السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأب» فشل في الهجرة لتحلم الأرجنتين بالمجد مع ميسي

«الأب» فشل في الهجرة لتحلم الأرجنتين بالمجد مع ميسي
9 يوليو 2014 01:35
باءت محاولات خورخي هوراسيو ميسي، والد أسطورة العصر ليونيل ميسي للهجرة إلى أستراليا بالفشل، فقد كان خورخي يعاني ظروفاً مادية قاسية، مثل الملايين من أبناء الأرجنتين وأميركا اللاتينية، وهو الذي يعمل في أحد مصانع الحديد والصلب، فيما كانت الأم سيليا «عاملة نظافة» بنظام الدوام الجزئي، ولم يتمكن الأب من تحمل تبعات ومشكلات الأزمة الاقتصادية التي كانت تسيطر على الأرجنتين والقارة اللاتينية بأسرها، كما أن تلك الفترة شهدت هجرة 13 ألف أرجنتيني إلى أستراليا، وتحديداً صوب ملبورن، وسيدني، مما جعله يكثف المحاولات للانتقال بعائلته إلى هناك. وبعد أن فشلت مساعي الأب بالهجرة إلى «أرض الأحلام» الأسترالية، ومع وجود 4 أطفال فيما بعد، وهم رودريجو، وماتياس، وليونيل، وماريا، بدأت الأسرة تشعر بالمزيد من صعوبات الحياة، ولكن بعد مضي ك ل هذه السنوات، تألق ميسي ليصبح اللاعب الأشهر والأعلى أجراً والأكثر دخلاً في عالم كرة القدم، وتقدر ثروته بـ200 مليون دولار، كما أن قيمة الشرط الجزائي في عقده مع «البارسا» تصل إلى 270 مليون دولار. ميسي وأستراليا قصة ميسي مع الكرة الأسترالية، ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة، خاصة أنه مجتمع مهاجرين يستقبل الآلاف من الراغبين في العيش والعمل به، فقد عاش جد كريستيانو رونالدو في أستراليا، وتحديداً في مدينة بيرث، وبدأ كريستيان فييري نجم ومهاجم الكرة الإيطالية مسيرته، حينما كان طفلاً في أحد الأندية الأسترالية، كما أن والد ساماراس مهاجم المنتخب اليوناني من مواليد أستراليا، ولعل قصص ووقائع ارتباط هؤلاء النجوم بالكرة الأسترالية تؤكد أن القدر يلعب دائماً ما يقول كلمته في توجيه هذا اللاعب أو ذاك منذ طفولته إلى بلد أو ناد بعينه، وحينما يفكر البعض في السيناريو المختلف، يبدو الأمر وكأن حركة التاريخ كانت مرشحة للتغير. الأمر يتعلق في المقام الأول بالساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي، والذي بقي أرجنتينياً لأن مساعي الأب للهجرة إلى أستراليا لم تنجح، وفي حال كانت كللت بالنجاح لكان من الوارد بنسبة كبيرة أن يصبح «ليو» لاعباً في صفوف المنتخب الأسترالي، وبالنظر إلى الجانب الآخر من الصورة، يبدو الأمر أكثر فزعاً للملايين من عشاق «التانجو»، الذين انتظروا ميسي لأكثر من ربع قرن لكي يعيد لهم لحظات المجد، فقد فعلها الأسطورة دييجو أرماندو مارادونا عام 1986، وأهدى الأرجنتين ثاني وآخر ألقابها المونديالية، ويبدو أن الوقت قد حان ليتقمص ميسي شخصية مارادونا، ليصبح «ميسيدونا» بحسب التعبير الذي أطلقته عليه الصحافة الكتالونية، بعد أن سجل هدفاً أسطورياً في «الليجا» على طريقة مارادونا. البيئة أهم من الموهبة بدوره، أكد الكاتب الإسباني جويليم بالاجوي في كتابه «ميسي» الذي يكشف خبايا وأسرار السيرة الذاتية لنجم «التانجو» وفريق «البارسا»، أن أن اقتراب الأب خورخي من الهجرة إلى أستراليا كان أمراً مثيراً وباعثاً على طرح الكثير من التساؤلات، مما دفع الكاتب إلى التوجه بهذا السؤال إلى المدرب الشهير سيزار مينوتي، والذي قال: «لم يكن ممكناً أن يصبح ميسي مبدعاً إلى هذا الحد لو هاجر مع عائلته إلى أستراليا، صحيح أن الموهبة فطرية في جزء منها، ولكن في الأرجنتين يمارس الأطفال كرة القدم في كل مكان، مما يجعل البيئة تلعب دور البطولة في تعزيز وتشكيل الموهبة، ويكفي أننا نعيش في بلد تستأثر فيه كرة القدم بكل شئ، ولا يوجد منافس لها في المجال الرياضي على الأقل، بل قد لا يوجد منافس حقيقي لكرة القدم في قلوب الأرجنتينيين في أي مجال من مجالا ت الحياة». وتابع مينوتي: «ميسي ابن مدينة روزاريو، إنها واحدة من أكثر مدن العالم عشقاً لكرة القدم، في هذه المدينة تركيبة خاصة، ومزيج عبقري، لديهم الطعام الجيد، وهم يعشقون الرياضة