الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متى ستنتهي معاناتنا؟

21 مايو 2006

في بدايات شهر ابريل 2006 اضطرت جدتي الى دخول مستشفى (····) في رأس الخيمة، نظراً لإصابتها بزكام خفيف، واحتقان وتجمع الماء في الصدر، فتوجهت الى المستشفى للعلاج الملائم ، كونها امرأة كبيرة بحاجة الى العناية والاهتمام، ومن ثم بدأ العلاج ، وكان العلاج عبارة عن مراجعة طبيب، وإجراء الفحوصات وإمدادها بأدوية وحبوب وغيرها·
كان هذا الأمر عادياً جداً بالنسبة لنا، وقد اعتدنا على دخولها للمستشفى بين الفينة والأخرى، كون صحتها في اختلال وهي بحاجة ماسة الى المراجعة وعدم الإهمال من قبلنا، جرت الأمور عادية، حتى تم إخراجها من غرفة العناية المركزة الى الغرف العادية، ومن هنا بدأت المأساة: حالة الجدة الصحية في تدهور مستمر، وتستاء يوماً بعد يوم، الجميع لا يعرف ما السبب، وماذا يجري، وما التغير المفاجئ الذي طرأ على صحتها، جدتي باتت لا تتكلم جيداً، ثقل لسانها، وضعفت قواها، باتت تنام ليلا ونهارا، لا تستفيق إلا لأخذ الدواء، ولا تأكل شيئاً طوال اليوم، وجهها منتفخ بشكل مخيف، لا تستطيع التنفس إلا بواسطة أنبوب الأكسجين المعلق في أنفها·· الخ!
تدهور مرير طال صحتها وطال نفسيتها، ولعل السبب الرئيسي في هذا السياق وبدون أي مبالغة هو إهمال من قبل إدارة المستشفى وإهمال كبير من الممرضات، فالممرضة تطل على جدتي من وراء الستار وتقول: 'جدتك تعبة ومرهقة، ليس بيدنا حيلة، مسكينة جدتك·· 'وترمي لنا الدواء لنعطيها في الوقت المحدد ومن ثم تذهب لتكمل مشوارها التي تبذل فيه مجهوداً كبيراً 'ولا مجهود ولا شيء' وتواصل مسيرة الإهمال مع باقي المرضى في المستشفى، ناهيكم عن الممرضة الأخرى التي تأتي لتحضر وجبات الطعام، فتترك الطعام لنا دون أن تهتم وتعتني بجدتي، و إطعامها والاهتمام بصحتها كي تقاوم المرض·
وقبل نهاية شهر ابريل 2006: لا يزال مسلسل الأحداث المؤلمة مستمرا، ولا تزال جدتي تتلقى العلاج الفاشل الذي لم ينفعها وأدى الى تردي حالتها، حتى تعبت من تلك الليلة ليتم نقلها الى العناية المركزة، كون حالتها أصبحت حرجة جداً، وعندما كانت تمر الممرضة في القسم وترى حالة الأهل ، كانت تقول لهم بكل برود واستهتار 'خلاص ماما مالك وايد تعبان، بعد شوي في موت'!! جملة لا أدري كيف تحمل أهلي وقعها على آذانهم، فلو كنت هناك لأوسعتها ضرباً حتى الممات، ولكن في تلك اللحظات لم يكن هم الجميع سوى جدتي وصحتها وعافيتها، وهنا يتبادر الى الذهن سريعاً: هل يحق للممرضات وللأطباء الحكم على المريض بالموت المحقق وجرح مشاعر أهله بكل قسوة وألم بدون مراعاة لشعورهم؟! هذا السؤال أوجهه الى إدارة هذا المستشفى الذي عانى منه الكثيرون، فهم أبلغ في الإجابة عليه·
بعد هذا اليوم المرير: تم نقل جدتي فوراً بالطائرة المروحية الى مستشفى خاص في إمارة أخرى، وقد تلقت العلاج الكامل هناك، والحمد لله حالتها ما شاء الله قد تحسنت بشكل جيد ملحوظ·· لماذا؟ لأن الاهتمام والرعاية موجودان هناك، والعلاج الصحيح موجود والاهتمام والسعي الى إنقاذ المريض الى آخر لحظة هو سياسة المستشفى، والحمد لله جدتي بخير، وهي في مرحلة علاج وتعافي مستمر، ونحمد الله على رحمته وعلى لطفه بنا وبجدتي الحبيبة الغالية·
المغزى من كلامي كله: رسالة شكوى أقدمها الى وزير الصحة على المستشفى الذي يعرف فعلته الشنيعة بجدتي، وبباقي المرضى الذين لا نعرف مصيرهم ولا نعرف بحالاتهم، كونها مخفية عن العيون، وما خفي كان أعظم في هذا المجال، فالبعض قد نجا، ولكن البعض قد قاده المستشفى الى الموت المحقق، نعم نعلم بأنه قضاء وقدر، ولكن مع هذا لابد الأخذ بالأسباب، والإهمال ليس قضاء وقدرا يا جماعة الخير، بل هو سلوك إرادي من الشخص نفسه، والإهمال في هذا المكان واضح كالشمس، وشمس الحقيقة كما يقولون لا تخفيها الغيوم·
الحمد لله استطعنا أن ننقل جدتي الى مكان آخر وننقذ روحها الغالية علينا، ولكن هل كل العائلات قادرة على ذلك؟ وهل كل من تتدهور صحته في مستشفى حكومي عليه أن يذهب الى الخاص ليلقى الاهتمام؟ لم لا يلقى المريض العناية المقدمة له في جميع المستشفيات الحكومية، الدولة لم تقصر أبداً في حق مستشفياتنا، وقد قامت على إمدادها بكل شيء، ولكن للأسف بعض الموظفين ذوي الضمائر الميتة يجيدون فقط فن الضحك على الذقون والتصريح للجميع بأعمالهم الخارقة، ويتلاعبون بصحة المريض ويدسون أوراق الشكاوى ونقاط المستشفى السوداء في أدراج مكاتبهم!!
شكوى ومعاناة حقيقية أطرحها، وآمل من كل قارئ يقرأ مكاتبتي هذه أن ينضم الى صفي في المواجهة والشكوى على هذا المستشفى، فقد ينجو البعض منه اليوم، إلا أن الآخرين قد لا ينجون غداً·· نداء أوجهه الى ولاة الأمر، راجية التحرك السريع حيال هذه المواضيع، واتقوا يوماً تقفون فيه أمام الله، وتسألون عما قدمتم وحللتم به رواتبكم!!
ريا المحمودي
رأس الخيمة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©