرمزان، فخر البطل صريعاً على أرض المعركة، وواصل جند المسلمين القتال، حتى كتب الله لهم النصر، ووقع الهرمزان في أيديهم أسيراً، وكان ذلك في عام 17 هجرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©