الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا: ديمقراطية تنضج

23 يونيو 2013 23:08
نيجار غوكسل محررة في فصلية «السياسة» التركية رغم جهود المتنافسين السياسيين لتحويل انتخابات 22 يوليو إعلامياً كمواجهة بين الإسلاميين والعلمانيين، فقد كان التركيز في تركيا إلى درجة كبيرة على إدخال الديمقراطية والنمو الاقتصادي والاستقرار. لقد تعاملت حكومة «حزب العدالة والتنمية» مع المشاكل التي بقيت قابعة على الأجندة التركية لعقود عديدة، فحققت نمواً اقتصادياً لم يسبق له مثيل. جمعت العديد من العوامل معاً لإطلاق الدائرة الحميدة التي مرت البلاد بتجربتها. وليس من الضروري أن يلجأ المرء إلى تفسير منطقي أيديولوجي ليفهم لماذا صوَّت الناخبون لمزيد مما سبق، حيث صوَّت ناخب من كل اثنين لصالح «حزب العدالة والتنمية». وليس من الضروري أن يضفي أي كان الرومنطيقية على الحزب. إنها «حكومة أكثرية» ذات مواقف براجماتية اغتنمت الفرص التي تهبها الاتجاهات المحلية والدولية. لعبت مرساة الاتحاد الأوروبي دوراً هاماً في تحقيق عملية توقّع السياسات، وبالتالي تحقيق الثقة لدى أصحاب الأعمال. كانت الحريات المتزايدة، مضافاً إليها شعور بالاتجاه، محفزة ومطمئنة وذات مضامين سياسية واجتماعية واقتصادية يعزز كل منها الآخر. جرى إطلاق دائرة حميدة نتيجة لتوقعات إيجابية ترتكز على عملية التكامل في الاتحاد الأوروبي والتغييرات الهيكلية التي تشملها. ورغم التعقيدات المحيطة بقضية قبرص وخسارة التحفيز الناتج عن رؤية الأتراك للسياسيين الأوروبيين الذين يديرون حملاتهم الانتخابية حول طرح معادٍ لتركيا يفوزون بالسلطة واحداً بعد الآخر في الدول الأوروبية، ارتكبت أحزاب المعارضة أخطاءً في الرهان على الشك بالاتحاد الأوروبي والتشاؤم بالانضمام إليه. انتقد منافسو «حزب العدالة والتنمية»، بصوت واحد تقريباً، وهم يركبون موجة الوطنية المتنامية، انتقدوا الحكومة لـ«تسليمها» الدولة إلى «رحمة» بروكسل على حساب السيادة والوحدة والأمن. واعتُبر استخدام مفاهيم مثل الفخر والشرف أسلوباً لتحويل الرأي العام. وإذا أخذنا بالاعتبار نتائج الانتخابات بدا وكأن هذا الطراز من المبادئ الشعبية لا يثير إعجاب الشعب، فقد مضوا قدماً ويتوجب على الطبقة السياسية أن تلحق بهم. لقد فشلت المعارضة السياسية في التعامل مع القضايا الحقيقية. بدلاً من الجدل حول قضايا مثل الحاجة لدستور جديد وحسنات الإصلاحات المقترحة للإدارة العامة أو نواقص الحكومة فيما يتعلق بحرية التعبير، أثارت المعارضة مشاعر قومية وقدمت تعهدات مضحكة حول أسعار مخفّضة للوقود إذا وصلت إلى السلطة، وأوجدت خلافاً حول قضايا مثل غطاء الرأس الذي تلبسه زوجات القادة في «العدالة والتنمية». كما أن البيان الذي أصدره العسكر، والذي يعني ضمنياً استعدادهم للتدخل إذا تعرضت القضايا الرئيسية للجمهورية لمزيد من التهديدات من طرف «العدالة والتنمية»، جاءت نتيجتها عكسية فزادت الدعم للحزب باسم السياسة المدنية. ليس الأمر عن العلمانية، فأنصار «العدالة والتنمية» يضمون الطبقة الوسطى المتنامية، وأصحاب الأعمال الذين يريدون حماية استثماراتهم، والأكراد الذين يسعون للحصول على مزيد من الحقوق، والمواطن العادي الذي يريد أداءً أفضل من المؤسسات العامة، والمتدينين الذين شعروا أنه يتم استثناؤهم من قبل الدوائر الأخرى. وحتى يتسنى تعزيز التغيير، يتوجب تعديل كل من قانون الانتخاب وقانون الأحزاب، فهي تخلق حسب وضعها الحالي هياكل هرمية سياسية وتعزز علاقات الرعاية والمناصرة. هذا النظام لا يتواءم مع متطلبات مجتمع يزداد علماً وتشاركية. إضافة إلى ذلك فإن المناعة الواسعة التي تعطى للبرلمانيين تضم الشعور الاجتماعي بالعدالة والمساءلة، ويتوجب التعامل معها بشكل ملحّ. لم تنته مشاكل تركيا بعد، وسوف يتوجب على «العدالة والتنمية» أن يواجه تحدياته الجديدة. عليه أن يرأب الصدع بين مطالب الوطنيين الأكراد ومواقف المتشددين في الوقت نفسه، وتطمين المتحررين إلى أن أسلوب حياتهم لن تغطي عليه الطبقات المحافظة الصاعدة. البرلمان الجديد يحمل إمكانات إما لتعديل خطوط الفصل الاجتماعية أو المزيد من الاستقطاب. وإلى ذلك، على الأحزاب الأخرى أن تدرس واقعها وتعيد تنظيم نفسها حسب توقعات الشعب. فتركيا تحتاج إلى حزب معارضة قوي يشكل وزناً مكافئاً لـ«العدالة والتنمية»، بتوجه جديد ووجوه جديدة. لقد نضجت الديمقراطية التركية في السنوات الأخيرة. وتحتاج أوروبا لنماذج أكثر قدرة وذكاءً لتحليل التغيرات الجارية في تركيا. وإذا حكمنا على سوء الحسابات الذي ارتكبته المعارضة، فإن الأتراك أنفسهم بحاجة لذلك أيضاً. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©