الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر...والإعلان الدستوري المكمل

19 يونيو 2012
أصدر القادة العسكريون في مصر مرسوماً دستورياً الأحد الماضي، يمنح القوات المسلحة صلاحيات ضخمة، ويهبط بمكانة الرئيس لمنزلة التابع، في الوقت نفسه تقريباً الذي أعلنت فيه جماعة "الإخوان المسلمين" فوز مرشحها محمد مرسي بجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية. وهذا التأكيد الجسور على القوة من قبل جنرالات المجلس العسكري الحاكم يأتي في أعقاب شهور ظلوا فيها يعدون بأنهم سيسلمون السلطة لحكومة مدنية جديدة بنهاية شهر يونيو الحالي. ولكن الخطوة الجديدة التي اتخذوها تمثل كما يقول الناشطون والمحللون السياسيون، بداية لديكتاتورية عسكرية، وهو ما يعد تراجعاً عن الوعد الذي مثلته الثورة الشعبية التي أدت لتنحي مبارك عن الحكم العام الماضي. والإعلان الدستوري الذي نشر في الجريدة الرسمية كان متوقعاً، بيد أن تفاصيله تدل على أن العسكريين قد حرصوا على تعزيز سلطاتهم على نحو أكبر بكثير مما كان معظم المراقبين يتوقعونه. فبموجب الإعلان لن يكون للرئيس الجديد سيطرة على ميزانية الجيش، ولا على قيادته، ولن يمنح تفويضاً بإعلان الحرب من دون الحصول على موافقة الجنرالات أولاً. وجاء في الوثيقة أن الجنرالات سيعينون عما قريب مجموعة من المصريين لكتابة دستور جديد للبلاد، سيتم عرضه بعد الانتهاء من صياغته على استفتاء شعبي لإقراره خلال ثلاثة أشهر. وبمجرد وضع الدستور سيتم عقد انتخابات برلمانية لانتخاب مجلس شعب، يحل محل المجلس الذي تم حله، والذي كان يسيطر عليه الإسلاميون، بعد أن أعلنت المحكمة الدستورية العليا أن انتخاب ثلث عدد أعضائه كان باطلاً. يقول حسن بهجت الناشط البارز في مجال حقوق الإنسان في معرض تعليقه على صدور الإعلان الدستوري:"بصدور هذه الوثيقة تكون مصر قد خرجت من فضاء "الربيع العربي"، وهو ما جسد أكثر مخاوفنا سوءاً على الإطلاق". لم يترك الإعلان الدستوري سوى مجال قليل للشك بأن الجنرالات المصريين، قد تحركوا للمحافظة على موقعهم المميز وتوسيع نطاقه بعد الفترة الانتقالية، التي أبرزت بشكل واضح ما يحظى به الساسة الإسلاميون من قبول كبير في أوساط الشعب. كما يؤشر ذلك الإعلان من ناحية أخرى على قلق المؤسسة العسكرية، إذا ما تمت إقامة نظام مدني يقوم على التوازن بين السلطات الثلاث الرئيسية، والرقابة المتبادلة بينها، وتعمقت جذوره. لم يصدر حتى الآن رد فعل أولى تجاه هذا التطور من جانب إدارة أوباما الذي يستعد للمشاركة في قمة الدول العشرين الكبرى في المكسيك، ولكن ما لا شك فيه أن الإعلان سيفاقم من قلق الإدارة بشأن نفوذها الآخذ في التضاؤل في مصر. يذكر أن"ليون بانيتا" وزير الدفاع الأميركي كان قد اتصل بالمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل صدور الإعلان المذكور بيومين أكد فيه على "الحاجة لتحقيق انتقال كامل وسلمي نحو الديمقراطية في مصر"، بحسب مصادر البنتاجون. يشار في هذا السياق أيضاً إلى أن الإعلان عن حل البرلمان قد دفع السيناتور" باتريك جيه.ليهاي" رئيس لجنة الكونجرس المشرفة على المساعدات الأجنبية للتحذير من صرف أي قدر من مبلغ المليار دولار المخصص، كمساعدة للجيش المصري ضمن المساعدات السنوية لمصر، والتي تبلغ في مجملها 1.3 مليار دولار. وكان الإعلان الدستوري قد أصدر بعد 20 دقيقة فقط من إغلاق باب التصويت في الساعة العاشرة من مساء الأحد بتوقيت القاهرة. وعلى الرغم من أن "مرسي" تقول إن مرشحها قد حسم الانتخابات لمصلحته إلا أن حملة المرشح المنافس أحمد شفيق قد كذبت ذلك. ومن المنتظر إعلان النتيجة النهائية لتصويت الجولة الثانية من الإعادة بصفة رسمية يوم الخميس المقبل. وقد قامت جماعة "الإخوان المسلمون" بشجب صدور الإعلان الدستوري المكمل وقالت إنه يعتبر اغتصاباً للسلطة الشرعية. وقد أدلى مراد محمد علي المتحدث باسم حملة مرسي بتصريح على الهاتف في هذا الشأن قال فيه" إن صدور الإعلان أمر سخيف ويؤكد أننا نواجه ديكتاتورية". وعشية الأحد قالت "هبه مورايف" الباحثة في هيومان رايتس ووتش"، والتي تعمل من القاهرة في معرض تعليقها على صدور الإعلان الدستوري :"إن ذلك يجعل من المستحيل الكلام عن تحويل السلطة لسلطة مدنية في نهاية شهر يونيو". وأضافت مورايف:" لقد كان أقل ما يمكن قوله عن ذلك الإعلان إنه انقلاب ناعم ولكنه يتحول الآن ليغدو انقلاباً فجاً لحد كبير". وقد أصدرت حملة "شفيق" بياناً يوم الأحد اتهمت فيه الإخوان المسلمين بـ"الغش الممنهج الذي اشتمل على تسويد البطاقات وتقديم الرشاوى للناخبين وإرهابهم، وشن هجمات بالقرب من مراكز الاقتراع". وقال البيان إن انتهاكات "الإخوان تثبت أن الجماعة" لا تؤمن بحرية الاختيار والديمقراطية ما لم توصلهم تلك الديمقراطية للسلطة". من جانبها رفضت حملة مرسي هذه الاتهامات وقالت إن حملة شفيق هي من ارتكب انتهاكات انتخابية. أما المراقبون المستقلون فلم يدعوا أن هناك انتهاكات واسعة النطاق قد وقعت في جولة الإعادة التي تمت يومي السبت والأحد الماضيين. ولكن الاتهامات المتبادلة بين المعسكرين تعطي لمحة عن مدى شراسة النزاع الذي سينشأ بمجرد الإعلان الرسمي عن اسم الفائز. ارنستو لوندونو وليلى فاضل القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©