إعداد - محمد عبد الرحيم:
في علاقة طالما اتسمت بالعداء وبعد أن تعاركوا بسبب محتويات كتب التاريخ ودخلوا في صراع قانوني محتدم بشأن الرسوم التجارية وبعد أن اقتربوا من حد الاشتباك بالأسلحة بشأن الحقوق على حفر واستكشافات الغاز، يبدو أن الوقت قد حان لكي نشهد نزاعاً جديداً بين اليابان والصين فيما أصبح يعرف بحرب القرنفل· وأصبحت العشرات من مختلف أنواع زهور القرنفل تشكل ساحة جديدة للعداء والنزاع بحيث سيتم في القريب العاجل التصدي لها على أعلى المستويات الدبلوماسية· وكما ورد في صحيفة التايمز اللندنية مؤخراً فإن مزارعي سلالات الزهور اليابانيين اخذوا يجأرون بالشكوى من أن المزارعين الصينيين قد درجوا على زراعة أنواعهم النفيسة والنادرة بشكل متسع وغير مشروع في أكبر عملية لسرقة حقوق الملكية ولا تقل بأية حال عن قرصنة أشرطة دي في دي أو تقليد حقائب جوشي للسيدات·
وسواء ظلت معلقة في إحدى ملبوسات العرائس أو تم عرضها، فإن زهرة القرنفل ما زالت تتربع على صدارة سوق الورود الهائل في القارة الآسيوية، إذ أن اليابان وحدها تشتري أكثر من نصف مليار زهرة من هذا النوع في كل عام· أما شركة كيرين جرين آند فلاورز إحدى الشركات التابعة لمجموعة كيرين بريوريز فهي أكبر شركة في العالم من حيث مقدار ما تتمتع به من براءات الاختراع في زراعة وتناسل زهور القرنفل حيث تمتلك حقوقاً فكرية تغطي 53 في المئة من جميع الأنواع الموجودة في العالم· إلا أن وجود أي زهرة للقرنفل تمت زراعتها في الصين من المرجح جدا أن تمثل عملية للسرقة وفقا لما أشارت إليه شركة كيرين التي تعتبر أيضا الأكبر في العالم قاطبة في مجال استيلاد الزهور· ولكن جميع الجهود والمساعي الرامية لإجبار الصين على الامتثال لقوانين البراءة انتهت إلى فشل ذريع· ويقول المتحدث الرسمي لشركة كيرين: 'بمجرد وصول السلالة الأصلية إلى الصين وبدء الأزهار في النمو يصبح من المستحيل تقريباً مراقبة أو كشف عملية انتهاك حقوق الملكية الفكرية' ومن بين ستة آلاف مزرعة صينية تمارس هذه السرقات فإن شركة كيرين لم تستلم دفعات حقوق الملكية إلا من ثمانية مزارع فقط· ولاحظت الشركة أيضا أن التقصير والإهمال في الإيفاد بهذه الدفعات أمر تختص به الصين من دون غيرها من الدول حيث أن كولومبيا الدولة الأكبر في العالم في تصدير ورود القرنفل عرف عنها احترافها المتزايد لحقوق الفكرية الملكية كما أن كل من كينيا والاكوادور تتميز أيضا بمصداقية مماثلة في دفع هذه الرسوم· بيد ان الصينيين عمدوا إلى مفاقمة الأوضاع أكثر من ذلك حيث درج المزارعون على الاحتفاظ بعشرة في المائة من كل محصول بغرض استخدامه كمخزون للتهجين واستيلاد السلالات في العام المقبل· وبهذه الممارسة أصبح بإمكانهم التهرب عن دفع رسوم الملكية لعام آخر بمقدار ين واحد عن كل زهـــرة وكذلك تجنب التكلفة السنوية الأكبر حجماً في شراء الجذور والبذور الجديدة من مالك حقوق البراءة·
ولاحظت شركة كيرين أن الخسائر المالية الناجمة عن قرصنة القرنفل ما زالت صغيرة الحجم إلا انها أعربت عن مخاوفها من انه في حال إجبار الصين على عدم التلاعب بالقوانين الدولية فإن الكارثة سوف تحل بالسوق اليابانية فمنذ عام 2002 تضاعفت شحنات زهور القرنفل الصينية إلى اليابان إلى أربعة أمثالها إلى 55 مليون وردة·
كما أن شركة كيرين باتت تتوقع أن يتجاوز الرقم في وقت قريب عدد 79 مليون زهرة يتم استيرادها سنويا من كولومبيا· ويقول المتحدث الرسمي باسم شركة كيرين: 'نسبة إلى التحايل والغش الذي تمارسه الصين وفشلها في شراء البذور والسلالات كما يفعل الجميع فإن هذا الأمر من شأنه ان يلحق اضرارا جسيمة بالمزارعين اليابانيين'· وعلى خلاف ما يمارسونه في تقليد الأحذية، فإن سرقة البذور والسلالات انما تتعلق بسلعة حقيقية وليست نوعا من التقليد·· لذا فإن شركة كيرين بدأت تساورها المخاوف من أن الواردات الصينية الرخيصة سوف تجبر المزارعين اليابانيين الملتزمين بالقانون على الخروج من السوق·
وفي الوقت الذي سيتوقف فيه المزارعون المحليون عن شراء مئات ملايين البذور القانونية فإن شركة كيرين لا محالة سوف تواجه الكارثة· والى ذلك فسوف يتوجه وفد ياباني بقيادة كبار المسؤولين في الحكومة ووزارة التجارة في زيارة إلى بكين في الشهر المقبل لإجراء محادثات تتعلق بانتهاكات حقوق الملكية ولكن شركة كيرين من جانبها لديها فيما يبدو احد الحلول الخاصة بها حيث تعتزم إطلاق حملة ضخمة للترويج للزهور في الصين ويبدو ان الشركة تعتقد جازمة انه في حال أن شهد سوق الأزهار في الصين نموا متسارعا فإن هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى امتصاص جميع المخزونات الخاصة ببذور وسلالات أزهار القرنفل ولا يترك أي فائض للمزارعين الصينيين بحيث يمكنهم من الاستمرار في التصدير· وبذلك سوف يعود المزارعون اليابانيون لاستئناف شراء البذور الغالية الثمن مرة أخرى من شركة كيري
عدد اليوم
