عدد اليوم
لعقود طوال، ظل المحور الأساسي للنظام الإقليمي العربي، ممثلاً في جامعة الدول العربية، هو بذل أقصى الجهود من أجل التماسك في مواجهة دول الجوار الإقليمي التي تحاول المساس باستقرار ومقدرات العالم العربي؛ لأسباب طائفية أو تاريخية أو دينية أو سياسية. ثم فجأة، تأتي دولة مثل قطر، لتقوض هذا المبدأ بوقاحة سياسية منقطعة النظير، ضاربة مصالح الشعوب العربية عرض الحائط، من أجل علاقات وثيقة مع أخطر مصادر تهديد للأمن القومي العربي، إيران وإسرائيل، أو مع تركيا التي تهتم بالمنطقة بطريقة، يراها البعض مثيرة للقلق.
تفعل قطر ذلك، وهي تعرف أنها بهذه السياسات إنما تخرج عن الإجماع العربي، الشعبي والرسمي؛ لكنها، للأسف، لا تأبه لذلك، مع أن أبواق دعايتها الصفراء الفجة، لا تكف ليل نهار، عن ترديد شعارات جوفاء تزعم بها تبني مصالح وقضايا العرب. إنها المتلازمة القطرية الشهيرة.. اكذب، اكذب، اكذب حتى تصدق نفسك.. حتى لو لم يصدقك أحد أبداً.!
وليس أدل على ذلك، من التقارير التي تتحدث عن اتصالات قطرية إسرائيلية بشأن مقترح قطري لبناء ميناء قرب مدينة إيلات، لتسيير رحلات جوية بين الدوحة وإسرائيل مباشرة، في إطار مساعٍ مشبوهة لتصفية القضية الفلسطينية، بالتزامن مع إعلان مؤسسة الموانئ والبحرية الإيرانية، مطالب قطرية لزيادة حركة الملاحة بين ميناءي بوشهر الإيراني وحمد القطري لتعزيز التجارة، بالتوازي مع تحركات قطرية محمومة لتوثيق العلاقات مع أنقرة، خاصة بعد الاضطرابات الاقتصادية هناك... فهل من بعد هذه الأكروبات التآمرية، مراهقة سياسية وهرطقة استراتيجية؟!
