السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عادل كراني: 18 ساعة صوماً في رمضان بصيف أيرلندا

عادل كراني: 18 ساعة صوماً في رمضان بصيف أيرلندا
9 يوليو 2014 11:50
لم يكن قرار اختيار الغربة بالنسبة له أمرا سهلا، فالابتعاد عن الأهل والأصدقاء محنة صعبة لم يخفف شدتها سوى رغبته في تحقيق حلم راوده منذ الصغر، هو دراسة الطب، لذا تحدى الدكتور عادل كراني، الصعاب بل حول آلام الغربة إلى حقل تجارب تزيده علما ومعرفة بذاته والعالم من حوله. وتحمل بصبر ودأب مصاعب مسيرته في طلب العلم من أجل دراسة «الطب» في الكلية الملكية للجراحين في دبلن، بأيرلندا. وبعد انتهاء رحلته العلمية بحلوها ومرها لا يزال الدكتور عادل كراني، الاستشاري بقسم الطب النفسي في مستشفى راشد بدبي، يحمل ذكرياتها الجميلة التي لا يستطيع الزمن إزالتها من الذاكرة بالرغم من كثافة التفاصيل، بخاصة في شهر رمضان الكريم الذي قضاه صائما لساعات طوال بلغت 18 ساعة يوميا في صيف دبلن. يقول الدكتور عادل كراني إن رغبته في تحقيق حلمه كانت الدافع والطاقة التي واجه بها تحيات الغربة، متحليا بالتفاؤل والأمل، فكانت الغربة بالنسبة حزمة تجارب متنوعة حصد منه الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية واكتساب مهارة التعايش مع الآخرين المختلفين ثقافيا ولغويا ودينيا. يعود الدكتور كراني بذاكرياته الماضي مسترجعا زمان الدراسة في الكلية الملكية للجراحين في دبلن، حيث صام فيها شهر رمضان على مدى 4 سنوات ويقلب شريط ذكرياته الذي يحتوي على العديد من المواقف المرتبطة بهذا الشهر، منها الصعب ومنها الطريف، ولكنها في النهاية هي حصيلة جميلة تضفي على الشهر الفضيل طابعه الخاص، موضحا أنه بعد أن أكمل دراسته الجامعية هناك، حصل على الماجستير في العلوم الطبية بتخصص الطب النفسي من جامعة ويلز، كارديف، بالمملكة المتحدة. كما حصل على عضوية الكلية الملكية للأطباء النفسيين، المملكة المتحدة.  رمضان في الغربة يقول الدكتور عادل كراني إن العيش في الغربة خلال مرحلة الدراسة وبخاصة أثناء الشهر الفضيل، تشعر الكثير من طلبة العلم والمغتربين بتغير كبير في حياتهم، مشيرا إلى أنه خلال سفره لدراسة الطب في بمدينة دبلن كان رمضان في فترة الصيف وكان ذلك يشكل عائقا كبيرا بالنسبة لجميع الطلبة، لأن نهار جمهورية إيرلندا خلال الصيف طويل جدا، حيث كان الإفطار الساعة العاشرة مساء تقريبا، بينما ينتهي وقت السحور بعد الثالثة صباحا، ومن ثم يستمر الصيام لمدة 18 ساعة وكانت هذه التجربة فريدة من نوعها بالنسبة لنا. المركز الإسلامي ويستطرد قائلا: بعد انتهاء اليوم الدراسي بالكلية كنا نتفق مع الزملاء بالتوجه إلى منازلنا لأخذ قسط من الراحة حتى قرابة موعد الإفطار، وقبل هذا الموعد بساعة نستقل الحافلة معا إلى المركز الإسلامي، حيث يوجد هناك «إفطار جماعي» بشكل يومي.  