الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علاج حركاتي الصلعاء

علاج حركاتي الصلعاء
15 فبراير 2009 01:34
يفترض ألا أكشف حركاتي للناس، خصوصاً لمن يعرفونني ويلتقون بي، لكنني سأفعل ليساعدني كشفها في التخلص منها، لأنها حركات ''قرعة''، ولن تناسبني وأنا أتقدم في العمر وأصبح أباً للمرة تلو الأخرى· حركاتي الصلعاء جاءت بسبب حاجتي إليها أثناء المشي في مكان عام، حيث أختبئ خلفها كما يفعل الأطفال حين يختبئون خلف الطاولة أو الباب· وأعتقد أنها خاصة بي وحدي ولا تندرج ضمن علم لغة الجسد الذي يمارسه كل البشر بشكل فطري أو متعمد· أولى الحركات هي ''الحركة التشتيتيّة''، وفيها أُشتّت ذهن من يراني وألاحظ أنه يدقق النظر في جزء لا يعجبني من جسدي أو هندامي، بأن أقوم فوراً بتغيير حطّة (وضعية) الغترة فوق رأسي، فأقطع بذلك نظراته وأبعثرها· وإذا كان عدد ''المشاهدين'' كبيراً، كأثناء اجتياز ممر أو المرور أمام مقهى أكون فيه مكشوفاً للجميع، خصوصاً الجنس الناعم، فإن الحركة التشتيتيّة تتضاعف، فمرة ألعب بالغترة، ومرة أثبت النظارة على أنفي، وفي الثالثة أرفع ياقة كندورتي، وهكذا بمجموعة حركات سريعة وخاطفة أجعلهم لا يلاحظون كرشي الذي يترنّح يميناً ويساراً مثل كيس الملاكمة· وهناك ''الحركة التوازنيّة'' التي ألجأ إليها حين أفقد الثقة بنفسي، أو أشعر أنني إنسان مهزوز، حيث أظل أتحدث أمامهم بـ''الموبايل'' مع طرف لا وجود له، وكلما كنت أشعر بعدم توازن أكثر، وأوشك على السقوط، كان الكلام بصوت أعلى يتخلله ضحكات وتعبيرات وجه مختلفة· بالطبع هذه الحركة الغبية تحتاج إلى وضع الأصبع في حالة تأهّب على الزر الأحمر، أي زر الإغلاق، فقد يتصادف أن أتلقى مكالمة حقيقية من شخص ثقيل ونحس، فيرّن ''الموبايل'' وأنا أتحدث فتكون الفضيحة مجلجلة· ولأن هذه الحركة خطرة، ويمكن أن تُكتشف، سواء برنين أو وميض، فإنني في بعض الأحيان أتصل برقم هاتف أعرف أن أحداً لن يجيب عليه، كهاتف المنزل، أو العمل في الفترات المسائية· وهناك ''الحركة القياسية''، فلأنني أُعتبر قصيراً أمام من يستطيع وضع الكرة في السلة من دون أن يُتعب نفسه بالقفز إليها، وأُعتبر سميناً مقارنة بمن يمكنه الدخول إلى السجن عبر المرور بين قضبان الحديد، فأقوم، في حال كنت أسير مع هكذا أشخاص، أو كانوا يمرّون بمحاذاتي بالصدفة، بالابتعاد عنهم وترك مسافة تجعل مقارنتهم بي صعبة، لأن الاقتراب منهم سيعني للمشاهد أنني قصير وسمين، وأنا لست كذلك إلا بالقياس إلى هؤلاء المجرمين· منشأ هذه الحركات هو الاعتقاد أن العالم لا شغل له سوى مراقبتي، وتسجيل حركاتي، ثم دراستها ووضع ملاحظات عليها لاكتشاف المزيد من وظائف الجسد البشري، كما يراقب العلماء حيوانات الغابة والبراري من بعيد· والأكيد أن أحداً لا يحفل بمروري، ولا يعنيه من أمري حتى لو سقط حجر من السماء على رأسي، لكنني أفترض أنهم يراقبونني لأنني من المراقبين الدوليين الكبار، وأصلح لأكون مراقباً دولياً على الحدود المتوترة بين الدول· أفعل ذلك لأعرف إن كان الناس بشراً طبيعيين أو من أصحاب الحركات ''القرعة''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©