السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

اليونان لا تموت

22 يونيو 2012
كثيرة هي الأشياء التي تستوقفنا، ونحن نتابع مونديال القارة العجوز الذي دخل منذ أمس مرحلة حاسمة في رسمه لملامح البطل، أشياء في صورة ظواهر فنية، وأخرى تأتي على هيئة دروس مستفادة يستطيع كل من يعمل بكرة القدم أن يضمها إلى مفكرته، إلا أن ما أنجذب إليه شخصياً هو ما تأتي به الصحف من ردات فعل اتجاه إنجازات أو خيبات منتخباتها، وطبعاً من يقول إن أوروبا تعيش صيفاً غير عادي مع مونديالها الصغير الذي يحطم كل الأرقام من حيث المشاهدة، يقول أيضاً إن البطولة هي مسرح يتبارى فيه الساسة ورجال الأعمال والاقتصاد وخبراء التنبؤات من أجل ايصال رسائل مشفرة إلى من هم حلفاء في الانتماء وخصوم في جبهة النضال من أجل تكريس الاستقلالية السياسية قبل المالية. وبينما احتفلت صحف البرتغال بكريستيانو رونالدو ووصفته بالاعصار وهو يضرب شرقاً وغرباً منتخب هولندا، بينما وصفت صحافة روسيا منتخبها بالجالب للعار وقالت إنه حطم القلوب ودمر المشاعر، وجدنا صحف اليونان تأخذ منحى آخر في احتفالها بمنتخبها الذي بلغ الدور ربع النهائي، وقد أعاد الدب الروسي خائباً إلى أصقاعه، صحيح أنها هنأت لاعبيها ومدربها على أدائهم البطولي المستلهم من روح الأسطورة الساكنة في بلاد الإغريق، ولكنها وجدت في إنجاز التأهل وقد باع الكل من خبراء الحدس والتوقع والقراءات القبلية جلدها رخيصاً، وفي ومواجهة منتخب بلدها للمانشافت الألماني في الدور ربع النهائي ما يحفز على التنفيس عن كرب وتحرير شعور بالخيبة فتعددت الرسائل المشفرة والواضحة إلى أنجيلا ميركل السيدة الأولى لألمانيا. صحيفة “جول نيوز” كانت مباشرة جداً عندما قالت «إجلبوا لنا المستشارة أنجيلا» وكتبت ساخرة «لن تنجحوا في إخراج اليونان من منطقة اليورو، أوروبا تهذي مرة أخرى حول اليونان المفلسة». وعنونت صحيفة «سبورت داي» تعليقاً على إنجاز الصعود: «هكذا يتأهل المدينون لك، استعدي يا أنجيلا»، وصعدت صحيفة «برازيني» اللهجة عندما كتبت «هذه اليونان.. أيها الساقطون». قطعا ليس في بلوغ اليونان دور الثمانية ما يمثل مفاجأة كروية، كما أعتقد الكل، فهذا المنتخب حاز اللقب وبأجمل صورة سنة 2004، وقدم لحظتها إشعارا باختمار تجربة لها خصوصياتها الفنية، وهو اليوم يقدم فاصلاً من فواصل تلك الأسطورة، ولكن ما هو عميق في رسالة اليونان أن البلد لن يصاب بالسكتة الدماغية حتى لو أفلست أبناكه وماليته وتحرش به سادة منطقة اليورو بالوعيد وبالتوبيخ وبرسائل التهديد بالطرد الفوري، فهناك كرة قدم تستطيع أن تغوص في كهوف التاريخ والأساطير لتأتي بقناديل تضيء ما تعتم في الزوايا وتزرع البسمة في شفاه حزينة. هناك كرة قدم تعطي معنى للحياة والأمل. بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©