ويشير كراني إلى إحدى الذكريات الرمضانية حيث كان يسكن لدى عائلة أيرلندية وكانت تعد أطعمة منوعة، وخاصة البطاطس المتواجدة في كل الأطباق، لكن تلك الأطباق لم يكن كراني يستسيغها لاختلاف مذاقها عن الأكلات الإماراتية التي اعتاد إليها، وكان هذا أحد أهم أسباب الذهاب إلى المركز الإسلامي لتناول الإفطار بشكل جماعي يسوده المحبة والتآخي والتعاون. في سياق متصل، يواصل كراني، أن الطلبة العرب والمسلمين في المهجر يعدون أطباقا قريبة لمذاق الأكلات المحلية في الإمارات، وكان الجميع يستمتع بوجبة الإفطار، باعتبارها الوجبة الوحيدة خلال يوم كامل، وكانت فترة السحور حينها تنتهي في الساعة 3,30 صباحا.  ويعترف كراني أنه خلال فترة الدراسة في الخارج لم يكن يقوم بالطبخ، وكان الاعتماد بشكل كلي على المطاعم الشرقية، أما في السنوات الأخيرة من رحلة العلم، فقد تغير الأمر قليلا حيث بدأ يسود اتفاق بين الزملاء للتعاون على إعداد أطباق رمضانية برائحة إماراتية وذلك للتخفيف من الشوق والحنين للوجبات الرمضانية التي كانت تزين السفرة في رمضان والتي تتنوع فيها النكهات والمذاقات من أطباق الهريس والشوربة والعيش باللحم أو الدجاج واللقيمات والثريد، خصوصا أن البعض من الزملاء لديهم خبرة كبيرة في إعداد تلك الأطباق بخاصة أيام نهاية الأسبوع التي نجدها من أفضل الأيام لدينا، حيث نشعر فيها بحلاوة رمضان ونفحاته حين نجتمع على سفرة واحدة لتناول الفطور والسحور تجمعنا المودة والمحبة والهدف الواحد وهو مواصلة التعليم مهما كانت صعوبة الحياة، فالغربة والشوق والحنين إلى العائلة أمور تهون من أجل الحصول في نهاية المطاف على شهادة مرموقة نستطيع من خلالها خدمة بلدنا الحبيبة الإمارات. الصحبة الطيبة ويضيف: «في هذه الأجواء الروحانية من رمضان في أيرلندا كانت الصحبة الطيبة كثيرا ما تخفف علينا قسوة الاغتراب والبعد عن الأهل والعائلة، وخاصة حين يجتمع الأصدقاء المغتربون معا على الإفطار والسحور، ويحاولون خلق أجواء رمضانية خاصة بهم من حيث طقوس الطعام والصلاة والسحور وغيرها من الطقوس الرمضانية التي يمارسها المغتربون على طريقتهم الخاصة».  بعد سنوات المثابرة والجد والاجتهاد عاد الكراني إلى وطنه حاملا شهادة الزمالة يفتخر بها وسط أهله وأصدقائه، ليخدم بها وطنا، وليقدم واجبا من خلال كونه طبيبا متخصصا في «الطب النفسي»، وأصبح حاليا مديرا لبرنامج الإقامة للطب النفسي في مستشفى راشد، حيث يضم القسم 17 طبيبا مقيما يتدربون للحصول على شهادة المجلس العربي للتخصصات الطبية. ويضيف «هذا العام تم تخريج اثنين من الأطباء حصلوا على شهادة المجلس العربي للتخصصات، مشيرا الى أن هذا النجاح إنما يدل على استمرارية نقل العلوم الطب -نفسية من بلاد الغرب (بريطانيا وأيرلندا) إلى دولة الامارات، مشيرا الى التطور النوعي في هذا المجال بالدولة والذي يرصده عن كثب بعد أن اصبح رئيسا لاتحاد الأطباء النفسيين العرب ورئيس شعبة الطب النفسي في جمعية الامارات الطبية، بالاضافة إلى تعاونه مع الزملاء الأطباء النفسيين في استحداث برنامج «تخصص طب نفسي الأطفال والمراهقين» في الامارات تحت إشراف المجلس العربي للتخصصات الطبية. 
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©