الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التعليم الخاص سلاح ذو حدين

19 مايو 2006
حبيبة مسعود:
في وقت يغلب فيه توجه الخصخصة على كثير من مناحي الحياة خصوصاً الخدمات الأساسية، دخل التعليم في هذا المعترك، وأصبح صناعة ضخمة، وتزايد الإقبال على التعليم الخاص بفعل عدة عوامل، منها انخفاض مستوى التعليم العام، وتغير المهارات التي يتطلبها سوق العمل والتي قد لا يوفرها التعليم العام، ورغبة البعض في مواصلة تعليمهم العالي في جامعات أو معاهد أجنبية· لذا لم يعد التعليم الخاص شيئاً كمالياً بل أصبح بالنسبة للبعض ضرورة اجتماعية، وتلبية لحاجة واقعية وهو بالنسبة للآخرين نوع من أنواع الاستثمار! طرحنا القضية على الطلاب والمدرسين وخبراء التعليم في هذا التحقيق··
بداية كيف ينظر الطلاب إلى هذه القضية؟ يرى محمد مصفح الطالب بكلية نظم معلومات الحاسب الآلي بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا أن التعليم الخاص سلاح ذو حدين، فمن جهة نستطيع أن نكفل نوعية عالية المستوى من الأداء التعليمي والتقنيات التعليمية الحديثة، فيخرج من المجتمع مجموعة من الكوادر المثقفة والمدربة على أعلى المستويات، بما ينعكس بالإيجاب على تطور المجتمع وبالإضافة إلى ذلك يخلق جوا من المنافسة بين الجامعات الخاصة، فكل منها يسعى لتقديم أرقى الخدمات، واستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا التعليمية لجذب نخبة الطلاب وتصب هذه المنافسة الشريفة في مصلحة المجتمع ورقيه أولا وأخيرا·
ومن جهة أخرى يحرم التعليم الخاص كفاءات، قد تكون واعدة بمستقبل زاهر، من تحقيق حلمها، وما ينتظره المجتمع منها، لا لعيب فيها، وإنما لأنها لا تملك القدرة المادية على إكمال الدراسة الجامعية·
فهذا عين الإجحاف بحق هذه الشريحة من الطلاب، فلابد من وجود منطقة وسطى بين الأولى والثانية، نستطيع من خلالها إعطاء الحرية للتعليم الخاص، على أن نكفل حق التعليم الأكاديمي لكافة الأفراد من طبقات المجتمع المختلفة·
لا لخصخصة التعليم
أما الطالب علي محمد راشد فيقول إن الخصخصة شيء حسن في وقتنا الحالي ولكنه ضد خصخصة التعليم بالرغم من وجود متغيرات كثيرة في هذا المجال وبالأخص عند ظهور الجامعات الخاصة وغيرها مما أدى إلى اندفاع الطلاب والطالبات إليها بسبب توفر الخدمة الجيدة من حيث تعدد المجالات والتخصصات وكثرة التقنيات الحديثة فيها، وكثرة الطلب عليها· ويرى أن الدراسة في الجامعات الحكومية أفضل لأنها تعتبر المكان الأول للتعارف والحصول على المعرفة والثقافة من الجميع واكتساب الأصدقاء، أما الجامعات الخاصة فتقوم بدور في استيعاب الطلاب الذين ليس لهم الحق في الالتحاق بالجامعات الحكومية·
مهنة شريفة
أما ديمة صقر الطالبة بمدرسة الشويفات الخاصة فترى أن التعليم مهنة شريفة سامية أكبر من أن تقدر بثمن والمعلم صاحب رسالة يحملها إلى الأجيال فعليه ألا يربط الواجب بأي ثمن حتى لا تفقد عملية التعليم مضمونها وشرفها·
ويرى الطالب أحمد عبدالله أن المدارس الخاصة هدفها المادي يغلب على الهدف التعليمي قائلا: هذا ما لمسته من عدم اهتمامها بالطلاب من الناحية التعليمية وعادة ما يكون مستوى الطالب أقل من المتوقع منه مقارنة بالمبالغ الطائلة التي تحصل عليها المدرسة من أولياء الأمور، مشيرا إلى أن المدارس الخاصة تقوم بالتلاعب بالمناهج الدراسية وخاصة الدينية منها كما أن هناك الكثير من المدارس الخاصة لا تهتم بالطلاب بشكل متكامل·
ومن ناحية أخرى تستعجل هذه المدارس في تعليم الأطفال الكتابة خلال مراحل رياض الأطفال بما يؤثر سلبا على أناملهم، ويرى أن المداس الحكومية تهتم أكثر بالطالب، كما يتوفر فيها معلمون أفضل·
هدر للأموال
وتتفق الطالبة مريم أحمد مع الرأي السابق، وترى أن التعليم الخاص يعتبر هدرا للأموال، فأولياء الأمور ينفقون الكثير من الأموال من أجل تعليم أبنائهم دون فائدة، فنجد بعض الشباب يفشلون في الجامعات الخاصة، مشيرة إلى أن بعض هذه الجامعات همها هو جمع الأموال بغض النظر عن تحقيق المستوى التعليمي المطلوب·
