الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حمد الحوسني: حفظت القرآن في الصغر ومثّلت الإمارات في محافل ثقافية وفكرية

حمد الحوسني: حفظت القرآن في الصغر ومثّلت الإمارات في محافل ثقافية وفكرية
9 يوليو 2014 23:44
ولد الدكتور حمد علي حسن الحوسني في أسرة كانت تعتمد في معيشتها على الغوص والسفر للتجارة، وتلقى تعليمه الأول على يد المطوع لتبدأ أولى خطواته التعليمية في رحاب كتاب الله، ثم واصل تعليمه في المعهد الديني بالكويت، حيث كان والده يعمل هناك، ليستمر في هذا المسار بين العديد من المراحل الدراسية حتى بلغ أعلى درجات السلم الأكاديمي بحصوله على الدكتوراه من لندن. ولكن في جميع محطاته التعليمية لم يفارق القرآن الكريم تلاوة وتدبرا. وتعلم الكثير من القيم العليا من أقوال وأفعال الشيخ زايد بن سلطان - طيب الله ثراه- ونال شرف مرافقته في أول رحلة له إلى طهران وعايش إنجازات مؤسس الدولة خلال دراسته للدكتوراه في بريطانيا والبحرين. وفي هذه الرحلة الطويلة تزدحم ذاكرته بالعديد من الذكريات المتنوعة بين الكويت والإمارات وبريطانيا والبحرين، والتي أطلق لها العنان في حديث مطول بمنزله في منطقة خليفة « أ « بأبوظبي لنسترجع معه سجل الذكريات بحلوها ومرها. موزة خميس (دبي) بدأت أولى محطات مسيرته التعليمية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي التي يعتبرها الدكتور حمد الحوسني أجمل مرحلة مرت على الناس في الخليج العربي على الرغم من قسوة الحياة آنذاك. ويضيف: في تلك الحقبة بدأت تلقي أول دروسي العلمية على يد المطوع مثل بقية أقراني، وكان الناس يحرصون على أن يكون أبناؤهم من حفظة القرآن، وقد حرصت أسرتي على تربيتي تربية دينية إسلامية. ويؤكد أن هذه البداية في رحاب كتاب الله كانت العامل الرئيس وراء أمرين مهمين في حياته وهما تعلقه بالقرآن الكريم، وإتقانه اللغة العربية، ويوضح «لم أسمح لنفسي بأن أخطئ في قراءة اللغة العربية، وأصبحت منذ سن الخامسة عشرة، أحرص على ختم القرآن، من ثلاث إلى أربع مرات على الأقل في رمضان». الدراسة بالكويت المحطة الثانية كانت المرحلة الابتدائية في المعهد الديني بدولة الكويت، وكان لهذا المعهد فرعان، الأول في دبي والثاني في رأس الخيمة، وكنا نهتم كثيرا بأمر الدراسة ونجتهد في تحصيل العلم، وبعد أن أنهيت دراستي في الصف الثالث المتوسط في المعهد الديني بنجاح، انتقلت إلى مدرسة المتنبي المتوسطة، ثم واصلت تعليمي في المرحلة الثانوية في ثانوية الجاحظ بالكويت. ويقول إنه أثناء هذه المرحلة كنا نشعر بتطور الحياة، فقد كانت دولة الكويت قد سبقت بقية دول الخليج العربي في التطور والنهضة، وكثير من زملائي شاركوني مراحل التغيير، وتشاركنا لحظات الحياة في مجملها، وخاصة لعب كرة القدم في الفريج، ثم انتقلنا للعب في الأندية نتيجة التطور. ويسترجع تفاصيل أيام الصبا قائلا: لأن بيوتنا كانت قريبة من شاطئ البحر، فقد كنا نقضي بعض الأوقات في السباحة، مشيرا إلى والده رحمه الله كان غواصا ثم نوخذة، وقد غرقت السفينة التي كان يعمل عليها والدي بمن فيها، ولم ينج منها إلا خالي وثلاثة من العاملين بالسفينة، وهكذا استشهد والدي غريقا، ليكون الثاني في العائلة بعد استشهاد عمي الأوحد غرقا أيضا على سفينة كان هو «النوخذة» فيها. مرحلة مفصلية يصمت قليلا ثم يكمل قائلا: هكذا بدأت مرحلة مختلفة في حياته فقد مثل استشهاد والدي نقطة مفصلية غيرت مجرى حياتي، وجعلتني أشعر بمسؤوليتي عن نفسي