الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختبار السرعة

22 يونيو 2012
بصراحة، ومن دون أي مقدمات، وبعد المقالات الثلاث التي كتبتها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في هذه الصفحة المخصصة للسيارات وجديدها، وبعد كم النصائح والمواعظ والإرشادات التي أغرقنا بها قراء مقالاتنا، وبعد الكثير من أدوات “الترهيب” المتنوعة والمتعددة التي تضمنتها جمل وكلمات هذه المقالات.. بعد كل هذا لن أدعي اليوم أني استفدت تلك الفائدة الكبيرة التي يجب أن تذكر، ولن أدعي اليوم بأن أغلب ما تقدم انعكس بشكل كبير ومباشر على طريقة قيادتي ونوعيتها، ولن أقول إنني تمكنت من السيطرة على سرعة سيارتي، تلك السرعة التي طالما أشرنا أنها إذا تخطت المتعارف عليه، فإن سيارتك هي التي ستسيطر عليك، وليس أنت أو أنا من سيسيطر عليها. كل الذي قدمته لك قارئنا العزيز، لم يثن تلك الرغبة في نفسي إلى السرعة، ولم يأت بتلك الرهبة في نفسي أيضاً من هذه السرعة، فعند ركوبي سيارة مجهزة بالتقنيات والتجهيزات الحديثة كافة والمصممة لأن تسرع، لا أقدر على السيطرة على رجلي اليمنى، ولا أقدر من قيادة هذه السيارة إلا بسرعة. وهذا ومن دون أدنى شك ليس هو حالي أنا فقط، بل هي حال العشرات إن لم يكن المئات من مالكي السيارات وراكبيها. يبدو أنني قد نسيت نفسي، وبدأت ببعض المقدمات الطويلة التي قد لا تعجب البعض، ولكن “خلاصة” ما أريد قوله، أنني، وعلى الرغم من كتاباتي ونصائحي للقراء بعدم السرعة وتوخي الحذر منها، والابتعاد عنها، إلا أنني، وفي بعض الأحيان، أجد نفسي ومن دون شعور إذ بأحد الرادارات قد “صورني”، وأنا أسير بسرعة فوق المسموح بها، وكأن هذه السرعة تسير بدمي ودم من يقدم عليها، وكأني أشعر وأعتقد في الوقت نفسه أنني عندما أسرع سأصل بسرعة إلى مكاني المنشود، وأنني بهذه السرعة لن أضيع موعداً مع صديق، أو لقاء عمل مع مدير أو حتى وجبة غداء أو عشاء دسمة تنتظرني على مائدتها زوجتي أو أحد أفراد عائلتي. قمت بعمل اختبار أنا وأحد الأصدقاء من “مدمني السرعة”، “مترصدي الرادارات”، واتفقنا أن يطلق العنان هو لأحصنة سيارته ذات المئات منها، ويسير بما يستطيع، ويقدر من سرعة “متاحة”، وألا أتجاوز أنا بسيارتي سرعة 120 كلم في الساعة، وكانت نقطة الانطلاق في دبي بداية شارع الشيخ زايد، وكانت نقطة اللقاء في أبوظبي، بداية شارع السلام الجديد. وبصراحة كانت صدمتي ودهشتي التي أثرت بي، وتأثرت بها، أكثر بكثير من مشاهدتي للعديد من صور وفيديوهات حوادث السيارات، وما تنجم عنه من مآسٍ وأوجاع تحطم نفوس المجني عليهم، أو ترهق معها كاهل أبٍ موجوع لفقدانه أحد أبنائه، أو أم ثكلى لفراقها أحد فلذات أكبادها. كانت النتيجة في هذه التجربة أننا وصلنا أنا وصديقي السريع في الوقت نفسه تقريباً، وكان الفارق أقل من دقائق، لا يجوز أن تذكر، دقائق قد تكون فاصلة في حياة المتهورين، دقائق قد تكون قاتلة في حياة المسرعين، عشاق الطيران على الأرض، من محبي التهور، والمتلذذين بسماع هدير محركات سياراتهم، غير مبالين بسماع نداءات واستغاثات ونصائح أمهاتهم وآبائهم. المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©