الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الدعون».. تعانق الحاضر وتحمل طعم البيوت القديمة

«الدعون».. تعانق الحاضر وتحمل طعم البيوت القديمة
18 سبتمبر 2010 20:33
مع الحضارة المعمارية، والتفوق الجميل في تصميم المنازل الإماراتية، تبقى قلوب أهل الإمارات تحن إلى الماضي، فتجد كل بيوتهم بلا استثناء تعيش جواً من الماضي في ركن ما، وفي معظم المنازل مفتوحة المساحة أو بيوت المزارع والعزب تجد نماذج البيت الإماراتي السعفي القديم واقفاً ماثلاً حياً يتحدى الزمن وقوالب الإسمنت. بيوت السعف «العرشان»، ومفردها «عريش»، كانت ذات وقت تمسح تعب الرجال وتحوي حكايات النساء، فهي تشكل الأمان والسكينة، لأنها البيت الذي يلجأ إليه أفراد الأسرة. بقاء العريش كجزء من عملية ديكور المنازل جعل من صناعته حرفة موجودة مستمرة في بعض المناطق بالإمارات، يقوم بناء العريش على صفّ مجموعة من «الدعون»، ومفردها «دعن» لتشكل غرفة بسيطة تكون هي عماد البيت أو ربما البيت كله. يصنع الدعن من مواد بسيطة أبرزها جريد النخل «يسمى محليا الزوّر» والحبال المجدولة من ليف النخيل بعد «نقعها» في الماء، ثم يقوم ثلاثة رجال أو أكثر بصف الجريد ورصه بالحبال في عملية تسمى «الزفن»، لتكون الدعون بعدها «دعون مزفونة» . تصنع الدعون بطريقتين، إما بجريد النخل ذي السعف، أو من دون السف ويسمى (الزفارة) تتشابه في تسلسل الصنع، فكلتا الطريقتين تبدآن بجمع الجريد في مكان فسيح خالٍ من الزرع، يجلس فيه الرجال لأيام عدة لترتيب الدعون عبر قطع الأطراف الأمامية الصغيرة، وإزالة «سحل» الشوك المؤذي من الجريد. بعد تنظيف الجريد وتجهيزه ينقع في الماء في عملية تسمى محلياً «التخريس» لفترة تمتد يومين غالباً، ثم تبدأ عملية «الزفانة» بصف الزور وربطه بالحبال بطريقة تعاكسية وشده وتجديله بحبال ليف النخل. طول الزود المستخدم لصناعة الدعن هو ما يحدد طول الدعن، أما العرض فيحدده مشتري الدعن حسب حجم العريش الذي يريد بناءه، أو مساحة الغرض الذي يريد من أجله المشتري الحصول على الدعن. يستخدم الدعن مع جذوع النخل المقطوعة «اليدوع» ومفردها «يدع» أو حطب الجندل المستورد من أفريقيا، في بناء العريش، الذي يختلف شكله حسب مكان بنائه، فأهل الساحل من المقيمين في بيوتهم يستخدمون الدعون المجردة من السعف «الخوص» من أجل التهوية، بينما يحبذ أهل البادية بقاء السعف في دعون العريش، كي يحجب عنهم الهواء الساخن «اللاهوب» . تستخدم الدعون في مجالات مختلفة عدة غير بناء العرشان، فهي توضع مسطحة على الأرض ليجفف الرطب عليها، تمهيداً لتحويله إلى تمر، وهي أيضاً توضع على قواعد عدة مرتفعة لتكون «سبلة»، وهي مساحة مرتفعة تستعمل للجلوس، أو حتى «منامة»، وهي مكان يرتفع قليلاً عن الأرض ويستخدم للنوم في ليالي الصيف. وكأي حرفة، لها حرفيوها البارعون فيها، كان من يصنع الدعون يقال له «زفين» أو «زفان»، أما من يبني العريش فكان «الخدّيم» أو «استاد». ويبنى العريش بطريقة بسيطة في ظاهرها، لكنها معقدة، وتحتاج إلى خبراء، تبدأ العملية بحفر أربع حفر لكل زاوية من زوايا العريش الأربع، لأن شكل العريش يكون غالباً مستطيلاً أو مربعاً، تثبت الركائز في الزوايا باستعمال «اليدوع»، وهي جذوع النخل، أو حطب «الجندل»، ثم تحضر قطع من الخشب، وترفع لصنع السقف، وتسمى هذه القطع «المعاريظ». واليوم تبقى الدعون حاضرة في الحدائق المنزلية، والحدائق الشخصية، والشاليهات، والعزب لأنها تمثل تغييراً عن نمط البناء السائد في البيوت الحديثة، لكنها بالطبع نالت نصيباً من التقدم المعماري فأضيفت إليها النوافذ الزجاجية وأجهزة التكييف، وأبواب الألمونيوم، فصارت مجرد ديكور خارجي يغلف به البناء الحديث الحقيقي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©