الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طرطوس… خارج نطاق الثورة السورية

طرطوس… خارج نطاق الثورة السورية
20 يونيو 2013 00:20
باتريك ماكدونل طرطوس قد تكون الحرب بصدد تدمير معظم سوريا، إلا أنه لا وجود لمؤشر على الحرب في الشوارع التي تعج بالحركة هنا، حيث يقوم مرتادو المطاعم بنظاراتهم الشمسية بطلب أطباق السمك الطازج في المقاهي والمطاعم المصطفة على جانب البحر ويستمتعون بمنظر يشبه نسخة رثة قليلاً من جنوب فرنسا أو الجزر اليونانية. هنا، لا وجود لصفوف العمارات السكنية المهشمة والمدمرة التي باتت تميز أجزءاً من مدن استحالت ساحات معارك مثل حمص ودمشق وحلب. غير أن ذلك لا يعني أن هذا الميناء القديم -الذي كان ذات مرة موطناً للفينيقيين، والرومان، والصليبيين-لم ينل نصيبه من الخسائر. فعلى جانب الشارع و«حائط الشهداء» بالقرب من محطة مزدحمة للحافلات هناك ملصقات ملونة تخلد أرواح أبناء المنطقة الذين قُتلوا في معارك دفاعاً عن حكومة بشار الأسد. ويقول المسؤولون إن أكثر من 2500 من أبناء المنطقة، ومعظمهم جنود، قُتلوا في الحرب الأهلية التي بدأت قبل عامين. وفي هذا الإطار، يقول سامر أحمد، 29 عاماً، الذي يعمل ميكانيكي سيارات، وهو يتفحص صور قتلى الحرب بحثاً عن وجوه مألوفة لأصدقاء قدامى: «من المهم أن نُظهر أننا نقدِّر تضحياتهم»، مضيفاً «إننا نؤمن جميعاً بالقضية». وإذا كان الكثيرون في المعارضة يعتبرون حكومة الأسد عصبةً قاتلة مصممة على الحفاظ على السلطة بأي ثمن، فإن معقل أنصار النظام هذا لطالما أرسل أبناءه، الذي ينتمي الكثير منهم إلى الطائفتين العلوية والمسيحية، للخدمة في جيش الأسد وأجهزة الأمن. ويُذكر هنا أنه عندما أخذت الحكومة تفقد أراضي متزايدة خلال الحرب لصالح قوات الثوار، كان يشار إلى الساحل المتوسطي في كثير من الأحيان باعتباره منطقة يمكن أن يلجأ إليها النظام ويتحصن بها، وإلى طرطوس كعاصمة لدويلة صغيرة في المستقبل تهيمن عليها الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. ومن المعلوم أنه قبالة الساحل توجد قاعدة بحرية روسية تعود إلى الفترة السوفيتية، ممثلةً الوجود المطمْئن لحليف قوي. وفي هذه الأثناء، قامت الولايات لمتحدة، التي انضمت منذ وقت طويل إلى حلفائها الغربيين في المطالبة بتنحي الأسد، بتصعيد ضغوطها يوم الخميس الماضي؛ حيث أعلن البيت الأبيض أنه خلص إلى أن سوريا قامت باستعمال أسلحة كيماوية في القتال، كما قال مسؤولون إن الولايات المتحدة ستشرع في تسليح بعض مجموعات المعارضة. غير أن بعض المسؤولين في طرطوس، مثل المحافظ نزار موسى، الذي يعتبر من أنصار الأسد المخلصين، يسخرون من الفكرة التي تقول إن أي شيء وشيك إلا النصر، وهو شعور عززه التقدم الذي حققته قوات النظام ضد قوات الثوار خلال الآونة الأخيرة. وقال موسى، الذي دعا الزوار إلى الجلوس في كراس وثيرة وفاخرة وارتشاف كؤوس الشاي في مكتبه الفسيح: «إننا بصدد هزم وقتل كل الإرهابيين». والواقع أن دعم الأسد يبدو قوياً، حتى بين نخبة المال والأعمال السنية التي لطالما هيمنت على التجارة. ومعلوم أن السنة، الذين يمثلون الأغلبية في سوريا، يقودون الثورة ضد الأسد. وفي مايو الماضي، اتهم نشطاء المعارضة القوات الموالية للنظام بقتل أكثر من 100 مدني سُني حول بلدة بانياس التي تضم مصفاة نفطية وتبعد بنحو نصف ساعة إلى الجنوب بواسطة السيارة. لكن الحكومة اكتفت بالقول إن الجيش اشتبك مع «إرهابيين»، وهي الكلمة التي تستعملها للحديث عن الثوار المسلحين. معظم عشرات الآلاف الذين فروا إلى الساحل من مناطق الحرب السورية هم سنة أيضاً. وفي الجو المتوتر الذي يسود في سوريا حالياً، بدا كل من قصدناهم للحديث أو التعليق حول هذا الموضوع حريصاً على التعبير عن ولائه للحكومة، وخاصة بالنسبة لصحفي أجنبي يرافقه موظف حكومي. وفي هذا السياق، قالت سيدة مسنة من محافظة حمص المجاورة، جلست مع عائلتها على صخرة بالقرب من الكورنيش مؤخراً: «ينبغي أن نصدِّر إلى أوباما الموت الذي يرسله إلينا». وطلبت ألا يشار إليها إلا بلقبها «أم محمد». الطريق السريع الغربي من حمص إلى الساحل يتيح نظرة من بعد إلى قلعة «كراك دي شوفالييه» الصليبية الشهيرة الواقعة على أعلى الجبل والتي تحولت اليوم إلى حصن للثوار على ما يقال. ولكن الطريق نفسه كان سالكاً بينما كان يمتد صعوداً إلى ما يسمى جبال العلويين ثم يهبط إلى الساحل. وتعكس نقاط التفتيش الكثيرة تصميم الحكومة على الحفاظ على سيطرتها على الممر الاستراتيجي من العاصمة دمشق إلى الساحل. في طرطوس، ليس ثمة حديث صريح عن الطائفية، وكل ما هناك هو ولاء ثابت على ما يبدو لحكومة يُنظر إليها من قبل الكثيرين باعتبارها حصناً أمام هجوم من قبل الثوار ينذر بالفوضى والتعصب الديني. وفي هذا الإطار، يقول المحافظ موسى: «لماذا تقف أميركا، بلاد الديمقراطية العلمانية التقدمية، إلى جانب أشخاص يرغبون في إرجاع هذا البلد إلى القرن السابع؟». وخارج مكاتب المحافظ الفخمة، كانت نسوة متشحات بالسواد يقفن في الممر، ينتظرن كلمة حول محنهن الحزينة. إنهن أرامل الحرب في طرطوس. وقالت هدى شَهود، وهي أم لخمسة أبناء تنتمي إلى الطائفة العلوية ، وهي تتذكر موت عادل فيلارة، 36 عاماً، في محافظة إدلب الشمالية حيث كان يخدم في الجيش: «لقد تعرض زوجي للاختطاف، ثم قاموا بإعدامه». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©