عصام أبو القاسم (الشارقة)- صدر حديثاً ضمن منشورات دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة كتاب، بعنوان «التمسرح.. من الاستعارة إلى الخطاب»، للناقد المغربي الدكتور حسن اليوسفي، وجاء في 240 صفحة من القطع المتوسط.
وكما يمكن أن يوحي العنوان، فإن هذا الكتاب يعرّف بمصطلح «التمسرح»؛ هذا المصطلح الحديث نسبياً، والذي بات شائعاً في العديد من الدراسات المسرحية العربية. يعرض مؤلف الكتاب وجهات نظر نقدية عدة حول مفهوم ـ أو مفاهيم ـ هذا المصطلح، ويتتبع تجلياته المختلفة «في المسرح والمجتمع، السياسة، الشعر، والعلوم»؛ ويزيد على ذلك بأن يمثّل إجرائياً لفعاليته كمصطلح عبر جملة من المقاربات النقدية في تلك المجالات المذكورة.
إذاً، الكتاب، في شكله العام، يبرز الفروق الدقيقة بين المسرح والحياة أو بين الحقيقي والتخييلي؛ انه ينسج الشعرة الرقيقة التي تفصل بين الواقعي والفني؛ فالتمسرح هو، في درجة ما، البعد المسرحي لتصرفات الإنسان وحركاته داخل الفضاء اليومي ومواقفه وعلاقاته مع الآخرين؛ والتمسرح هو تلك اللمحة المؤثرة في الأداء الخطابي للساسة وللعلماء؛ والتمسرح هو تلك الحلول الشعرية التي تتوسط الأمكنة والزوايا والأشكال.. وتزحمنا بالصور!
التمسرح، بهذا المعني، هو جوهر الحياة ومظهرها في الوقت ذاته، وهو أسلوبنا في الاكتشاف والتعرف.. والاستعراض؛ ومع ذلك، يقول اليوسفي: «أصبح من الصعب تحديد تعريف موحد وشامل للتمسرح، وإن كان ممكناً إبراز تجلياته عبر الحركة والفكر واللغة الإنسانية، وتجسيد تمظهراته عبر خطابات متعددة، منها ما هو قريب من روح المسرح ومن مجاله التعبيري كالرواية مثلاً، ومنها ما هو بعيد عنها كالرياضيات مثلاً».
على فصلين، الأول بعنوان»التمسرح في إطار خارج ـ مسرحي»، والثاني بعنوان «التمسرح في إطار مسرحي»، وانطلاقاً من المفهوم الذي يفيد أن «التمسرح هو كل ما له خصوصية مسرحية سواء في النص أو العرض»، يحاول مؤلف الكتاب أن يجيب على أسئلة من نوع: ما هي طبيعة الخطابات والمجالات التعبيرية التي يتمظهر عبرها التمسرح، وهل يمكن الوقوف على خصوصيات تميز إشكالية التمسرح في علاقتها بالفن المسرحي، وهل يمكن الوقف على مظهر للتمسرح في النص، وإذا كان ثمة علاقة بين النص والتمسرح فما هي مظاهره، أم أن إطار التمسرح هو العرض فقط؟
ويمكن القول إن الكتاب المنجز بلغة نقدية رشيقة ليس فقط يعرفنا بمجمل الرؤى المبذولة حول مصطلح «التمسرح» ولكنه أيضاً يظهر في المحصلة الأخيرة، إمكانية مؤلفه على الإضافة والتنويع والتحديث في موضوعه؛ بخاصة في الفصول التي يخصصها لتطبيقاته الشخصية على المصطلح ومفهومه، من خلال جملة من النصوص والاشكال والخطابات.
لليوسفي رصيد نوعي من الكتب، إذ قدم العديد من العناوين المهمة للمكتبة المسرحية، بخاصة في ما يتصل بقراءة النص المسرحي، ومن بين كتبه: «المسرح ومفارقاته»، «المسرح والأنثروبولوجيا»، «المسرح في المرايا/ شعرية الميتامسرح واشتغالها في النص المسرحي الغربي والعربي» و»ذاكرة العابر- عن الكتابة والمؤسسة في المسرح المغربي»، «المسرح والحداثة»، «المسرح والفرجات».
عدد اليوم
