الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رسم الممحو...

رسم الممحو...
21 يونيو 2012
نستطيع تفسير كل عمل فني وفق العوامل التي لها صلة بتاريخ أو قضايا مجتمع، ثقافية كانت أو غيرها، كيف وهي لصيقة بواقع يشاهده ويعرفه المتلقي والمهتم ولربما من أول إطلالة. من هنا تنبع فكرة المعرض الثنائي التشكيلي “مظاهرات” للفنانين من السعودية رملاء الحلال ومن لبنان محمد عبدالله الذي أقيم في جاليري زمان. تقوم الفكرة على التعبير عن الراهن العربي ومدى التأثر بالأحداث التي تجري هنا وهناك، والتي يعبر الفن من خلالها بالرمز في اللون والحرف والشكل، عبر مجسمات الفنان محمد عبدالله الذي نحت على الخشب متخذا أسلوبا تجريديا وملونا في بعض العبارات على هذه الأجسام بينما ترك البياض في رمزية على السلام كأقرب احتمال والبياض الخفيف الذي يمكن أن يشعر في كل مرة بإحساس مختلف، وتلك الأشكال التي قام بنحتها تعبر عن حالة المتظاهر أو شعوره فهي ترسم بشكل معقد وتركيبات متناقضة وملامح متداخلة ويهتم بالنسب والتناظر بقدر نسبي بعيدا عن ألفتها مع المتلقي. أما رملاء فقد استلهمت فكرة الجداريات في الجرافيك والـ”بوب آرت” و”الكولاج” من واقع التعبير عن الرأي والحرية كتلك العبارات التي سادت جراء هذا الواقع الجديد مثل: “ارحل” و”لا” وغيرها. وقد أثر في الفنانة أن تلك التعبيرات كانت تعطي وقعا أكبر بعد طمسها بطريقة عشوائية. ففي لوحة تحمل عنوان “ارحل” لن تبدو الكلمة واضحة أبدا في الصورة، فقد طمست من أجل كتم الصوت في الجدار، تلك الكلمة يمكن قراءتها لمجرد بقاء حرف من حروفها ظاهرا، بل أصبحت كلمة شائعة ومنتشرة وجاءت بالكثير من التعبيرات التي ولدت منها، وشوهت بألوان عشوائية في اللوحة وهذا ما سيكون مشابها في لوحة “قدسوا الحرية” وكتب عليها بشكل شفاف في خلفيتها نصا لجبران خليل جبران الأديب اللبناني تحت عنوان “الأرض لكم” ومنها أخذت عبارة “قدسوا الحرية” في عنوان الجدارية “الأرض لكم، فالأرض تبتهج بملامسة أقدامكم العارية والأرض لكم، وشعوركم مسترسلة تتوق إليها الريح، والأرض لكم وأنتم الطريق فانهضوا من قيدكم عراة أقوياء، والأرض لكم قدسوا الحرية حتى لا يحكمكم طغاة الأرض، والأرض لنا وأنت أخي لماذا إذاً تخاصمني، أنا لا أسمع وأنت لا ترى وبنا شوق ليدرك بعضنا الآخر... فهذي يدي هاتِ يدك”. وعبر “البوب آرت” هناك تراجيديا صاخبة بالحركة واللون والشكل وهي تمثل وجهات نظر مختلفة حول المطالبات الديمقراطية ومدى تباين الرؤى في حراك الساحات العربية، والتي كانت تشكل للإنسان خلاصة من الفقر وحرية الرأي وقضاياه الأخرى التي لها علاقة بإنسان اليوم بعيدا عن ايديولوجياته. ففي اللوحة الرابعة سنشاهد “غروك المافيا” وتمثل تحولات التظاهر لدى العربي والتي تستبدل فيه رمز (سوبر مان) الرجل الخارق بالزي العربي التقليدي، ومن ثم في البوستر حيث تواصل رملاء الحلال تعبيراتها المختلفة ضمن مجموعة البوستر الاعلانية وكأنها إعلانات استهلاكية للثورات... وكأنها تقول إنه بات على الفن أن يستثمر كل هذا المعطى الذي تلعب فيه الصورة دورا كبيرا، وقد تكون أحد أهم ركائزه كما هو ملاحظ ومشاهد ويتفاعل معه العالم كل يوم، كما هي فرصة لتحسين الصورة المعروفة عن عالمنا العربي بعد سلسلة الأحداث التي مرت على العالم في العقدين الماضيين بالأخص، فها هو الفنان الذي يعبر عن مجتمعه وهو جزء منه لكن الأدوات اختلفت والخطاب يتقاطع مع الإنساني والكوني فهو يعبر عن وجهة نظر مثقفة ومسؤولة ليس تجاه الفن وحده بل وقضايا الإنسان في كل مكان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©