نخلة القلب

تشرق اليوم شمس هاتين الصفحتين، لتتسلل من خلال عذوق شجرة التراث، إلى أغصانه المحملة برطب التجربة وخيرات المعرفة، نتغنى بجماله ونفخر بثرائه، ونعمل جاهدين على سقايته ورعايته· فالتراث جذور كل أمة، تتمسك بالعمق، وتصعد باسقة إلى أغصان ترفرف كأجنحة الطيور، وما من دلالة على أصل الإنسانية والمجتمعات والقيم والأخلاق، إلاّ بالجذور· لقد عنيت كل قواميس اللغة العربية بتفسير ''الجذر''، واتفقت على أن الجذر هو أصل الشيء· جزؤه الذي يتشعب بالأرض ويحصل على غذائه· أما قاموس حروفنا فيتحسس أعصاب العذوق، شرايين دمها الساعية الى الحياة والنمو والاستمرار، تحكي سيرة ذاتية لتراث نما وكبر وصمد طويلاً إلى أن وصل إلينا من الأجداد، الذين ورثنا عنهم مجموعة ''التراث الإنساني والديني والأدبي والشعبي'' كعلوم الدين وأعراف تتصل بالأخلاق والسلوكيات، وتقاليد خاصة بالمناسبات المختلفة من أفراح وأتراح، ومأثورات شعبية كالشعر ورواية القصص والحكايات والحكمة والأمثال، والفنون الشعبية الحركية منها والصوتية كألوان الغناء والأهازيج ومهارات مهنية تتصل بالعمل وكسب الرزق· والملاحظ أننا شعب شغوف بتراثه، يُعنى بالمحافظة عليه، وقد عزز هذا الشغف بالتراث لدينا، الدعوة النبيلة التي أطلقها الوالد الشيخ زايد رحمه الله ''لابد من الحفاظ على تراثنا القديم، لأنه الأصل والجذور، وعلينا أن نتمسك بأصولنا وجذورنا العميقة''· وقد أشهرت لتحقيق هذه الدعوة وهدفها السامي، أندية وجمعيات تراثية، تقيم مهرجانات وفعاليات دورية تعرّف الأحفاد بتراث الأجداد، كما تعرّف المقيم والزائر بتاريخ الدولة وجذورها الضاربة في عمق أرضنا الطيبة· لذا دخلنا ''نادي تراث الإمارات'' المؤسسة الوطنية الرائدة في مجالها، لنقف على نشأة وأهداف وخطط النادي الذي يحظى برعاية ودعم كبيرين من رئيسه سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء· ثم انطلقنا إلى البحر الذي شكّل مصدر رزق لأجدادنا، لنبحر في عالم الصيد وطرقه القديمة والمعاصرة· دون أن تفوتنا الإطلالة من النوافذ على أبواب أخرى· وفي كل ثلاثاء، ستشرق الشمس على عذوق تراثنا، فهو نخلة القلب، والدم المنساب ضوءاً في شراييننا، الوامض حنيناً إلى إنسان ذاك الزمان وابن المكان، الرافع صوت صمود الأجداد وصدى نهوضهم المستحيل من شظف العيش وقسوته، الناطق الرسمي باسم الحقيقة الثابتة التي يؤمن بها حاضرنا ومستقبلنا· المحررة rawa_younis@admedia.ae