الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أمن الطاقة الأوروبي يعتمد على زيادة التعاون والتنسيق مع روسيا

أمن الطاقة الأوروبي يعتمد على زيادة التعاون والتنسيق مع روسيا
16 سبتمبر 2010 22:31
أدى قطع إمدادات الغاز الطبيعي المرتبط جزئياً بنزاع حول الأسعار بين روسيا وأوكرانيا، لترك ملايين الأوربيين دون تدفئة، وأرغم المصانع على الإقفال في بداية عام 2009، ولم توضح الأزمة تحديات إدارة العلاقات الأميركية والأوروبية بروسيا فحسب، ولكنها سلطت الضوء أيضاً، على صعوبة تخلي حلفاء أميركا الأوروبيين عن مزودهم الرئيسي بالطاقة؛ وهو مزود مشكوك في استعداده وقدرته على توفير الغاز الكافي على مدى الزمن. وتستكشف دراسة صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في كتاب بعنوان: “أمن الطاقة الأوراسية” للكاتب جفري مانكوف، التحديات التي يواجهها المستهلك والمزود معاً في أوروبا وأوراسيا، وتنظر إلى صعود روسيا؛ بوصفها إحدى قوى الطاقة، وتحلل سيطرتها على الإمدادات ونظم النقل، واستثماراتها في البنية التحتية للطاقة عبر أوروبا، والصعوبات الأوربية في صوغ سياسة مشتركة لإمدادات الطاقة، وتوصي باستراتيجية مزدوجة مكونة من التكامل والتنويع. التكامل الداخلي وتحث الدراسة أوروبا على أن تتكامل داخلياً، بتطوير سوق واحدة للغاز، وخارجياً بربط قطاع الطاقة الروسي بأوربا وتشريعاتها الأكثر شفافية، وتوصي أوربا أيضاً، أن تبحث عن مصادر جديدة للطاقة، من كل المزودين غير الروس، وعن أنواع الوقود غير الأحفوري. وتوضح الحاجة إلى سياسة طاقة أوروبية متماسكة، وتؤكد أن الأزمة المالية المستمرة، توفر فرصة فريدة لمعالجة القضية، وتقر في الوقت نفسه، أن أوروبا تستطيع أن تزيد أمنها، إزاء ما يتعلق بالطاقة من خلال العمل مع روسيا لا ضدها. وأوراسيا التي تشمل روسيا، ودول حوض قزوين الرئيسية: أذربيجان، وكازاخستان، وتركمانستان، والتي تتوافر على كميات هائلة من النفط والغاز الطبيعي فيها، سوف تكون مصدراً حيوياً للطاقة الأوروبية في المستقبل المنظور؛ ومن ثم، فإن تأمين الطريق الموثوق بها إلى طاقة أوراسيا، بسعر معقول، يعد من بين أهم الضرورات الاستراتيجية بالنسبة إلى أوروبا، وكذلك حلفاء أوروبا في الولايات المتحدة الأميركية. وأوضحت الدراسة أن بروز روسيا؛ بوصفها قوة مسيطرة في أوراسيا، جعل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الدول السوفييتية السابقة، إزاء ما يتعلق بأمن الطاقة إشكالياً على نحو متزايد، وقد سلطت أزمة الغاز الروسية - الأوكرانية الضوء على هذا الواقع بكل وضوح. ثروات بحر قزوين وأشارت إلى أن إحياء روسيا - اعتماداً على مبيعاتها من النفط والغاز للخارج بصورة أساسية - عقَّد بدرجة كبيرة، سعي أوروبا للحصول على منفذ مباشر إلى ثروات الطاقة في بحر قزوين، وقد زادت قبضة روسيا القوية على ممر العبور الذي يحمل طاقة بحر قزوين وخاصة الغاز الطبيعي إلى الغرب، اعتماد أوروبا على روسيا؛ بوصفها مزوداً؛ وهذا الاعتماد له عواقب بالنسبة إلى أوروبا والعلاقات عبر الأطلسية؛ وهذا يقوي أيضاً، السطوة السياسية لروسيا، ويترك أوروبا في مواجهة خطر حالات نقص الإمدادات؛ لأسباب فنية وسياسية؛ ونتيجة لذلك، أصبح أمن الطاقة الأوروبي يرتبط بشكل وثيق، بأهداف السياسة الخارجية الروسية، ومصالح عدد صغير من شركات تفتقر إلى الشفافية، وغالباً ما تديرها الدولة؛ مثل: غازبروم، وروزنفت، وروس أوك إنرجو، التي تشجع الفساد وتشوش الأسواق. وأشارت استراتيجية الطاقة الرسمية الروسية إلى أن أمن الطاقة عنصر مهم في الأمن القومي الروسي، وتنادي الحكومة بلعب دور نشيط في قطاع الطاقة حتى تحمي روسيا من التهديدات الداخلية والخارجية. وفي ضوء حقيقة أن الطاقة مكون مركزي في السياسة الخارجية الروسية، فإن الكيفية التي يشكل بها الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه الأميركيون أولوياتهم في هذا المجال، سوف ترسم إلى حد كبير استراتيجية الغرب في التعامل إزاء موسكو؛ إن إيران هي أكثر مصادر إمدادات الغاز الواعدة الجديدة لأوروبا - بخلاف الاتحاد السوفييتي السابق - وسوف يقوض التحول إلى إيران بشكل دراماتيكي، المحاولات التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية؛ لعزل طهران واحتوائها. وإذا كان في مقدور أوروبا أن تعالج احتياجاتها من رابطة الدول المستقلة، فلن يكون لديها حافز لإضعاف عزلة إيران، ولا ينفصل أمن الطاقة عن الجوانب الأخرى لسياسة الطاقة، ومن ذلك الاستدامة والإبداع؛ وهكذا فإن جزءاً من حل مشكلة انعدام أمن الطاقة الأوروبي، يكمن في البحث عن مصادر جديدة للطاقة، لا ينبعث منها الكربون، ومن ذلك الطاقة النووية. كما تقتضي زيادة إسهام أوراسيا في أمن الطاقة الأوروبية إلى الحد الأقصى، معالجة سلسلة من تحديات منفصلة، ولكنها - برغم هذا - مترابطة فيما بينها:أصبحت أوروبا تعتمد على الطاقة الروسية بشكل متزايد، وقد وصل النفط والغاز الروسيان حد الثبات في حجم الإنتاج؛ بسبب نمو دور الدولة في قطاع الطاقة، ولا يشجع قانون الضرائب في الدولة الاستثمار في إنتاج جديد؛ ويثير هذا التطور احتمال حالات النقص في الإمدادات، إذا لم يجارِ الإنتاج الروسي الطلب الذي تم التعاقد عليه. وتهدد الانتكاسة الاقتصادية التي بدأت منتصف عام 2008، بمفاقمة هذه المشكلة في المدى الطويل، وخاصة أن موسكو لديها رأس مال متاح أقل من أن تستثمره في الإنتاج الجديد. وعلى الرغم من أن الاضمحلال الاقتصادي العالمي، وما صحبه من هبوط في أسعار الطاقة، جعلا أمن الطاقة يبدو مشكلة أقل إلحاحاً، فإن العوامل البنيوية التي تشكل أساس ضعف أوروبا تظل في مكانها؛ وبإضعاف قدرة روسيا على تعزيز سيطرتها على الطاقة بعض الوقت، تخلق الأزمة الاقتصادية أيضاً، فرصة للقوى الغربية؛ لكي تمسك بزمام المبادرة، وتعالج مصادر ضعفها. الاعتماد المتبادل وأوضحت الدراسة أن الاستراتيجية الفعالة لتشجيع أمن الطاقة الأوروبي إزاء أوراسيا، سوف تقر بواقع الاعتماد المتبادل بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، بينما تسعى لإيقاع روسيا في الشرك المؤسسي والفخ التنظيمي لأوربا، وتطوير بدائل طويلة الأجل، إلى المدى الممكن؛ للاعتماد على روسيا، ومن ذلك مصادر طاقة أخرى لا تعتمد على الكربون، ويجب أن يكون الأمر المحوري مجهوداً منسقاً لدى الاتحاد الأوربي وأعضائه؛ لتوحيد سوق الغاز الأوروبية، التي سوف تحد من العواقب الجيوسياسية للاعتماد على روسيا، وتهيِّئ الطريق أمام الاستثمار الروسي، كما أن تحقيق تكامل سوق الغاز، سوف يقتضي معالجة أمن الطاقة بشكل متزايد؛ بوصف ذلك شأناً أوروبياً مشتركاً؛ وهكذا، توفر الاستراتيجية الكلية القائمة على التكامل والتنويع، الفرصة المثلى لكل من: تشجيع تحول روسيا إلى مشارك يعتمد عليه كلياً في سوق الطاقة الأوروبية، وتحصين أوروبا ضد عمليات التشويش المحتملة. وعلى الرغم من أن التردي المالي العالمي، قد خفض إلى درجة ما، حس الإلحاح لدى الحكومات الغربية لمعالجة مشكلة أمن الطاقة، فقد أزاح - أيضاً - بعض العوائق من المضي إلى الأمام. لقد ضعف وضع روسيا في السوق الأوروبية إلى درجة كبيرة، في الوقت الحالي على الأقل؛ نتيجة هبوط الطلب؛ وبناء على ذلك، أصبح وضع الاتحاد الأوروبي في إبرام الصفقات أقوى بكثير، إزاء ما يتعلق بقضية فصل الأسعار. إن الأزمة الاقتصادية - أكثر من أي شيء آخر - أوجدت حالة من الشك؛ ومثل هذا الشك يقوي قضية الدول الضعيفة فقط، إزاء انقطاع الإمدادات؛ لكي تحصن نفسها ضد الصعوبات المستقبلية، ومع الشك المتزايد الذي يحيط احتمالات خطوط أنابيب جديدة، يظل تكامل سوق الغاز، الطريقة المثلى لدول الاتحاد الأوروبي؛ لحماية نفسها ضد حالات الانقطاع في المدى القصير، وفي المدى الطويل، يمكن الجهد الجاد في التنويع فقط، أن يحد من السطوة الروسية ويؤمن حماية أوروبا ضد حالات النقص التي تنتج؛ إما من: المناورة السياسية، أو من نقص الإمدادات في روسيا؛ ولأن هذه التحديات تؤثر في أوروبا ككل، فإن عليها أن تكون (في شراكة مع الولايات المتحدة)، في حجم التحديات؛ لكي تستطيع أن تعالجها كلها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©