الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سيرة دلما: الجزيرة والبشر والحجر والحكايات

سيرة دلما: الجزيرة والبشر والحجر والحكايات
5 يوليو 2014 01:37
محمود عبدالله (أبوظبي) تعتبر جزيرة دلما أقدم مستوطنة بشرية ساحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ يعود تاريخها إلى حوالي خمسة آلاف عام قبل الميلاد، أي إلى فترة العصر الحجري، وهو أمر أكدته البعثات الاستكشافية الأثرية التي عملت في الجزيرة وبخاصة البعثة البريطانية التي بذلت جهوداً متميزة في التنقيب عن الآثار في الجزيرة. كما تشير الدراسات المتعلقة ببعض المباني التراثية واللقى الأثرية في الجزيرة إلى أنها تعود إلى فترة البناء الجيري المشهور، فترة سامراء العباسية التي بنيت على يد الخليفة المعتصم (221 هـ/ 835 م). وفي هذا الكتاب الصادر عن مركز زايد للتراث والتاريخ بمدينة العين (سابقا) ومركز زايد للدراسات والبحوث (حالياً) للدكتور عبد الستار العزاوي، وفي 246 من القطع المتوسط، سنجد عرضاً توثيقياً مميزاً حول ما تضمه الجزيرة من المباني التراثية التي تعود إلى فترات تاريخية قريبة، أي إلى ما قبل قرنين من الزمن، وتشتمل على عناصر معمارية وزخرفية جصية وخشبية ذات طابع فني عربي الإسلامي يتسم ببساطة التعبير ورفعة الذوق الفني. في مقدمة الكتاب يذكر المؤلف أن التحريات والتنقيبات دلت على أصالة جزيرة دلما وما تحتويه من مواقع أثرية تشهد اللقى والقطع الأثرية على العلاقة والاتصال مع البلدان ذات الحضارة العريقة لمنطقة الخليج العربي. وشجع السكن فيها على التوارث الحضاري وتطويره في البناء وتوسع منطقة السكن، يدل التقارب في المباني من مساجد وبيوت ودكاكين على تزاحم السكن بالجزيرة، يفسر لنا ذلك التعداد السكاني وما يقدمه من خدمات خاصة بعد عثورنا على مواقع المدابس لاستخراج الدبس من التمر، يقدم الدليل الآخر على كثرة النخيل، كان سكان الجزيرة يقومون بعملية التبادل وتزويد السفن بما تحتاج من الماء والمواد الغذائية. يشمل الفصل الأول من الكتاب التعريف بالجزيرة وتاريخها، وأشهر المباني التراثية فيها كمسجد المريخي والدوسري والمهندي، وبيت المريخي ومركز اللؤلؤ ومواقع الدكاكين وأصالة جميع المباني والمحافظة على عناصرها المعمارية والزخرفية. ويتطرق المؤلف في الفصل الثاني من كتابه إلى ذكر التفاصيل الخاصة بخطة الترميم والصيانة وأهم خطوات العمل وتسلسل الخطوات علميا ومتابعتها لجميع عناصر المباني ومعالجتها. في حين تم تقديم شرح مفصل في الفصل الثالث لتحليل عناصر المباني وأصالتها وكيفية ترميمها حسب حالتها، كذلك تلك العناصر والوحدات الزخرفية والجصية والخشبية. وفي الفصل الرابع استوجب ذكر جميع المواد الأولية التي تم استخدامها في بناء تلك المعالم ومن أهم تلك المواد: الحجر والمواد المحلية الأخرى مثل: جذوع النخيل. بما يشير إلى مدى مهارة البناء القديم في الاستفادة من المواد المستخرجة من البيئة في عملية البناء وبتكاليف زهيدة مع تقديم نماذج معمارية قوية ما زالت محافظة على قيمتها العمرانية حتى اليوم. وعرض الكتاب في الفصل الخامس للمواد المضافة التي تنسجم وروح العصر، والتي تساعد على استخدام تلك المباني حسب ظروف الحياة السائدة بالجزيرة كالماء والتكييف والكهرباء. جاء في الكتاب أن جزيرة دلما هي من توابع أبوظبي، وتقع على الجانب الغربي من منطقة الخليج العربي، ويمكن الوصول إلى الجزيرة من خلال رحلة جوية بالطائرة، وتستغرق الرحلة نحو 40 دقيقة من العاصمة أبوظبي. كما يمكن الوصول إليها بحرا من منطقة جبل الظنة إلى المفرق ومنه بالعبارة إلى الجزيرة وتستغرق الرحلة البحرية نحو ساعتين. تقدر مساحة هذه الجزيرة البيضوية الشكل بحوالي 45 كيلومتراً مربعاً، وسطحها تسوده تلال مرتفعة، وهي جرداء في معظمها، ذات أحجار يتراوح لونها بين الحمرة والسواد، أما منخفضاتها فذات تربة صالحة للزراعة، وقد أولت الجهات المسؤولة كما أولى السكان اهتمامهم بتشجير هذه المناطق. وكانت للجزيرة سابقا شهرة في الغوص على اللؤلؤ، حيث كانت تتوسط عدة مواقع للمغاصات (الهير) في الخليج العربي، أما في الوقت الراهن فتعد حرفة صيد السمك هي المورد الأول لسكان الجزيرة الذين يبيعون أسماكهم في مدن الدولة المختلفة. يشير المؤلف أن نتائج دراسة المباني التراثية في الجزيرة مثل المساجد وبيت المريخي (مركز اللؤلؤ) والمدابس أشارت إلى أنها جميعا تعود بجذورها للفن العربي الإسلامي مع وجود التأثير المحلي لبيئة ومنطقة الخليج، فبعض عناصرها تلبي وتؤدي الحاجة المحلية وظروفها تنسجم مع تلك المقومات لحالة الجزيرة، وتتفاعل مع الحضارات المتوارثة الصالية لمنطقة الخليج العربي عامة، ومنطقة الجزر بالخليج لسواحله الغربية وظهرت بناتج محلي معبر عن صدق الحضارة العربية الإسلامية ذات السمات الخليجية، وبروحها الإنسانية في تقديم العطاء للحضارة العالمية كجزء من مجهود بشري ناضل وصارع الطبيعة وسخرها لخدمته وخدمة العالم أجمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©