الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نبرة الصين المتشددة... موضوع قراءات متعددة!

31 يناير 2010 21:12
جون بومفريت كاتب ومحلل سياسي أميركي يبدو أن ردة فعل الصين الغاضبة إزاء إعلان الولايات المتحدة بيع أسلحة لتايوان تتماشى مع مواقفها الجديدة ذات النبرة الانتصارية التي بدأت تقلق الحكومات والمحللين على حد سواء في مختلف أنحاء العالم، فمن مؤتمر كوبنهاجن حول التغير المناخي إلى المعركة حول حرية الإنترنت مروراً بالتجاذب على الحدود الصينية مع الهند، رصد مراقبو الشؤون الصينية نبرة صارمة بدأت تنبعث من بكين، ومن ممثليها، فضلا عن المحللين في مراكز التفكير النافذة هناك. فخلال استدعائه للسفير الأميركي، جون هانتسمان، يوم السبت الماضي، حذر نائب وزير الخارجية الصيني "هي يافاي" الولايات المتحدة من "تداعيات خطيرة" إذا لم تلغ قرارها ببيع تايوان ما قيمته 4.6 مليار دولار من الأسلحة التي تشمل الطائرات المروحية وصواريخ "باتريوت" وكاسحات الألغام ومعدات أخرى للاتصالات. واللافت أن ردة الفعل المتشددة جاءت حتى بعد ثلاثة أشهر على معرفة الصين بالصفقة المخطط لها مسبقاً. وهذا التغير في المواقف الصينية عبر عنه "كينيث ليبرثال"، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي، والذي يعمل حالياً في معهد بروكينجز، قائلا: "لقد لاحظنا تغيراً في سلوك بكين، فالصينيون أدركوا بمزيد من الدهشة أن الناس ينظرون إليهم كلاعب أساسي على الساحة الدولية، وهو ما غذى لديهم شعوراً بالثقة"، ويضيف "ليبرثال" إن عاملا آخر يقف وراء لهجة الصين الجديدة هو ذلك الشعور بأنها بعد قرنين من الاستغلال الغربي استعادت دورها كإحدى الأمم العظمى في العالم، وقد أدهشت هذه المواقف الجديدة المسؤولين الغربيين والمحللين الأجانب ودفعتهم إلى التساؤل عما إذا كان التغير مقتصراً على المواقف، أم أنه سيمتد أيضاً إلى السياسات الصينية الرسمية. وكدليل على هذا التحول في المواقف اعتبر أحد المسؤولين الأميركيين البارزين السلوك الصيني في شهر ديسمبر الماضي خلال مؤتمر كوبنهاجن حول المناخ غير مألوف عندما وبخت بكين بشكل علني مبعوث البيت الأبيض، تود ستورن، وأوفدت موظفاً في وزارة الخارجية إلى حدث يشارك فيه قادة الدول أساساً، كما عارضت بشدة تحديد أهداف ثابتة لخفض الانبعاثات في الدول المتقدمة! أما القضية الأخرى التي استرعت انتباه المراقبين فهي حرية الإنترنت التي أبرزها التحذير الأخير من قبل شركة "جوجل" بمغادرة الصين إذا لم توقف بكين عملية الرقابة على المواقع الإلكترونية، وهو الموضوع الذي حُذف بطلب من الصين من أجندة المناقشات خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في سويسرا. وحسب المراقبين يبدو أن مزيجاً من الشعور بالقوة وبانعدام الأمن، في الوقت نفسه، يحركان المزاج الصيني في الفترة الأخيرة، فمن جهة تعتقد بكين أن السهولة النسبية التي تجاوزت بها الأزمة الاقتصادية العالمية تؤكد تفوق نظامها، وأن الصين ليست فقط في طور الصعود بل لقد وصلت بالفعل إلى مكان قريب من قمة هرم المسرح الدولي، وبوتيرة أسرع مما كان متوقعاً. ومن جهة أخرى أججت الأحداث الأخيرة التي شهدتها المناطق الغربية الصينية في التيبت و"سينكجيانج" مخاوف الصين على نظام الحزب الواحد، بحيث بات يواجه أي تهديد متخيل لقوتها بحدة مبالغ فيها. ومن جانبه نفى متحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن أن تكون بكين قد غيرت من مواقفها قائلا: "لقد كان موقف الصين من مبيعات الأسلحة لتايوان وقضية التيبت واضحاً ومتماسكاً، فهذه القضايا تتعلق بالسيادة والوحدة الترابية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمصالح الأساسية للصين". والحقيقة أن الشعور بعدم الارتياح بشأن لهجة الصين الجديدة على الساحة الدولية يشترك فيه الأوروبيون أيضاً، وهو ما لخصه عنوان ورقة أصدرها المركز الأوروبي للإصلاح "كيف ترد أوروبا على صعود الصين الصاخب؟". فقبل عامين فقط كـان محرر الورقـة، تشارلز جانيت، وهو مدير المعهد، قد تنبأ بأن الصين والاتحاد الأوروبي سيعملان معاً على صياغة النظام العالمي الجديد، ولكنه اليوم يقول في لقاء أجري معه خلال مشاركته في دافوس: "إن هناك مراجعة حقيقية تجري حالياً في أوروبا إزاء علاقاتها مع الصين، ومع أن الحكومات الأوروبية لا تعرف كيف تتصرف، إلا أنها أدركت أن سياساتها لم تنجح". يذكر أن المسؤولين الأميركيين بدأوا يلمسون تغير المواقف الصينية أول الأمر خلال العام الماضي حيث تعددت القصص والحكايات وتوزعت بين السياسي والشخصي، فقد وجه في السنة الماضية رئيس الوزراء الصيني، "وين جيابو"، انتقاداً شديداً للولايات المتحدة خلال مشاركته في منتدى الاقتصاد العالمي بدافوس بسبب إدارتها السيئة للاقتصاد، وبعد أسابيع قليلة شكك المصرف المركزي الصيني في قدرة الدولار على الاستمرار في لعب دوره كعملة احتياط دولية. وفي مثال آخر أكده العديد من المصادر أن مسؤولاً أميركياً له علاقة بالاقتصاد استضاف نظيره الصيني الذي لم يتردد في إبداء ملاحظات مهينة حول المكتب الذي يديره، وفي المساء حيث كان المسؤول الصيني مدعواً للعشاء في بيت نظيره الأميركي اتصل قبلها ممثل عن المسؤول الصيني ليستفسر عن طبق العشاء، وعندما قيل له السمك، عبر عن استيائه مشيراً إلى أن مديره لا يأكل السمك قائلا "إنه يريد شرائح اللحم، أما السمك فهو يجعلكم ضعفاء"، فتم تغيير الطبق نزولا عند رغبة المسؤول الصيني. وفي أوروبا ربما يكون التغير أكثر وضوحاً ففي خريف عام 2008 ألغت الصين قمة كانت ستعقد مع الاتحاد الأوروبي بعدما التقى ساركوزي مع زعيم التيبت المنفي، الدلاي لاما، وقبل ذلك كانت الصين قد أدانت ميركل، بسبب اتصالاتها بذات الزعيم الروحي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©