الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الصغير: قرطبة مدينة حضارية تحولت وعاء معرفياً

الصغير: قرطبة مدينة حضارية تحولت وعاء معرفياً
9 يوليو 2014 00:58
محمد عبد السميع (الشارقة) ضمن الفعاليات المخصصة للبرنامج الثقافي، الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية العام 2014م بمركز إكسبو الشارقة، ألقى الدكتور نورالدين الصغير أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة، محاضرة بعنوان «من قرطبة إلى الشارقة.. مسيرة إبداع ونماء حضاري» في قاعة ملتقى الكتاب بمركز اكسبو الشارقة، تناول فيها بالبحث والدرس قصة مدينتين تجمع بينهما عوامل كثيرة، وتفرق بينهما عوامل أخرى، مدينة عاشت في القرن العاشر الميلادي، وهي المدينة التي عمرت الأندلس، وأثرت معالم الحضارة الإسلامية والعالمية، وتركت نسيجاً معرفياً قل أن نجد مثيلاً له في مدينة أخرى، هي مدينة قرطبة. وبعد عشرة قرون تعود الشارقة التي تعيش الثقافة وتجليات الزمان والمكان بإدارة سلطان الثقافة والعلم لتثري الحضارة والثقافة الإسلامية. في البداية تساءل الصغير: القضية تتعلق بقراءة في مدينتين هل هذه القراءة مقاربة، أم مقارنة أم استقراء أحداث؟. ثم قال: المقارنة لا تصح منطقياً لأن المقارن والمقارن به لا يتحدان في الزمان والمكان، بل هي مقاربة، سوف أعتمد فيها على شهادات غربية قيلت في قرطبة وأخرى قيلت في الشارقة. وحدد الصغير أوجه للمقاربة في أربعة عناصر هي: المدينة كوعاء معرفي، ثم الحاكم كمؤصل ومستقطب للإبداع الفكري، والعلم ودور العلم ومؤسساته، إلى جانب العنصر الرابع الذي يمكن أن نسميه الإبداع أو الإنتاج المعرفي. ثم استعرض الصغير دور قرطبة الحضاري، خلال الفترة من سنة 300 هـ وحتى سنة 350 هـ وهي الفترة التي تولى فيها الحكم عبد الرحمن الناصر، أو عبد الرحمن الثالث أحد خلفاء بني أمية في الأندلس. خلال هذه الفترة، حقق الناصر انجازات يعجز التاريخ عن تحديدها وضبطها في مخطوطات. أيضاً الشارقة تولاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في أوائل السبعينيات وحتى الآن، وخلال هذه الفترة حقق انجازاً ثقافياً وعلمياً، وسجلاً معرفياً لا يقل طرافة عن السجل المعرفي الذي حققه الناصر. قرطبة في القرن العاشر الميلادي تحولت وعاءً معرفياً، حياة مدنية مزدهرة ومستقرة، نهضة علمية وإبداعية، تجربة سلمية دفعت بين مجالسها الديانات الثلاث الإسلام، المسيحية، اليهودية دون تعصب، بل كان العلم هو الوسيلة التي يتبارى فيها المتنافسون، كانت جامعة قرطبة تقدم العلوم والمعارف المتقدمة في كل تخصصات المعرفة، أيضاً كان في قرطبة دار الافتاء اليهودية التي تقدم المعارف اليهودية، وكانت هناك الكنيسة التي تقدم المعارف المسيحية، وجامعة قرطبة التي تقدم المعارف الإسلامية، هذه الفضاءات المعرفية الثلاث تقدم المعارف الدينية في الصباح. وفي المساء يفتح المجال أمام العلوم التطبيقية (الكيمياء، الفيزياء، الرياضيات) وكان الطلبة اليهود والمسيحيون ينضمون إلى إخوانهم الطلبة المسلمين بجامعة قرطبة لتلقي تلك العلوم التطبيقية. وهذا دليل على ما تميز به العلماء المسلمون من تقدم في العلوم أمثال ابو القاسم الزهراوي، وهو طبيب عربي مسلم عاش في الأندلس. يعد أعظم الجراحين الذين ظهروا في العالم الإسلامي، ووصفه الكثيرون بأبو الجراحة الحديثة. أعظم مساهماته في الطب هو كتاب «التصريف لمن عجز عن التأليف» الذي يعد موسوعة طبية. ومن علماء قرطبة أيضاً في الفيزياء عباس بن فرناس، والذي كانت له اهتمامات في الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء. وأضاف الصغير، قرطبة أكثر المدن الأوروبية والعربية انتاجاً للمعرفة، أبدعت العالم، وآخر ابداعاتها ابن رشد الفيلسوف الذي استفادت منه أوروبا، ومن مؤلفاته (فصل المقال، تهافت التهافت). وبنت أكبر وأقدم ثلاث جامعات، (جامعة بولينيا) تأسست بإيطاليا عام 1252 م وتجمع كل التخصصات، وجامعة السوربون في فرنسا تأسست عام 1254م، وفي نفس العام تأسست جامعة اكسفورد بإنجلترا. هذه الجامعات الثلاث رغم أنها أقدم الجامعات، إلا أن جامعة قرطبة هي الأقدم، إلا أن سقوطها أفسد ما حققه العلماء المسلمون من تقدم معرفي في الأندلس. ومكن المسيحيين من القضاء عليه وإحراق الكتب والتراث العلمي الاسلامي، ومع ذلك، فإن مكتبة الاسكوريال في مدريد تشتهر بمقتنياتها من الكتب والمخطوطات القديمة وأعمال علمية وأدبية لعلماء عرب، أيضاً مكتبة لشبونة في البرتغال تضم عدداً كبيراً من المخطوطات العربية. هذه الثروة تحتاج إلى جهود وإمكانيات لإخراجها إلى حيز الدراسة والبحث والتعريف بها. وعرض الصغير بعض الصور عن أهم المدن في قرطبة، منها جامع الأمويين، القنطرة، البيت الأندلسي ومكوناته، صور لابن رشد. وأوضح من خلال تلك الصور أن الاخضرار كان مطلباً حضارياً للسكان العرب في قرطبة، وأن الزهور عنصر تميز لهم، وهذا واضح في البيوت والساحات والمباني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©