وتضيف أن التعليم في بعض مؤسسات التعليم الخاص أصبح مختلطا، مشيرة إلى أن ذلك قد يترتب عليه نتائج سلبية، فضلا عن الطلاب في التعليم الخاص ينظرون إلى الطلاب في التعليم العام بشكل مختلف ويعتبرونه أكثر ثقافة وقدرة على الإبداع·
وتقول الطالبة أمنة محمد إنه يجب أن يكون لدى الطلبة رؤية واضحة عما يشكله التعليم الخاص من سلب لما في جيوب أولياء الأمور، فالتكلفة المادية لهذا النوع من التعليم غير طبيعية حيث تصرف مبالغ طائلة مقابل مستوى علمي متوسط وربما اقل مقارنة بمستوى التعليم العام·
أما الطالبة فاطمة الناصري فتقول:عندما يكون التعليم سلعة لها ثمن تصبح الفئات محدودة الدخل، ضحية لهذه السلعة لأنها لا تملك المال الذي يساعدها على الوصول إلى المستوى التعليمي الذي تتمناه وبالتالي تصاب بالإحباط واليأس·
رأي خبراء التربية
يوضح الدكتور صالح عوض عميد كلية التربية والعلوم الإنسانية بجامعة عجمان، أن هناك تناقضاً مبدئياً بين هدف التعليم الحكومي والتعليم الخاص فالتعليم الحكومي يستهدف نشر العلم وتعميمه على كل الشرائح الاجتماعية وجعله في متناول الجميع كالهواء والماء حتى يستطيع المجتمع أن يسفيد من طاقته الحية المبدعة، والتعليم الخاص يستهدف الربح المادي أساساً، ومن يكون الربح المادي هدفاً له لا يحرص على توفير الوسائل الضرورية والمباني الملائمة والمدرسين ذوي الكفاءة، علماً بأن كثيرين من المدرسين يتخذون من التعليم الخاص محطة مؤقتة ريثما يجدون عملاً آخر ذا مردود مادي أوفر، ويترتب على ذلك انعدام الاستقرار وتغيير المدرسين، وهو ما ينعكس سلباً على التحصيل العلمي للتلاميذ·
تجارة وشطارة
ويتفق الدكتور جمال مصطفى العيسوي الأستاذ المشارك بكلية التربية جامعة الإمارات مع الرأي السابق موضحا أن التعليم الخاص أصبح اليوم سلعة، أو تجارة، فكل ما يشغل القائمين عليه ليس نوع المنتج وجودته أي المتعلم وما اكتسبه من معارف، ومهارات وقيم واتجاهات بقدر ما يشغلهم الحصول على أعلى نسبة من الربح·
ويضيف: علينا أن نتذكر جيدًا، أن التعليم الخاص عندما ظهر في مقابل التعليم الحكومي، جاء ليحقق عدة أهداف من بينها إتاحة الفرصة للفرد الذي لم يتمكن من الالتحاق بالتعليم الحكومي لسبب أو لآخر، وتقديم مستوى أفضل ومتميز من التعليم عما يقدم للمتعلم في المدارس الحكومية، وكان يشرف على هذا الأمر آنذاك فئة من أصحاب الخبرة في مجال التربية والتعليم، وبعض أصحاب رؤوس الأموال ذوي النوايا الحسنة، أما الآن فقد تحول هذا النوع من التعليم إلى تجارة أو مشروع استثماري، شعاره 'الربح الوفير في أقصر وقت وببذل أقل جهد' معتبرين أن ذلك مهارة أو شطارة·
أما الدكتور محمود صادق سليمان الأستاذ ببرنامج علم الاجتماع بجامعتي الإمارات و القاهرة، فيقول إن بعض مؤسسات التعليم الخاص خصوصاً الجامعية تعتبر أحد الاتجاهات العلمية التي بدأت تنتشر في هذا العصر بهدف إتاحة الفرصة لعديد من الطلاب والطالبات لاستكمال مسيرتهم التعليمية الجامعية، موضحا أنه على الرغم من كونها مصدراً هاماً للاستفادة العلمية إلا أنها لا تتمتع بالمصداقية الحقيقية للتعليم العام الذي تتبناه مؤسسات الدولة على كافة مستوياتها، وذلك لعدة أسباب، منها أنها تسمح لفئات من الطلاب والطالبات المتأخرين في استيعابهم العلمي أن يلتحقوا بكليات قد لا تتفق مع قدراتهم وإمكانياتهم العلمية المحدودة·
بالإضافة إلى أن بعضها لا يتسم أحياناً بالجدية المطلوبة، لشعور هؤلاء الطلاب بأنهم المصدر الرئيسي لدعمها مالياً، ومن ثم فإن أصحاب المؤسسات التعليمية يحاولون غض الطرف عن كثير من السلوكيات الطلابية التي لا تتوافق مع أسس التربية والتعليم·
فضلا عن أن بعض القائمين على العملية التعليمية في هذه المؤسسات، تغيب عنهم العدالة في التقييم العلمي للطلاب والطالبات بهدف إرضاء المستويات المادية العليا التي تساعد على التمويل الدائم، والتي قد لا تتوافق مع الاتجاهات العامة للأهداف التعليمية التي تتبناها مؤسسات الدولة والتي تضع في اعتبارها أهدافا تسير على النهج الوطني والديني والقيم والأخلاق بما يمكن من تنشئة الطالب التنشئة القيمة والعلمية السليمة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©