الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطاب ميدفيديف... وتراتبية النظام الروسي

24 يونيو 2011 22:18
المنافسة السياسية شيء جيد دائماً. كان هذا هو ما قاله الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف يوم الاثنين الماضي. ولكن الفكرة التي جرت مناقشتها بشكل مكثف والمتعلقة بحدوث مواجهة نهائية بينه وبين سلفه في المنصب ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين، سوف تكون من دون شك شيئاً سيئاً للبلد. وما قاله ميدفيديف جاء في سياق مقابلة مطولة أجراها مع صحيفة "الفاينانشيال تايمز"البريطانية عقب أيام فقط من تحديه للنظام المقود من قبل الدولة، الذي بناه بوتين في كلمة له ألقاها أمام منتدى دولي للاقتصاد، جعلت العديد من المراقبين يَحُكّون جباههم في محاولة لتخمين حقيقة نواياه. وكان من ضمن ما قاله ميدفيديف في ذلك المنتدى:"اعتقد أن من الطبيعي أن يفكر أي شخص يشغل منصب الرئيس في خوض السباق الرئاسي من أجل الحصول على فترة ولاية ثانية". وأضاف ميدفيديف: "الشعب هو الذي يجب أن يقدم إجابة على هذا السؤال. فأفراده هم الذين يحددون ما إذا كانوا يريدون الشخص الذي يشغل منصب الرئيس أم لا يريدونه. وباعتباري رئيساً موجوداً في المنصب، سأضع ذلك في اعتباري عندما آخذ قراري بشأن خوض السباق الانتخابي الرئاسي من عدمه. واعتقد أننا لن ننتظر طويلًا جداً واعتقد أن القرار الذي سيتخذ في هذا الشأن، سيكون قراراً صائباً سواء بالنسبة للاتحاد الروسي أوبالنسبة لي". من جانبهم يقول المحللون إنه من الصعب معرفة كيف سيقوم الشعب بإعطاء مثل هذه الإشارة في النظام السياسي الروسي المهيكل تراتبياً من الأعلى للأدنى والمسيطر عليه بشكل صارم. أحد هؤلاء المحللين هو "أليكسي موخين"، مدير مركز المعلومات السياسية، وهو مركز دراسات وبحوث روسي مستقل الذي يقول:"إذا قرأنا ما بين السطور سنجد من الواضح أن ميدفيديف يريد الإشارة إلى أن بوتين هو الذي سيقرر" وأضاف"موخين": "كثيراً ما يوجه إلى ميدفيديف ذلك السؤال المتعلق بما إذا كان سيخوض انتخابات الرئاسة أم لا، وفي كل مرة يحاول ميدفيديف أن يجد وسيلة للحديث عن هذا الموضوع، دون أن يقدم إجابة محددة. وحقيقة أنه غير قادر على أن يقول نعم... أو لا بشكل واضح وصريح في هذه النقطة من الزمن تعني بجلاء أن القرار المتعلق بهذا الشأن يعتمد بشكل شبه يقيني على شخص آخر". وإذا جئنا إلى بوتين الذي يقود حزب"روسيا الموحدة"، الحاكم فسوف نجد أن هناك دلائل متزايدة على أنه ينوي خوض السباق الرئاسي من أجل الفوز بفترة رئاسية مدتها 6 أعوام في الانتخابات المقرر عقدها في شهر مارس القادم على الرغم من أنه لم يعلن ذلك بشكل صريح الآن. ولكنه قد يكون قادراً على الزعم بأن الشعب قد قدم له إشارة تفيد بموافقته على قيامه بالترشح لخوض تلك الانتخابات. ففي الشهر الماضي أعلن بوتين عن تأسيس"الجبهة المتحدة"، التي يبدو أن الغرض الوحيد منها هو دعم محاولة رئيس الوزراء الروسي المتجددة للزعامة الوطنية. ووفقاً للموقع الإلكتروني للجبهة، فإن آلاف الأشخاص بالإضافة إلى 500 مؤسسة عامة، قد انضموا إليها حتى الأسبوع الماضي. ومن المعروف أن الكثيرين قد نظروا إلى الخطاب الذي ألقاه ميدفيديف الذي كان يبدو أكثر ليبرالية بكثير من بوتين بشأن المسائل السياسية والاقتصادية أمام المنتدى المذكور قد نُظر إليه باعتباره بياناً انتخابياً ليبرالياً يتحدى به نهج "الاستقرار أولاً"، الذي يدافع عنه بوتين، وكان من ضمن ماقاله ميدفيديف في هذا الخطاب:"إن روسيا تحتاج إلى تحديث من القمة للقاعدة لتحويلها إلى مركز قوة اقتصادي في القرن الحادي والعشرين. ودعا ميدفيديف إلى تسريع برنامج خصصة بعض الأصول، واتباع النظام المركزي في السلطة السياسية، والإصلاح القضائي، والحملة على الفساد، والسفر من دون تأشيرات بين روسيا وأوروبا. وعندما سأله صحفي من "الفاينانشيال تايمز" عما إذا كان يفكر في خوض سباق الرئاسة أمام بوتين من خلال منافسة انتخابية مفتوحة، تمكن الشعب الروسي من الاختيار بين رؤيته ورؤية بوتين، كانت إجابة بوتين الصريحة هي: لا. بيد أن الكثير من المراقبين يقولون إنهم قد بدؤوا يشكون أن ما يحدث في روسيا في الوقت الراهن بشأن الترشيح للانتخابات القادمة يبدو كمشهد سياسي ممسرح يهدف لخلق الانطباع بأن الاختيار الشعبي بين ميدفيديف وبوتين، في حين أن القرار الفعلي سيتم اتخاذه وراء أبواب الكريملن المغلقة ووفقاً لجدول زمني من إعداد بوتين ذاته. يشرح "سيرجي ستروكان" كاتب العمود في جريدة "كورسانت" الليبرالية اليومية، التي تصدر في موسكو بقوله:"بعد السنوات التي قضاها ميدفيديف في منصب الرئيس، لم نر تغييراً حقيقياً في البلاد." ويرى "ستروكان" أن خطب ميدفيديف البليغة التي دأب على إلقائها، والتي كانت تركز على "نزعته الإصلاحية"، قلما كانت تترجم في صورة أفعال حقيقية في أرض الواقع. ويلفت "ستروكان" النظر إلى نقطة مهمة عندما يقول:"لو كان لدى ميدفيديف طموحات سياسية حقيقية، لكان قد عبر عنها بشكل صريح وأمين وواثق بالفعل. ولكن ما نراه أمامنا هو رجل مهذب يبتسم دائماً، ويلقي خطباً جيدة، وهي أشياء في معظمهما تخاطب الغرب". "ما يتضح أمامنا تدريجياً، هو أن ميدفيديف يلقي مثل هذه الخطب من أجل إنقاذ ماء وجهه، بحيث إذا خرج من السلطة تذكره الناس باعتباره رجلاً إصلاحياً وليس مجرد دمية". فريد وير محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©