الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساركوزي ··· من الخاص الرومانسي إلى العلني السياسي

ساركوزي ··· من الخاص الرومانسي إلى العلني السياسي
7 فبراير 2008 00:18
أخيرا، تأكدت الشائعات، فنهاية الأسبوع الماضي، تم عقد قرآن الرئيس الفرنسي ''نيكولا ساركوزي'' على المغنية وعارضة الأزياء ''كارلا بروني'' في مراسم مدنية دامت عشرين دقيقة بقصر الإيليزيه· وقد تولى عقد قرآنهما مسؤول في بلدية المدينة؛ وحضر حفل الزواج أفراد العائلة وصديق أو صديقان؛ وعلى ما يبدو، فقد كانت العروس مرتدية فستاناً أبيض· غير أن أول حفل زفاف رئاسي فرنسي منذ عام 1931 لم يكن حدثاً ساراً بالنسبة لجميع الفرنسيين، فرغم أن بعض الناس سعوا إلى قول أشياء جميلة حول الخبر -''إنه أمر رائع'' كما قالت السيدة الفرنسية الأولى ''بيرناديت شيراك''- إلا أن الزوجين استيقظا الصباح التالي على خبر يفيد باستياء الفرنسيين: تراجع التأييد لرئاسة ''ساركوزي'' الذي يوجد في منحى تنازلي أصلاً؛ فقد انخفض التأييد للرئيس في فرنسا إلى 54% في يناير مقارنة بـ67% في يوليو المنصرم· ويوم الاثنين، انزلق هـــذا العدد إلى 41%، مع إعلان أزيد من ثلاثة أرباع الفرنسيين عن انزعاجهم من الحياة الخاصة العلنيـــة جداً لرئيس الدولة، وذلك حسب استطلاعات للرأي أُجريت قبل الزفاف وبعده؛ غير أنه بالنسبة لبلد تلقى خبر طلاق ''ساركوزي'' العام الماضي بلامبالاة وعدم اكتراث فرنسيين، فــذاك أمر يدعـــو للاستغــراب· صحيح أن هذه الأخبار أعقبت ظهور مجموعة جديدة من صور بروني -عذراً، أقصد السيدة الأولى- في مراحل مختلفة من التعري؛ إلا أنني لا أعتقد أن حياء وحشمة فرنسيين -مفاجئين- هما اللذان يقفان وراء تزايد الاستياء الشعبي من ''ساركوزي''، ذلك أن الهفوات الشخصية لشخصيةٍ عامة تبدو أكبر حين تأتي لتؤكد عيوبَه الشخصية الأخرى؛ فقضية ''مونيكا لوينسكي'' آذت ''بيل كلينتون'' لأنها ذكَّرت الجميع بما اشتهر به الرئيس من انعدام للنزاهة السياسية؛ وعلى نفس المنوال، فإن رومانسية ''ساركوزي'' العلنية والمثيرة لأقاويل الناس، أضرت به؛ لأنها تذكِّر الجميع بأن سلوكه العام ليس أقل غرابة وفجائية من حياته الشخصية· من المؤكد أن ذلك ينسحب أيضا على الساحة الدولية، وخاصة في أوروبا، حيث تنتقل الدبلوماسية عادة بوتيرة متثاقلة، وحيث ميل ''ساركوزي'' إلى التحرك في جميع الاتجاهـــات وفي لحظـة واحدة يبعــث على الانزعــاج؛ وهكـذا، أضحـت ''السيطـرة على ساركوزي'' -مثلما قال لي سياسي اسكندنافي مؤخراً- مهمة الجهاز الدبلوماسي الأوروبي برمته· أحياناً، يتطلب ذلك جهوداً للتخفيف من حدة الخسائر؛ فالرئيس الفرنسي مثلا يبدو مهووسا بتركيا، التي يريد تجنب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بأي ثمن· فحسبما يروج، فإنه يحرص حرصاً كبيراً على قراءة ملفات وزارة خارجيته المتعلقة بتركيا بنفسه، ويتدخل لمنع أي لغة يمكن أن تشير إلى عضوية تركية ممكنة من الظهور في أي وثيقة رسمية؛ وهكذا، ونظراً لأن منع تركيا لم يصبح سياسةَ الاتحاد الأوروبي بعد، فإن الآخرين يحاولون التعاطي مع التداعيات وإصلاح الخسائر· والحال أن مجرد تتبع تحركاته مهمة جسيمة؛ فمنذ أن وصل إلى قصر الإيليزيه، أجرى ''ساركوزي'' مفاوضات سلام غير ناجحة في لبنان، ودعا معمر القذافي إلى باريس، حيث أخبر هذا الأخير الصحافة مبتهجاً بأنه لم يناقش أي مواضيع حول حقوق الإنسان مع مضيفه الفرنسي، وروج للتكنولوجيا النووية الفرنسية في الوقت نفسه الذي دفع فيه إيران إلى وقف تطورها النووي، كما زار ''ساركوزي'' حتى الآن نحو 20 بلداً· ومما يذكر في هذا السياق ما نسبته إحدى الصحف الفرنسية إلى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز من أن ''الرئيس ساركوزي يشبه جواداً أصيلاً مفعماً بالحياة ومعنوياته مرتفعة؛ غير أنه، ومثلما هو الحال بالنسبة لكل الجياد الأصيلة، سيقبل بأن يُكبح حتى يجد توازنه''· وبموازاة ذلك، تمتد سياسات ''ساركوزي'' الداخلية في اتجاهات متعددة، وفي هذا السياق، لاحظ كاتب عمود صحفي إنجليزي حائر أن الرئيس الفرنسي ''قرر منذ قدومه إلى السلطة إطلاق ''مخطط مارشال'' بالنسبة للضواحي، ومنع الإعلان في التلفزيون المملوك للدولة، وتأسيس 10 جامعات، وإصلاح الـ35 ساعة عمل الأسبوعية، وفرض ضرائب على الهواتف النقالة''؛ كما طلب ''ساركوزي'' من الخبير الاقتصادي ''أمارتيا سين'' شمل ''جودة الحياة'' ضمن الإحصائيات الفرنسية، ومن الفيلسوف ''إيدجار موران'' رسم معالم نهضة في ''سياسة الحضارة''، ومن عالم الاجتماع ''جاك أتالي'' تقديم ''300 مقترح لتغيير فرنسا''· قد يفضي هذا الإفراط في الحركة إلى شيء ما في النهاية؛ ومما لا شك فيه، أنه يشكل تغييراً مرحباً به مقارنة بجمود سنوات شيراك الأخيرة، غير أنه يوفر قطعاً سياقاً غير مريح لرومانسية عامة؛ ولذلك، فلو كان ''ساركوزي'' سياسياً رزيناً يمكن التنبؤ بخطواته، لتم استقبال خبر حبه وزواجه المفاجئ بفرح من قبل الفرنسيين؛ أما في ظل الظروف الحالية، فيبدو أن مغامرة جديدة قد أضيفت إلى سلسلة متزايدة من المغامرات· آن آبلباوم كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©