الإسلام يوازن بين مطالب الروح والنفس

أحمد مراد (القاهرة) يدعو الإسلام الحنيف الأمة في كل زمان ومكان إلى أن تكون أمة وسطا، تتميز بسمات الخيرية والاستقامة والتوازن في كل شيء، بعيدة عن كل غلو أو تطرف في أي أمر من الأمور، وتزن كل أمورها بمقاييس الإنصاف والعدل بلا إفراط أو تفريط. تقول د. آمال ياسين أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: وسطية الإسلام الحنيف مرتبطة بخيرية الأمة الإسلامية، وفي ذلك يقول الله تعالى في قرآنه العظيم: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ...)، «سورة البقرة: الآية 143»، وكذلك يقول جل شأنه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...)، «سورة آل عمران: الآية 110»، قال ابن كثير في تفسير الآية الأولى: الوسط هنا الخيار والأجود، كما يقال لقريش أوسط العرب نسبا ودارا، أي خيرها، وقال في تفسير الآية الثانية: يعني خير الناس للناس، والمعنى أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس، ولا شك أن هذه الخيرية وتلك الوسطية تقتضي من المسلمين العمل الإيجابي لحفظ الحياة البشرية من أي أعمال منكرة ومرفوضة. توازن وتشير إلى أن وسطية الإسلام تقتضي التوازن في كل أمر وفي كل شيء في الحياة، وهو يعني وقوع أمر بين طرفين، ومن هنا ترتبط وسطية الإسلام بالتوازن وهو التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين، بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير، ويطرد الطرف المقابل، وبحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه، ويطغى على مقابله، ويحيف عليه، فالوسطية تعني التوازن بين أشياء كثيرة، كالتوازن بين مطالب الفرد الواحد، وبين مطالب الجموع، والتوازن بين مطالب النفس والروح. إنصاف ومن سمات الوسطية الإسلامية أيضا الإنصاف، وهذه السمة ناشئة مما في معنى الوسطية من العدل، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فسر قول الله سبحانه وتعالى (...أُمَّةً وَسَطًا...)، فقال: «الوسط والعدل»، وفي رواية الطبري قال صلى الله عليه وسلم: «أمة وسطاً عدولاً»، وقد أوجب الله الإنصاف مع كل أحد، حتى لو كان كافرا، فقال جل شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى...)، «سورة المائدة: الآية 8».