كنت أستغرب عندما أسمع أن فلاناً أو فلانة يتبع نظاماً غذائياً صارماً لتخفيف وزنه، أو عند تطبيق «حمية» غذائية باتباع قائمة الطعام الملكية للوجبات الأربع، والتي تعتمد عليها الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، وهو السر الذي يحفظ لها رشاقتها وعنفوانها بعد أن تجاوزت منتصف العقد الثامن من العمر، وبعد أكثر من أربعين سنة زواج أنجبت خلالها أربعة من الأبناء. من المؤكد أن سر نجاح الملكة اليزابيث يكمن في قوة إرادتها الفولاذية في كبح جماح شهوة الأكل، وتجنب الوقوع في الخطأ القاتل الذي تعرض له كل من سبقوها في الجلوس على عرش بريطانيا. فبسبب أسلوب الحياة الملكية الذي يتميز بكثرة الولائم والضيافة، فقد وقع جميع من سبقها في هذا الخطأ، بمجاملة الحاضرين، والالتزام بـ «إتيكيت» الضيافة، ومن ثم تناول كميات كبيرة من الطعام تؤدي بالضرورة إلى انتقال مؤشر الميزان إلى أعلى، ومن كيلوجرام إلى آخر، يوماً بعد يوم. «فوبيا» البدانة أو السمنة كانت هاجساً دائماً للملكة اليزابيث، ما جعلها لا تعر التقاليد الملكية اهتماماً على حساب وزنها وصحتها ورشاقتها، فقد التزمت بعدم مجاملة الحاضرين، ولا تتناول إلا كميات بسيطة جداً من كل نوع كما، ولا تشرب كميات كبيرة من المشروبات إلا نادراً، ووفق ما حددته قائمة الطبيب المرافق بكل دقة.
في وجبة الإفطار، تفضل أن تعد شاي الإفطار بنفسها، وتتناول فطورها مع زوجها الأمير فيليب في غرفة طعامهما الخاصة في قصر باكنجهام، ولا تزيد على بيضة واحدة مسلوقة، وكوب من عصير البرتقال، وفنجان من الشاي بالحليب الخالي من السكر تماماً، وفي الظهيرة، تتناول شريحة من لحم الخروف المشوي دون دهن، وطبقاً متوسطاً من الخضراوات المسلوقة، ونظيره من السلطة الخضراء بالخل، وكوباً من عصير البرتقال الطبيعي، وإذا اضطرت الملكة لاستقبال ضيوف في هذه الوجبة فإنها لا تفسد نظامها الغذائي، فلا تتناول إلا كميات قليلة جداً من كل نوع على سبيل مجاملة ضيوفها فقط.
في الساعة الخامسة مساء، دأبت ملكة بريطانيا العظمى على تناول كوب من الشاي السادة دون حليب محلى بقطعة واحدة من السكر، وقطعة واحدة أيضاً من البسكويت الحلو أو المملح، وغالباً ما تكتفي بكوب الشاي فقط في معظم الأحوال.
أما الوجبة الرئيسية للملكة اليزابيث، فكانت تقدم إليها في الساعة الثامنة مساء، وتتكون من شريحة من لحم الخروف أو الدجاج المشوي غالباً، وطبق السلطة الخضراء «سكوتش»، وقطعة من الخبز المحمص «التوست»، وشريحة من سمك «الأنشوجة»، وحبة واحدة من الفاكهة، وتفضل البرتقال غالباً. رغم قوة إرادة الملكة اليزابيث، فهي أيضاً تحرص على الحركة والعمل المستمر، والمشي والسفر آلاف الأميال براً وبحراً وجواً، وهي عادة ما تبدأ عملها ونشاطها اليومي منذ الساعة السادسة صباحاً، وتستمر حتى منتصف الليل، وتراقب أي زيادة يمكن أن تطرأ على وزنها أولاً بأول، ونراها تمشي في نهاية كل أسبوع، وفي جميع فصول السنة، وترتدي التويد الذي تفضله، والحذاء المنخفض دون كعب، والمعطف شتاءً.
أعتقد أن سر نجاح هذا البرنامج الإصرار على قهر شهوة النفس من أجل النجاح. وسلامتك
المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
عدد اليوم
