الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تحويل التحديات إلى فرص .. الطريق الأمثل للتقدم والتغيير الإيجابي

20 يناير 2014 23:12
كثيراً ما يسألني البعض عن أبرز تحديات التنمية المستدامة التي نواجهها في عصرنا الحالي، وبالطبع، يواجه عالمنا اليوم مجموعة واسعة من التحديات الكبيرة التي تتطلب التصدي لها والعمل على معالجتها، ومن أبرزها توفير الاحتياجات الغذائية للأعداد المتنامية من سكان العالم، وتحسين مستوى معيشة الفقراء، وإزالة الحواجز التي تفرقنا، ووضع حد للصراعات العنيفة، من سوريا إلى الكونغو. وعند إلقاء نظرة عن قرب على بعض هذه التحديات، أشعر بأن معظم المشاكل الكبيرة التي نعاني منها في عصرنا الحالي، مرتبطة بمشاكل بنيوية أكبر بكثير. ومن بين هذه التحديات الجذرية الطريقة التي نتعامل فيها مع كوكبنا الجميل من خلال تدمير النظم البيئية الهشة والقضاء على التنوع البيولوجي، واستنفاد مواردنا الطبيعية المحدودة. فعلى سبيل المثال، يخلّف ارتفاع درجات حرارة الأرض تداعيات شديدة على كوكبنا يمكن رصدها بسهولة من خلال ظواهر واضحة بما في ذلك التصحر، وندرة المياه والضغط على الموارد المائية، والهجرة الجماعية، والفقر. ومن جانب آخر، أدى النهم للهيمنة على موارد الوقود الأحفوري إلى إشعال الاضطرابات والنزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم. التغيير الإيجابي إن الوضع الذي نعيشه حاليا أشبه بحلقة مفرغة، وقد شكل هذا الوضع مجال اهتمامي الأبرز على مدى العقود الماضية. ولكن، بقدر ما أدرك أهمية وخطورة الأمر، إلا أنني لا أميل إلى الكآبة والتشاؤم، فبدون شك هناك تحديات كبيرة تواجهنا اليوم، ولكن يمكننا التصدي لها. وأود أن أنظر إلى هذه السلسلة المترابطة من التحديات باعتبارها فرصة كبيرة لدفع عجلة التقدم والتغيير الإيجابي من خلال وضع سياسات منطقية وأيضاً عبر الابتكار والاستثمارات الذكية. وكما في كثير من الأحيان، يمكن لرواد الأعمال لعب دور رئيسي في هذا المجال علماً بأن العديد منهم ملتزمون أكثر من أي وقت مضى بمسؤولياتهم المتعلقة بالمساهمة في التصدي لهذه التحديات. وتتمثل أكبر التحديات التي نواجهها في ضمان تأمين طاقة نظيفة وآمنة ومستدامة للأجيال الحالية والمستقبلية. ويعد تحسين الوصول إلى الطاقة الأساس لتأمين حياة مستدامة لسبعة مليارات إنسان في العالم. وعلى الرغم من ضخامة قطاع الطاقة وأهميته، إلا أنه ينطوي على الكثير من الفرص التي يمكن الاستفادة منها للمساهمة في تحسين الوصول إلى الطاقة. وقبل كل شيء، يجب أن ندرك أنه أمامنا فرصة لاستخدام الطاقة بكفاءة أكبر مقارنة بطريقة استخدامنا لها حالياً، حيث ينطبق الأمر على السيارات والطائرات ذات الكفاءة العالية في استخدام الوقود وعلى الأجهزة الإلكترونية وغير ذلك. كما يزداد التركيز على استخدام الطاقة في المباني، فقد أشار تقرير صدر مؤخراً عن منظمة «كربون وور روم» إلى أن 40% من إجمالي الطاقة المتاحة عالمياً يتم استخدامها في المباني، وأنها تتسبب في ثلث الانبعاثات الكربونية في العالم. ولا تقتصر أهمية تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة على دورها الكبير في الحد من الانبعاثات الكربونية العالمية، حيث يمكنها تفادي إطلاق أكثر من 1.1 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، بل يمكن أن تكون الوفورات المالية الناتجة عن الحد من استهلاك الطاقة بنفس القدر من الأهمية، ونحن نتحدث هنا عن إمكانية توفير تريليونات الدولارات على مستوى العالم. التقنيات الجديدة كما أن التقنيات الجديدة والمبتكرة، بما فيها مختلف أنواع الوقود المتجدد والخلايا الشمسية عالية الكفاءة ومنخفضة التكلفة، تحتاج إلى دعم مالي لنشرها وتطويرها، فالعالم بحاجة إلى تقنيات مبتكرة تساعد في التصدي للتحديات الراهنة في مجال الطاقة. وأنا على قناعة بأن بعض مفاهيم وتقنيات الطاقة الجديدة التي لا تزال في مراحلها المبكرة، سوف يكتب لها النجاح، وستعود على الشركات والمستثمرين والأفراد وكوكب الأرض عموماً بفوائد مالية تقدر بمليارات الدولارات. ويتمثل التحدي الذي يواجه المستثمرين في رسم سيناريوهات يمكنهم من خلالها دعم هذه الجهود دون إنفاق الكثير من المال بلا فائدة. وأشارت مؤخراً مجلة «تكنولوجي ريفيو» الصادرة عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى أنه على المؤسسات الخاصة النظر إلى الاستثمار في الشركات المبتدئة على كونه «منحة خيرية» ستؤتي ثمارها على المدى الطويل، حتى وإن حققت هذه الشركات عوائد ضخمة. وتكمن الفكرة هنا بأن المستثمر العادي ينظر إلى الاستثمار في مثل هذه الشركات على كونه مخاطرة كبيرة، وبالتالي، لا بد لهم من التفكير في الأمر كما لو كان مساهمة خيرية تخدم الصالح العام، ولكن، من الضروري أيضاً التركيز على ضمان تسخير الموارد المالية للأفكار المناسبة وفي المكان المناسب. حوافز الطاقة ومن الضروري أيضاً معالجة موضوع حوافز الطاقة في العالم، فدائماً ما يشير النقاد إلى أن تكاليف توليد الطاقة المتجددة ومنخفضة الانبعاثات الكربونية هي أعلى من تكاليف توليد الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري التقليدي، وبالتالي فهي لا تمثل حافزاً اقتصادياً جيداً. وعلى الرغم من ذلك، أشار «صندوق النقد الدولي» في تقريره الذي صدر في مارس 2013 إلى أن إجمالي حوافز الطاقة العالمية سيصل إلى حوالي 1.9 تريليون دولار على مستوى العالم، أي ما يعادل 2.5% تقريباً من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وفي حال إلغاء الإعانات الضريبية للطاقة في العالم، يمكن الحد من حجم الانبعاثات الكربونية العالمية بما يزيد على 4 مليارات طن أو 13%. وللمقارنة فقط، استثمر العالم 244 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة عام 2012، وكان من الممكن أن يكون هذا الرقم أكبر لولا غياب الدعم الكافي والسياسات غير المستقرة وغير المؤكدة لقطاع الطاقة المتجددة. لقد أصبح التصدي للتحديات التي يواجهها قطاع الطاقة المتجددة اليوم أشبه بتسلق قمة شاهقة، ولكن ما يبعث على التفاؤل أن هذه القضية بدأت تكسب زخماً متزايداً ويتعاون الناس في جميع أنحاء العالم على معالجتها. والأهم في الأمر ليس سرعة الوصول إلى تلك القمة، بل قدرتنا على تجنب الخسائر قدر الإمكان في الطريق. ريتشارد برانسون مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة «فيرجين»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©