الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرياتنا خلف الجدران

31 مايو 2006

الحرية من أنبل الكلمات وأرق المعاني وأسمى المشاعر تدفع الإنسان للتعبير عن رأيه وما يدور في خلده بصدق دون خوف أو قلق أو اضطراب، والحرية منبع للسعادة وسبيل إلى تحقيق الغايات ونيل الأماني ودرب لإحياء الكلمة الغامضة أو المخفية وما هي إلا الكلمة المضيئة التي تبدد الظلمات وتكشف الخفايا وتنير الطرقات وتنهض بالمجتمعات والأوطان والحرية إبراز لشخصية الإنسان والغوص في مجاهل النفس الإنسانية وإخراج ما يكمن في داخلها من نيران تكاد تحرقها وتودي بها، ففي إخراجها حياة للإنسان وبكبتها الممات والدمار لنا جميعاً فمن سلب الحرية كمن سلب الحياة ومن امتلك الحرية الحقيقية فكأنه امتلك الحياة والدنيا بأسرها، وإذا كانت أيام العبودية قد ولت ببزوغ نور الإسلام فما زال يحيا الكثير من الناس إن لم يكن كلهم حرية مكبلة ومزيفة بل ضائعة وسجينة خلف الأسوار يفرضها أصحاب السواعد القوية على من هم أضعف منهم، يفرضها أرباب المهن على القائمين على أعمالهم بتسلط وجهل بدون مراعاة لمشاعرهم أو حرياتهم التي كفلها لهم الإسلام، حتى صاحب العمل ربما يجد من هو أقوى منه فيذيقه من الكأس الذي جرعه لموظفيه وها هي الدنيا ليس هناك قوي إلا ووجد من هو أقوى منه·
من هنا فقدنا جميعاً حرياتنا وأصبح القوي منا يستعبد الضعيف ويذيقه الأمرين فنحن في كتاباتنا مقيدون وفي أعمالنا مكبلون حتى بين أبنائنا وأسرنا منقادون، فالمطرقة فوق رؤوسنا والسكين مسلطة على أعناقنا من هنا يتم الأفراد وغاب الصدق ودوى النفاق واستشرت الآفات وتملكنا الخوف والفزع وأضحت عبودية الجاهلية الأولى أرحم من شبح حريتنا المزعومة، فحريات الأفراد سجينة في زنزانة خلف الجدران ومن يحاول تخليصها أو الحصول عليها يدفع دمه فداء لها وحريات بعض الشعوب مدفونة تحت الركام يهب الأفراد دماءهم رخيصة من أجل التنقيب عنها فتحصد الأرواح وتظل شمس الحرية غائبة·
من هنا تفشت الأمراض وانتشرت الآفات وغيبت القيم وضاعت الأخلاق وتفشى ما يعرف بالإرهاب وأصبحنا مكبلين بالسلاسل خلف الجدران نعيش سراباً اسمه الحرية·· فالحرية الحقيقية هي ليست الحرية التي يفرضها الغرب علينا ويغمسونها في دلائنا بل هي الحرية المقيدة بتعاليم الإسلام والنابعة من هدي القرآن وسُنة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وهي سبيلنا إلى الرقي والسعادة والحب والصفاء والنقاء والصدق فأنشدوها تسمو حياتكم وتنهض أوطانكم·
محمود عبدالباقي
مدرسة الحباب بن المنذر
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©