ومستقبلي بعد أن غدوت يتيم الأب والأم، فحرصت أشد الحرص على التفوق الدراسي بموازاة التثقيف الذاتي. ويضيف: عندما غرقت سفينة الوالد رحمه الله، كنت في المرحلة الثانوية، وهنا حدث التغيير في حياتي، فوفاته شكلت منعطفا حادا في مجرى الأمور كلها، حيث كان لوالدي زوجة في الإمارات، ولديه منها ستة أطفال يعيشون معها، ولابد لهم من معيل وشخص يكمل رسالة الوالد فيهتم بتربيتهم، ومن ثم توجهت إلى وطني الإمارات، قبل أن ألتحق بالجامعة، وقدمت أوراقي لأعمل في المجلس الوطني الاتحادي، وحيث إني متمكن من اللغة العربية، فقد عملت محررا ضابطا بقسم التحرير، في الأمانة العامّة للمجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات 1976- 1979م، وهي أول وظيفة أشغلها في حياتي العملية، وتزامنت مع أول تشكيل للمجلس برئاسة ثاني بن عبدالله رحمه الله، وأذكر أني في الوقت ذاته لا أتوقف عن المشاركات الأدبية، وإعداد البرامج للإذاعة والتلفزيون في أبوظبي. ويتابع: لم تنقطع صلتي بالثقافة فقد عملت مذيعاً متعاوناً مع إذاعة وتليفزيون أبوظبي 1977م، وكنت لا أزال موظفاً في الأمانة العامة للمجلس الوطني، ثم أصبحت قارئ نشرات الأخبار، ومعدّاً ومقدماً للبرامج السياسيّة والثقافية متعاوناً مع تلفزيون وإذاعة الإمارات من أبوظبي، خلال الفترة من 1977- 1979م. ويشير إلى أن تلك المرحلة كانت تصدر في أبوظبي جريدة «الوثبة»، لصاحبها سيف بن جبر السويدي، فكنت أقرأ تلك الصحيفة وأكاتبها وكذلك مجلة الأيام لصاحبها يوسف العمران رحمه الله، لأن اهتمامي كبير بالفنون والثقافة، ورغم أني خريج علوم سياسية إلا أنني كنت ولا زلت شغوفا بالأدب والشعر، وأرى أن السياسة لا تنفصل عن الثقافة والفنون، ورغم شغفي بالقراءة والاطلاع لمواصلة تثقيفي ذاتيا، إلا أنني لم أغفل عن رعاية إخوتي، والذين عدت من الكويت إلى أبوظبي لأجلهم. ويضيف خلال عملي مثلت دولة الإمارات في مختلف المنتديات والمحافل الثقافية والملتقيات الفكرية والندوات، والمهرجانات الفنية والرياضية في مختلف الدول العربية مثل العراق ومصر والأردن، وبعض الدول الأجنبية مثل الهند وكوريا الشمالية وسويسرا، ثم نلت شرف مرافقة مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، في أول رحلة له إلى طهران، بعد قيام دولة الإمارات. وبعد أن مكنني الله من تعليم إخوتي، تقدمت للزواج من فتاة خريجة دراسات إسلامية، وهي التي حفزتني وشجعتني على استكمال دراستي الجامعية، فالتحقت بالجامعة الأردنية بالعاصمة عمان، وحصلت على درجة بكالوريوس إعلام تخصص إذاعة وتليفزيون، ثم الماجستير في العلوم سياسية بامتياز تخصص إعلام سياسي دولي، ثم الدكتوراة في العلوم السياسية تخصص فلسفة الفكر السياسي العربي. وعن تفاصيل هذه المرحلة يقول: تقدمت للحصول على الدكتوراة عندما كنت أعمل نائب مدير مؤسسة الثقافة والفنون لشؤون الإعلام في المجمع الثقافي، حيث حصلت على منحة من جهاز أبوظبي للاستثمار، للدراسة في جامعة دورم شمال شرق لندن في قرية نائية وموحشة، وكنت أشعر بضيق شديد لأني لم أكن معتادا على فراق زوجتي وأطفالي، وأعتبرها من أصعب مراحل حياتي. ويضيف «منحتي الدراسية تشمل اصطحاب زوجتي لتكمل دراساتها العليا وتعليم أبنائي أيضا، ولكن زوجتي خشيت أن يؤثر اغترابنا الجماعي على تربية أطفالنا وسلوكاتهم، وهي تريد لهم نشأة إسلامية عربية لا تخالطها معتقدات غربية، خاصة في مراحل التأسيس، وفي ذات الوقت لتحافظ على لغتهم العربية وتقويها، فآثرت