الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختيارات «أحلام» الفلسطينية

اختيارات «أحلام» الفلسطينية
21 يونيو 2012
حظيت فرقة جامعة النجاح الوطنية المسرحية ومقرها نابلس شمال الضفة الغربية باحترام واستحسان عميقين من النقاد والمشاهدين لدى تقديمها مسرحية “أحلام” ضمن مشاركتها في مهرجان جامعة فيلادلفيا الأردنية. والمسرحية على مدى ساعة تقريبا التي قدمت على مسرح محمود أبو غريب بالمركز الثقافي الملكي وسط عمّان جذبت الأنظار لبساطة ديكورها، وموسيقاها النابعة من التراث الفلسطيني الأصيل، ومضمونها الذي يلامس تقريبا كل عائلة فلسطينية ريفية أو عربية، حيث يمارس الأب الوصاية على ابنته “أحلام” باعتباره الأدرى بمصلحتها ويحرمها من حقها في تطوير هواياتها وطموحاتها المستقبلية واختيار شريك حياتها الذي ترى فيه مستقبلها وسعادتها. اللوحات الفنية تبدأ بحوار ساخن باللهجة الفلسطينية المحكية بين الأم المدافعة عن حقوق ابنتها والزوج الذي يرفض إعطاءها حتى الحق في تنمية مهاراتها في الرسم والرقص: “إنت وبنتك بدكم تجلطوني/ انت بتكّبر الموضوع على أشي فاضي/ البنت بدها تعمل إللي بدها إياه/ خليها ماشية على حل شعرها/ لازم تعرف في زلمة في البيت”. قصة حقيقية حكاية المسرحية كما قال كاتبها ومخرجها سعيد سعادة حقيقية 100% حدثت مع بطلة المسرحية شخصيا، التي تحب الفن والرقص وتترجم طموحاتها بالريشة واللون وعانت من زوج متسلط لم يحسن معاملتها وكان يضربها ويوجه لها سيلا من الشتائم والسباب لأبسط المناكفات. وأبلغ سعادة “الاتحاد الثقافي” قوله أن المسرحية كانت نتاج مجموعة قصص حقيقية حدثت في بعض القرى الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وتكشف ببساطة ومباشرة العنف الواقع على المرأة بشتى صوره ووسائله، وتطرح سؤالا ملحا هو “العنف الأسري يخدم من؟”، وتركنا الإجابة مفتوحة للمشاهد. وأضاف: حاولنا من خلال العرض المسرحي توجيه رسالة واضحة ولاذعة للرجال على وجه الخصوص مفادها الدعوة لتفهم وضعية المرأة وطموحاتها وتوجهاتها الفكرية والفنية والعاطفية. خدامة للرجل ووفق العمل المسرحي فأن دور المرأة ينحصر في الطبخ والكنس والإنجاب “خدامة للرجل”، وفي هذا الطرح عودة لنساء الحرملك في القرن الحادي والعشرين، وهنا يدور حوار بين فتاة تعيش عصرها بما فيه من انفتاح وولوج المرأة باقتدار مجالات لا حصر لها أثبتت خلالها حضورا وبين رجل تقليدي يتمسك بذكورته ووصايته على الأبناء ويعتبر تلبية مطالب العائلة تمردا لذلك يعبر عن غضبه بتمزيق اللوحات الفنية ويهدد بتزويجها حتى لراعي غنم كما جاء على لسانه. وكما ورد في تسلسل الأحداث فإن نغمة التفرقة أو التمييز بين الذكر والأنثى يحول دون تحقيق آمالها: “السبب انك بنت/ أبوك لا يحب النبات/ الولد ما عليه عيب وين ما يروح ومهما عمل”، وتلك أفكار دارجة في المجتمع الفلسطيني بخاصة والعربي عامة فالعائلة تفرح وتوزع الحلوى إذا كان المولود ذكرا وربما تنصب العزاء إذا كان المولود أنثى. بدورها خرجت الأم عن صمتها ودافعت عن خيارات ابنتها: “انت واحد ظالم/ حسبي الله ونعم الوكيل عليك/ ليرد بحدة وغضب/ الخلاص من البنت بتزويجها”. وكما تحدثوا عن الرفقة بسلبياتها هناك جانب آخر مشرق وايجابي حيث يبزر صديق أسدى “لأحلام” نصيحة استنفرت قدراتها وعززت من دفاعاتها وموقفها الثابت القائم على عدم التنازل عن حقوقها كفتاة ومقاومة ضغوط الأب المتسلط الذي يرى استجابته لطموحات عائلته انتقاص من رجولته وعقوق على حقوق الأبوة. الصديق: “أنت فتاة ذكية.. من حقك أن تتحكمي بمصيرك وقدرك/ من حقي ان يكون ليّ طموحاتي فيما الجانب الآخر من الصحبة/ تركضين وراء سراب كاذب/ من حقنا أن نحلم كما نشاء/ الأحلام جزء منا”. لم يستسلم الأب لمعارضة الزوجة وابنته قراره بتزويجها: “العريس إلليّ جابوا أبوك في الصالون/ أريد مصلحتك” لترد الفتاة: “لا. لا. لا، لن أتزوج”. انحياز للمرأة ويستشف من الحوارات وجود انحياز للمرأة وإبرازها أكثر تقدما وتفهما لمتطلبات المرحلة: “لا احد يجبر الأبناء على قبول ما لا يريدونه في الوقت الحاضر فلهم حياتهم ولنا حياتنا”، فيما جاء الرجل “الأب” يظهر متسلطا متجبرا وصيا حتى على رغبات وطموحات أبنائه يفضل الأخ على الأخت ليس لأي مبرر سوى أنه ذكر: “أبوك لا يحب البنات” في إيحاء بأن معارضته لهواياتها في الرقص والرسم تنبع من كونها أنثى فقط. بقيت الإشارة إلى أن المسرحية من تأليف وإخراج سعيد سعادة، وبطولة عبدالله ربايعة وعبير عايد أبو شعيب ورانية يوسف صرصور ومحمود فخري دويكات وماهر أحمد علاونه. وجدير بالذكر أن الفنانة رانية صرصور فازت بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان فاس المسرحي السابع بموسمه الماضي عن دورها بمسرحية “لسنا ملائكة.. لسنا شياطين”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©