الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والانفتاح المحسوب على ميانمار

18 يناير 2012
بول ريتشر وسيمون رونين ومارك ماجنير محللون سياسيون أميركيون أعادت إدارة أوباما علاقاتها الدبلوماسية كاملة مع ميانمار (بورما سابقاً) في خطوة اعتبرها مراقبون مكافأة للحكومة التي يدعمها الجيش نظير الإصلاحات التي اتخذتها وتشمل وقف إطلاق النار مع متمردين من عرقيات مختلفة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وقد جاء قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية الذي اتخذته الإدارة الأميركية يوم الجمعة الماضي بعد ستة أسابيع فقط على الزيارة التاريخية التي أدتها وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، إلى ميانمار في إطار جهود واشنطن للانخراط مع ذلك البلد الاستراتيجي في جنوب شرق آسيا الذي ما زال خاضعاً للعقوبات بسبب سجله السلبي في مجال حقوق الإنسان. وقد أبدت الولايات المتحدة حرصاً خاصاً على التقارب مع ميانمار أقله لاجتذاب البلد الغني بالموارد الأولية بعيداً عن الفلك الاقتصادي والسياسي للصين، وكانت كلينتون قد حطت في العاصمة رانجون مباشرة بعد إعلان أوباما عن التحول في السياسة العسكرية والدبلوماسية الأميركية تجاه منطقة آسيا والمحيط الهادي لتطمين حلفاء أميركا الآسيويين باستمرار الانخراط الأميركي لمواجهة صعود الصين في المنطقة وموازنة نفوذها المتنامي. وعلى مدى العقدين الماضيين ظلت العلاقات الدبلوماسية بين ميانمار وأميركا في حدودها الدنيا، ولكن دون أن تصل إلى مرحلة القطيعة التامة، ولكن اليوم، في ظل الانفتاح الأميركي الجديد، تعتزم واشنطن إرسال سفير إلى تلك البلاد لأول مرة منذ عام 1990، فيما دعت حكومة ميانمار لإرسال سفيرها هي أيضاً إلى واشنطن. وكان أوباما قد رحب يوم الجمعة الماضي، وهو يعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية، بالتقدم الذي حققته ميانمار على أكثر من صعيد، ولاسيما بعد الإعلان عن إطلاق سراح 651 معتقلاً. ومع أنه يتعذر على المسؤولين الأميركيين تأكيد العدد الإجمالي للمفرج عنهم، أو هوية الأشخاص المستفيدين، إلا أنهم قالوا إن العدد يشمل بعض القادة والنشطاء المطالبين بالديمقراطية الذين ظلوا في السجن منذ أن أخمدت السلطات احتجاجات سلمية مناهضة للحكومة في عام 1988. وقد وصف أوباما هذه الخطوة في بيان صادر يوم الجمعة الماضي بأنها "إجراء متقدم نحو الإصلاح الديمقراطي"، مضيفاً أنه "على رغم العمل الإضافي الذي يتعين على السلطات في ميانمار القيام به للاستجابة لتطلعات الشعب، إلا أن الحكومة الأميركية ملتزمة بالانخراط مع ميانمار". وبالإضافة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين رحب المسؤولون الأميركيون أيضاً بقرار وقف إطلاق النار مع متمردي عرقية "الكرين"، مؤكدين أن ذلك قد يفتح الطريق لإنهاء إحدى أطول عمليات التمرد في العالم، إذ حاربت أقلية "الكرين" السلطة المركزية مطالبة بحكم ذاتي منذ استقلال ميانمار عن بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. ومن جانبها وصفت كلينتون الإصلاحات الأخيرة بأنها "تاريخية وواعدة"، قائلة إن واشنطن "ستقابل الفعل بالفعل"، ولكنها أكدت في الوقت نفسه أن تطبيعاً نهائيّاً للعلاقات، بما فيه عملية تفكيك العقوبات المفروضة على ميانمار، سيستغرق بعض الوقت. وكانت العملية الإصلاحية في ميانمار قد انطلقت في عام 2010 عندما عقدت الحكومة أول انتخابات وأطلقت سراح زعمية المعارضة، "أونج سان سوكي"، واعترفت بحزبها المحظور سابقاً "العصبة الوطنية من أجل الديمقراطية"، هذا بالإضافة إلى الاعتراف بشرعية الاتحادات العمالية ووقف بناء سد مثير للجدل تشيده الصين. ومع أن الرئيس "تين سين" يقف وراء الإصلاحات الأخيرة ويدعم بقوة استمرارها يرى المراقبون أن الرجل القوي في النظام "تان سوي" ما زال يتمتع بتأثير قوي وقد يغير مسار الإصلاحات إذا شعر بأن عملية الانفتاح قد ذهبت بعيداً. وتريد الولايات المتحدة من ميانمار، في إطار العلاقات المستجدة، الإفراج عن ألف معتقل إضافي ما زالوا يقبعون في السجون، وسن قوانين جديدة تكفل حرية التعبير والتجمع وباقي الحقوق الأساسية، كما تطمح إدارة أوباما في أن يؤدي الانفتاح الدبلوماسي على ميانمار إلى تغيير وجهة البلاد في اتجاه الغرب وموازنة النفوذ القوي للصين. هذا بالإضافة إلى تطلعات الشركات الأميركية للاستفادة من احتياطات النفط والغاز وباقي الموارد الطبيعية التي تزخر بها البلاد. ومن الأهداف الأخرى أيضاً التي تعول أميركا على تحقيقها من تقاربها الأخير مع ميانمار إقناع السلطات هناك بوقف علاقاتها العسكرية مع النظام في كوريا الشمالية، فقد أعرب المسؤولون الأميركيون في السابق عن خشيتهم من تطوير النظام العسكري في ميانمار لقنبلة نووية إلى جانب الصواريخ الباليستية بمساعدة بيونج يانج، وهو ما دفع بواشنطن إلى التركيز على ضرورة فتح المنشآت العسكرية أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذه المخاوف كشفها موقع "ويكيليكس" الذي سرب برقية دبلوماسية أميركية تعود إلى عام 2004 تشير إلى أن المئات من الخبراء الكوريين يعملون في ميانمار على تطوير صواريخ وبناء مواقع عسكرية تحت الأرض مقاومة للقصف، وفي السنوات الأخيرة أيضاً منعت البحرية الأميركية وصول سفن كورية إلى ميانمار يشتبه في أنها تحمل أسلحة متطورة. وعلى رغم أجواء الصراع السياسي الراهن في واشنطن مع انطلاق الحملة الانتخابية، فقد أبدى الجمهوريون ترحيباً بالانفتاح على ميانمار، بمن فيهم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، "ميتش ماكونيل" والسيناتور جون ماكين اللذان كانا سابقاً من أشد معارضي النظام العسكري في ميانمار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©