السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمير بن وهب.. داهية الحرب وفارس الدعوة

عمير بن وهب.. داهية الحرب وفارس الدعوة
6 يوليو 2014 23:05
أحمد مراد (القاهرة) في الجاهلية كان من أشد أعداء الإسلام، وفي العام الثاني للهجرة أشهر إسلامه، وأصبح من يومها واحداً من المخلصين للإسلام والمدافعين عن رايته، هو عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة، واحد من قادة قريش، وبطل من أبطالها، وكان حادَّ الذكاء، وداهية حرب، وكان ممن يؤذون رسول الله وأصحابه، وفي غزوة بدر طلب منه أهل مكة أن يستطلع لهم عدد المسلمين، فانطلق يترقب حول معسكر المسلمين، ثم رجع يقول لقومه: إنهم ثلاثمئة رجل، أو يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، وكان تقديره صحيحا، ثم سأله قومه: هل وراءهم مدد أم لا؟ فقال: لم أجد وراءهم شيئاً، ولكنى رأيت قوماً وجوههم كوجوه الحيات، لا يموتون حتى يقتلوا منا أعدادهم، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم. والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم، فإذا أصابوا منكم مثل عددهم، فما خير العيش بعد ذلك، فانظروا رأيكم. فتأثر عدد من زعماء قريش بكلامه، وكادوا يعودون إلى مكة بغير قتال، لولا أن أبا جهل أيقظ في نفوس الكفار نار الحقد، وأشعل نار الحرب، ولما نشبت المعركة كان عمير أول من رمى بنفسه عن فرسه بين المسلمين. بعد الهزيمة وذات يوم جلس عمير مع صفوان بن أمية في الحجر بعد هزيمتهم في بدر، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر، فقال صفوان: والله ما إن في العيش بعدهم خيراً. فقال له عمير: صدقت، أما والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فاغتنمها صفوان، فقال: عليَّ دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم، فقال له عمير: فاكتم عليَّ شأني وشأنك. قال: سأفعل. ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، إذ نظر عمر إلى عمير وقد أناخ راحلته على باب المسجد متوشحاً السيف، فقال: هذا عدو الله عمير بن وهب ما جاء إلا لشر، ثم دخل عمر على رسول الله - عليه الصلاة والسلام - وأخبره بذلك، فقال النبي: أدخله عليَّ، فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها، وقال لمن كان معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون. الأسير ثم دخل به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه رسول الله وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال: ادن يا عمير فما جاء بك، قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: فما بال السيف في عنقك، قال: قبحها الله من سيوف وهل أغنت شيئاً، قال: اصدقني ما الذي جئت له، قال: ما جئت إلا لذلك، قال: بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين عليَّ وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً، فتحمل لك صفوان بن أمية بدين وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك. فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله. ثم شهد شهادة الحق، فقال رسول الله: فقهوا أخاكم في دينه، وعلموه القرآن واطلقوا أسيره، ففعلوا. وذات يوم قال عمير: يا رسول الله إني كنت جاهداً على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله، وأنا أحب أن تأذن لي، فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله، وإلى رسوله، وإلى الإسلام لعل الله يهديهم، فأذن له رسول الله. وعاد عمير إلى مكة مسلماً، وراح يدعو كل من يقابله من أهل مكة إلى الإسلام، فأسلم على يديه عدد كبير، ورأى صفوان بن أمية، فأخذ ينادي عليه، فأعرض عنه صفوان، وفي يوم فتح مكة، لم ينس عمير صاحبه وابن عمه صفوان، فراح يدعوه إلى الإسلام، فشد صفوان رحاله نحو جدة، ليذهب منها إلى اليمن، وصمم عمير على أن يسترد صفوان، وذهب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال له: يا نبي الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه قد خرج هاربا منك، ليقذف بنفسه في البحر فأمنه، فقال النبي: «قد أمنته»، فقال عمير: يا رسول الله، أعطني آية يعرف بها أمانك، فأعطاه الرسول عمامته التي دخل بها مكة. أحلم الناس وخرج عمير حتى أدرك صفوان، فقال: يا صفوان هذا أمان رسول الله قد جئتك به. فقال له صفوان: ويحك، اغرب عني فلا تكلمني، فقال عمير: أي صفوان، فداك أبي وأمي، إن رسول الله أفضل الناس، وأبر الناس، وأحلم الناس، عزه عزك، وشرفه شرفك. فقال صفوان: إني أخاف على نفسي، فقال عمير: هو أحلم من ذاك وأكرم. فرجع معه وذهبا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال صفوان للنبي: إن هذا يزعم أنك قد أمنتني. فقال الرسول «صدق»، فقال صفوان: فاجعلني فيه «أي في الإيمان» بالخيار شهرين. فقال الرسول: «بل لك تسير أربعة أشهر» وأسلم صفوان، وسَعِد عمير بإسلامه. وواصل عمير مسيرته في نصرة الإسلام، حتى أصبح من أحب الناس إلى رسول الله، ونال عمير احترام خلفاء الرسول وعاش حتى خلافة عمر بن الخطاب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©