بشكل عام، ولديهم شغف جنوني بكرة القدم، وفي مثل هذه الأجواء يمكن أن تحصل على موهبة عبقرية مثل ميسي، الأرجنتين هي البلد التي أنجبت ألفريدو دي ستيفانو، ودييجو أرماندو مارادونا ثم ليونيل ميسي، ولم يتمكن هؤلاء من الوصول إلى القمة بسهولة، فقد كان لديهم في مرحلة الطفولة تحد خاص مع آلاف الأطفال الموهوبين، وفي نادي مثل نيولز أولد بويز، من الشائع أن تجد 1000 طفل أو أكثر يتصارعون من أجل إثبات أحقيتهم في اللعب للنادي، ومن هنا يولد التحدي، وتخرج الموهبة التي تقترب من درجة العبقرية، ما أعنيه أن ميسي لو هاجر إلى أستراليا لم يكن لتظهر موهبته بهذه الكيفية». وحرص كاتب السيرة الذاتية لميسي على تسليط الضوء على بداياته، والتي كانت في ناد صغير يدعى جراندولي، وبرز فيه بشدة قبل أن يتجاوز الخامسة من العمر، فقد كانت موهبته لافتة، والمدهش في الأمر أن طريقته في المراوغة وأسلوبه في الأداء لم يتغيرا منذ أن كان في الخامسة من العمر، وحتى الآن، وفي استطلاع لرؤية خورخي فالدانو عن ميسي، قال: «ميسي لم يتغير، لديه طريقة أداء ثابتة منذ أن كان طفلاً صغيراً وإلى الآن، مما يؤكد أنه يتمتع بموهبة خاصة، فهو يجمع بين السرعة الفائقة والمهارة على الرغم من قصر القامة، لم يكن سهلاً على أي طفل آخر أن يأخذ الكرة منه». وبعد سنوات قليلة انتقل ميسي من النادي الصغير إلى أكبر أندية المدينة، بل أكبر أندية الأرجنتين، وهو نيولز أولد بويز، ليؤكد موهبته الخارقة، وفي عمر العاشرة تم الكشف عن إصابته بمرض نقص هرمون النمو، ومن هنا جاءت نقطة التحول الكبرى في حياة ميسي والعائلة، فقد تقدم برشلونة بعرض مغر للعائلة، يتضمن وجودهم جميعاً في إسبانيا، مع توفير عمل للأب، ورعاية طبية لميسي، مع ثقل موهبته في أكاديمية «لاماسيا». عشق الساحرة وعلق ميسي على مرض نقص هرمون النمو فقال: «كنت أعلم جيداً في طفولتي أن لدي مشكلات في النمو، ولكنني لم أسمح لهذا الأمر أن يؤثر على ممارستي لكرة القدم، لم يكن لدي اهتمام في الحياة يضاهي كرة القدم». وفي موضع آخر من السيرة الذاتية لميسي، قال كاتبها الإسباني: «بعض الجينات الوراثية قد يكون لها التأثير الأول في تشكيل الموهبة، وميسي قصير القامة، ولديه توازن فائق في حركته، مثل هذا التكوين الجسدي يساعد على المراوغة، وهو سريع بالوراثة والفطرة، ولكن الجين الوراثي الأهم لا يتعلق فقط بالجسد، بل بالعقل والقدرات الذهنية، ميسي لديه القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في جزء من الثانية، كما أن درجة تركيزه مذهلة، ولديه شغف يصل إلى حد الهوس بكل ما يفعله داخل الملعب، سواء فيما يخض المراوغة أو التمرير أو تسجيل الأهداف، هذه الأشياء تعود إلى الجينات الوراثية، ويضاف إلى كل هذا بيئته الكروية التي ترعرع فيها في روزاريو». وفي موضع آخر في السيرة الذاتية لميسي كتب جويليم: «في المجتمعات الفقيرة مثل الأرجنتين، قد يكفي أن ينظر الأب إلى الابن ويقول له سوف تصبح لاعباً كبيراً، ومن هنا يبدأ الطفل في رعاية الحلم إلى يصبح حقيقة، يبدو أن هذا حدث مع ميسي، فقد كانت عائلته عاشقة لكرة القدم، وحظي بتشجيع الجميع، كما أن شقيقه كان لاعباً جيداً، ولكن ميسي كان أكثر موهبة». مجد دييجو في أحد أهم أجزاء السيرة الذاتية لميسي، يؤكد الكاتب الإسباني أن توقف مشروع هجرة الأب إلى أستراليا، ورفض ميسي تمثيل منتخب إسبانيا عام 2004، جعلا حركة التاريخ الكروي تتغير إلى الأبد، فهو الآن أقرب ما يكون إلى جلب كأس العالم للمنتخب الأرجنتيني، وفي حال فعلها وأتى بالكأس من أرض البرازيل إلى بوينس آيرس، فسوف يصبح أسطورة الأساطير، ولن يتمكن أحداً من القول إن شعبية مارادونا ومكانته في القلوب تفوق مكانة ميسي، فهذا الأخير دفع ثمناً باهظاً لهجرته المبكرة إلى إسبانيا، إنه السبب الأول في عدم اختراقه للقلوب في بلاد «التانجو»، ولكنه الآن أمام فرصة تاريخية ليغير مفاهيم الشعبية في الأرجنتين إلى الأبد». (ريو دي جانيرو - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©