البقاء معهم في أبوظبي. زايد موضوعه للدكتوراة ولرسالة الدكتوراة قصة يرويها الحوسني قائلا: كنت نذرت نذرا، علي الوفاء به، من أجل الرجل الذي كان وسيظل قدوتي في الحياة، وهو نبراس الأمة، مؤسس الدولة، زايد الإنسانية رحمه الله، فقد فجعني خبر وفاته، وهو الذي غرس فينا كل تلك القيم المستقاة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم. ولذلك قررت أن يكون موضوع أطروحتي في الدكتوراة، حول الفكر السياسي والإنساني للشيخ زايد كزعيم، وكانت مكتبة لندن تفتقر إلى مراجع خاصة بالموضوع، ولكن المشرف على دراستي نصحني أن أعود إلى الخليج العربي، حيث يوجد في شركة نفط البحرين (بابكو) أرشيف خاص بالمراسلات، لأن المندوب السامي البريطاني، يوثق لمراحل تاريخية مختلفة للنظم السياسية في منطقة الخليج، وهكذا أتممت سنوات التحضير والإعداد للدكتوراة مرتحلاً ذهابا وإياباً، ما بين أبوظبي ولندن والبحرين لأكثر من أربع سنوات. العطلات الدراسية موسم القراءة الكثيفة قال الدكتور حمد الوحسني كنا نستغل العطلات الدراسية الصيفية في القراءة الكثيفة في المرحلة الثانوية، لدرجة أنه إذا مر يوم دون أن اقرأ كنت أشعر كأني مريض، وكان جل اهتمامي منصبا على الشعر والمسرح والرواية، ولا يمكن لأحد أن ينكر أننا جيل الثقافة، لأن أهتمامنا بالتثقيف الذاتي كان بالغا، كنا نقضي معظم أوقاتنا أثناء العطلات الدراسية في قراءة الكتب، على اختلاف مشاربها. وأشار إلى أن هناك فرقا كبيرا بين المتعلم وبين المثقف، فالمتعلم قد يكون محدودا في فكره وقدراته، بينما المثقف يتمتع برؤية واسعه في فكره وابداعاته وقدراته، فهناك شخصيات عالمية غير متعلمة ولكنها تعد مدرسة في الفكر والثقافة. أبسط مثال على ذلك الأديب الكبير عباس محمود العقاد، الذي لم يكن يحمل إلا شهادة الابتدائية، ولكن رغم ذلك كتب العبقريات الشهيرة، ومنها عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم، ثم استمر في كتابة سلسلة العبقريات (مثل: خالد بن الوليد وأبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين)، وترجمت مؤلفاته إلى عدة لغات، والكثير منها يدرس في عدة جامعات عربية وأجنبية، وكان العقاد يجاري المعلمين والمتعلمين وكبار المفكرين بثرائه الفكري. إضاءة شغل الدكتور حمد الحوسني، العديد من الوظائف والمناصب، منها أنه كان مراقب الشؤون الفنية في تليفزيون أبوظبي، بالإضافة إلى عمله كبير المذيعين، ومن أشهر قارئي النشرات الإخبارية الرئيسية. كما عمل معداً ومقدماً للبرامج السياسيّة والثقافية والجماهيرية، خلال الفترة من 1979 - 1984م أي خمس سنوات، وكان فيها رئيس قسم الإعلام في وزارة الداخلية منتدباً من وزارة الإعلام والثقافة 1982 - 1984م، وأنشأ وحدة الإنتاج الإعلامي في المجمع الثقافي في أبوظبي عام 1992م، ثم عمل نائب مدير مؤسسة الثقافة والفنون لشؤون الإعلام في المجمّع الثقافي في أبوظبي منذ بداية يناير عام 1996م، وأيضاً مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة 2000 - 2001م وتطوع في جمعية الهلال الأحمر في أبوظبي، وخلالها ترأس تحرير مجلة الهلال الأحمر (2000 - 2001م) ثمّ أسس قناة الظفرة المتلفزة بتوجيهات من سمو الشيخ عمر بن زايد آل نهيان، وعمل مديراً لها، ثم مستشاراً ثقافياً ومديراً للمركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، ويعمل حالياً مستشاراً في مجلس أبوظبي للتوطين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©