الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سرنجار» العاصمة الصيفية لأمراء المغول

«سرنجار» العاصمة الصيفية لأمراء المغول
9 يوليو 2014 23:46
أحمد الصاوي (القاهرة) سرنجار العاصمة الصيفية لإقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان. ويقع هذا الإقليم في أقصى شمال شبه القارة الهندية فيما بين الهند وباكستان والصين. ويعتبر الوادي المعروف اليوم باسم جامو وكشمير بمثابة المنطقة السهلية لجنوب جبال الهيملايا من الناحية الغربية. دخل الإسلام لتلك المناطق الشمالية من الهند في القرن الهجري الأول إذ وصل إليها محمد بن القاسم الثقفي فاتح الهند والسند الأول وظلت كشمير خاضعة لأسر محلية من المسلمين تارة ولأسر أفغانية تارات أخرى إلى أن استولى عليها أباطرة المغول وضموها لسلطنة مغول الهند على عهد جلال الدين أكبر عام 1587م وبقيت تحت سيطرتهم حتى دخلها الإنجليز عام 1839م. ونظراً للطبيعة الخلابة لسرنجار واعتدال جوها صيفا اتخذها أمراء المغول عاصمة صيفية لإقليم كشمير، وإن كان جلال الدين أكبر فكر عام 1590م في تشييد عاصمة جديدة للإقليم أطلق عليها اسم نجار ناجور، فوق تل هاري بارباط لتكون حاضرة حصينة تهيمن على الوادي. وبدأ بالفعل بتشييد السور الخاص بالمدينة، وكذلك قلعتها الدفاعية المتقدمة ولكن لم يقيض لأكبر أن ينتهي من تشييد العاصمة الجديدة فأهمل أمرها بعد وفاته. وفي عام 1808م قام حاكم سرنجار الأفغاني عطا محمد خان بإعادة ترميم قلعة أكبر القديمة وتوسيع مساحتها واستكمال أسوارها حيث تعتبر قلعة سرنجار اليوم من أهم المعالم التاريخية بالمدينة. وينظر سكان سرنجار إلى التل كمعلم مقدس، ولم تتغير هذه النظرة رغم أن 90 في المائة من سكان كشمير مسلمون، وهناك على الجانب الغربي للتل معبد بوذي قديم هو معبد شياريكا منذ دخول البوذية للمنطقة. وقد حافظ عليه المسلمون في إطار سياسة التسامح الديني التي ميزت عهود الحكام المسلمين في شبه القارة الهندية. ما رسخ هذا الإحساس بالقداسة وجود مسجد وضريح الشيخ حمزة مخدوم صاحب على الجانب المقابل من هذا التل، وهو عمل معماري بديع يعكس طابع العمارة الإسلامية في عهد المغول. ويعرف الشيخ حمزة «1492م - 1563م» أيضاً باسم محبوب العالم وسلطان العارفين وهو صوفي يمتد نسبه للرسول - صلى الله عليه وسلم. يعد مسجد باتر أو مسجد باديشاه، من أعمال السلطان المغولي جلال الدين أكبر وشيد على هيئة بيت للصلاة بدون صحن أوسط تحسباً لبرودة أجواء الشتاء وكانت مع قبة كبيرة تغطي منطقة المحراب ويعتبر من أفضل نماذج العمارة المغولية المبكرة في الهند ويتميز المسجد بواجهاته وبوابته الرئيسة المشيدة جميعها من الرخام الأبيض. ومن المعالم التاريخية المعروفة في سرنجار «ضريح حضرة» ويقع على الجانب الشمالي لبحيرة دال، وتم تجديده في عام 1964م بعدما كان مقرراً إزالته عام 1963م، ولكن المظاهرات الحاشدة التي عمت سرنجار وإقليم كشمير أجبرت الحكومة الهندية على إلغاء القرار. أما صاحب الضريح فهو السيد عبدالله المتعلق بالنسب النبوي والشريف وحسب الرواية التاريخية فإنه جاء للهند قادماً من المدينة المنورة ليستقر في بيجابور قرب حيدر أباد في العام 1635م وعندما توفي بها أقام ابنه السيد حميد مقاماً له هناك، ولكن الابن الذي فقد ثروته وجد نفسه عاجزاً عن العناية بالضريح الذي بات مزاراً مقدساً، فقرر بيعه لتاجر كشميري ثري هو خواجة نور الدين عيشي وقرر الأخير نقل الجثمان إلى كشمير فلما علم الإمبراطور المغولي أورانجزيب بذلك قبض على التاجر الكشميري وحبسه، حيث توفي بالسجن في العام 1700م وبعدها ثاب السلطان إلى رشده وقرر السماح بنقل جثمان خواجة نور الدين وكذا رفات السيد عبدالله الشريف إلى سرنجار، وهناك تولت عنايات بيجوم ابنة نور الدين أمر تشييد الضريح لتتولى ذريتها من زوجها المنتمي لعائلة بانداي إدارة شؤون هذا الضريح إلى اليوم. ومن أجمل المعالم الأثرية بسرنجار ضريح باديشاه وهو المدفن الخاص بزين الدين ابن اسكندر شاه، وقد شيد بالآجر أو الطوب الأحمر في القرن الخامس عشر الميلادي في موقع كان يشغله فيما مضى معبد بوذي قديم. المسجد الكبير ثمة عدة معالم تاريخية في سرنجار يعود بعضها للفترة السابقة على حكم المغول منها المسجد الكبير، وهو يقع في منطقة نوهات بوسط البلدة القديمة، وقد شيده الأمير محمد حمداني بن شاه حمدان بناء على أوامر السلطان اسكندر شاه حوالي العام 1400 م، ثم قام زين الدين بن اسكندر شاه بتوسعة المسجد لاحقاً ويحتل المسجد مساحة مربعة تقريباً يبلغ طول ضلعها 384 قدما وبوسطه صحن تحتله حديقة مزهرة أما أروقة الصلاة فتحمل عقودها أعمدة خشبية يبلغ عددها 370 عاموداً ويتسع داخل المسجد لنحو 33 ألف مصلٍ بينما يؤدي نحو 100 ألف مصلٍ صلاة الجمعة خارج المسجد الذي تحيط به حارات واسعة من كل الجهات. شبه القارة الهندية عالم حافل بأجناس وعقائد ولغات شتى، ومنذ القدم هذا العالم له شخصيته المستقلة وفلكه العقائدي والفلسفي الخاص، اقتحم الإسكندر الأكبر بلاد الهند غازياً وخلف وراءه تأثراً كبيراً بفنون الإغريق، ولكن دون تبديل كبير في شخصية الهند. وبدءاً من عام 92 هـ دخل الإسلام إلى الهند من جهة السند والبنجاب، ولكن نجاحه الأكبر كان في جنوب البلاد عبر التجارة الموسمية لينتشر الإسلام سلمياً بين الطبقات المقهورة والفقيرة هناك، وبدورهم نقل الهنود المسلمون دعوة الإسلام وحضارته إلى ما جاورهم من جزر المحيط الهندي وسواحله الجنوبية. أدرك المسلمون مبكراً أنهم يدخلون عالماً خاصاً فتعاملوا معه برفق يناسب البلد الذي كتب عنه البيروني كتابه الشهير «تحقيق للهند من مقولة في العقل أو مرذولة»، فكان الإنتاج الفني للهند في العمارة والفنون الإسلامية عروة وثقى بين روح الفن الإسلامي وشخصية الهند التليدة، هنا وعلى مدار الشهر الكريم نعرض لأهم ملامح إسهامات الهند في الفن الإسلامي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©