السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيرو.. ومعضلة «تزييف» الدولار الأميركي

25 نوفمبر 2016 23:36
في الوقت الراهن، تزدهر تجارة محرمة في بيرو، تحمل شبهاً غريباً بتهريب المخدرات. وفي الوقت الذي يوجد فيه نوع من التداخل بين التجارتين، إلا أن «المنتج» النهائي لتجارة بيرو، ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بالهيرويين. ولكن الأرباح الناتجة عن تهريب هذا المنتج الذي يطلق عليه «ورقة الدولار البيروفية»، التي تُعد، بشكل عام، أدق الأوراق النقدية تزويراً على سطح الكرة الأرضية، تصل إلى أرقام مذهلة في الحقيقة، وفقاً لمصادر جهاز الخدمة السرية الأميركية. وبيرو، تعتبر مسؤولة عن تزوير وتوزيع 60 في المئة من أوراق النقد الأميركية المزيفة الموجودة في العالم. ويقول «خوزيه» وهو عميل سري يقود جهود ملاحقة جرائم تزييف العملة في بيرو «إن طريقة العمل المتبعة في تزوير العملة الأميركية في بيرو، تكاد تكون متماثلة للغاية مع تجارة المخدرات، وهو ما ينطبق أيضاً على مسارات التهريب، وتراتبية المنظمات المنخرطة في هذا التجارة، وكذلك وسيلة التنفيذ». في الأسبوع الأخير، أعلن جهاز الخدمة السرية الأميركي، عن أكبر عملية للقبض على أخطر عصابات العملات المزورة حتى الآن، ونجاحه في استعادة 30 مليون دولار مزورة، و50 مليون يورو كانت مكدسة في منازل وبنايات مختلفة في ليما. شارك في هذه العملية الضخمة، التي أطلق عليها اسم «غروب الشمس» 1500 ضابط من الشرطة البيروفية الوطنية، وأسفرت عن 48 عملية قبض وتفتيش 54 موقعاً في مختلف أنحاء العاصمة البيروفية. وقال«جوزيف كلانسي» مدير جهاز الخدمة السرية الأميركي، إن الحكومة البيروفية تعتبر«شريكاً مهماً» لأميركا في حربها ضد تزييف عملتها. وعلى الرغم من أن عملية «غروب الشمس» تمثل انتصاراً مهما في الحرب الجارية ضد تزوير العملات، إلا أنها في الحقيقة ليست سوى مجرد انتصار واحد في حرب طويلة الأمد، تجد فيها وزارة الخزانة الأميركية ذاتها عالقة في معركة متواصلة تحاول فيها التفوق على المزورين في البراعة، من خلال إضافة تقنيات فنية جديدة باستمرار مثل «الصور المجسمة» و«الحبر العائم». وعلى الرغم من مثل هذه الأساليب الخلاقة التي يضعها الخبراء أمام تلك العصابات، إلا أن المزورين سرعان ما يتمكنون من الالتفاف عليها. وعلى الرغم من الكميات الهائلة من العملات المزورة التي تتم مصادرتها، والتي وصلت عام 2009 إلى ما يقرب من 75 مليون عملة نقد أميركية على وجه التقريب، إلا أن كميات أخرى ربما تفوقها في الحجم، تنجح في الوصول إلى الأسواق الأميركية في المدن الكبرى كل عام، وخصوصاً عبر حدود المكسيك حيث يتم تهريب هذه الأموال المزورة بوساطة أفراد المافيا. وحجم الضبطية الأخيرة، يدل على مدى التنظيم والمهارة التي تتمتع بها المنظمات والعصابات المنخرطة في هذه التجارة، فعلى الرغم من أن عمليات تزوير العملات التي تتم في الولايات المتحدة تعتمد بالدرجة الأولى على مطابع الليزر المتطورة، إلا أن تعتمد في بيرو على المطابع العادية، وعلى مهارات الحرفيين بالدرجة الأولى، وتقدم منتجاً يصعب كشفه للغاية ليس في أميركا فحسب، وإنما في معظم بلدان أميركا اللاتينية وغيرها من بلدان المناطق الأخرى في العالم. يشار إلى أن عمليات تزوير ورقة البنكنوت الواحدة يقوم بها عادة 10 أشخاص من الحرفيين المهرة، وهم ينفذون هذه العملية على مراحل، لايعرف المشاركون في كل مرحلة منها شيئاً عن الذين سيقومون بتنفيذ المرحلة التالية. وعلى سبيل المثال، فإن رقة العملة من فئة 100 دولار، والتي تباع مقابل 20 دولاراً حقيقياً، لا تزيد تكلفة انتاجها عن 3 -5 دولارات، بما يعني أن ربح العصابة في الورقة الواحدة يمكن أن يصل إلى 15 دولاراً. وبمجرد دخول الأوراق النقدية المزيفة للولايات المتحدة، فإنها تُستخدم في عمليات الشراء من متاجر التجزئة الصغيرة، ومعظهما لا تتبع سياسة صارمة بشأن إعادة المبيعات مرة ثانية إليها، مما يسهل على الأشخاص المنوط بهم توزيع تلك الاوراق المزيفة، استعادة المبالغ التي دفعوها في صورة دولارات مزيفة في صورة دولارات حقيقية. ولكن الأمر ينتهي عند وصول هذه العملات المزيفة إلى البنوك. فهناك تتوقف الخدعة، حيث إن آلات عد الأوراق التي تستخدمها البنوك، تستطيع على الفور التمييز بين العملة المزورة والعملة الحقيقية من خلال تحليل الحبر المغناطيسي على العملة الأخيرة. ولكن عند هذه المرحلة، يكون أكبر الضرر قد وقع على محلات التجزئة وخصوصا الصغيرة منها. *صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©