السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طرابلس.. العنف والفوضى وانعدام الوقود!

طرابلس.. العنف والفوضى وانعدام الوقود!
5 يوليو 2014 01:01
إرين كاننجهام طرابلس لم يتمكن أي من عشرات السائقين الذين اصطفوا في محطة البنزين بوسط طرابلس من شراء الوقود حتى ترددت أصوات إطلاق النار وتعالى دوي أصوات قذائف المدفعية. إنه يوم آخر من أيام الفوضى في العاصمة الليبية، في واقع يزيده صعوبة النقص الحاد في إمدادات الوقود وشعور المواطنين بالخطر. وقد أصرت الميليشيات المخصصة لحماية المضخات على ضرورة وجود مدفعية لتأمين الحماية قبل أن تبدأ السيارات في التحرك. ويزيد المشهد السياسي المشوش الحياة اليومية في ليبيا اضطراباً يوماً بعد يوم. ومع السلوك الطائش للميليشيات المسلحة، قد تتحول المهام البسيطة مثل ضخ الوقود إلى أعمال عنف في أية لحظة. وفي الأسابيع الأخيرة عزف العديد من السكان عن التواجد بالشوارع، الأمر الذي حول العاصمة التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة إلى مدينة أشباح في الليل. ويقول السكان إن الحال قد ضاق بهم في ظل وجود حكومة عاجزة عن اتخاذ تدابير فعالة لوقف تزايد انعدام الأمن الذي تفاقم في البلاد منذ ثلاثة أعوام. وبالإضافة إلى نقص الوقود للمستهلكين، أدى نقص الطاقة إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف. وأدى وقوع سلسلة من السرقات إلى وقف توزيع العملة على البنوك في جميع أنحاء المدينة، ما جعل السكان غير قادرين على الحصول على السيولة اللازمة لشراء احتياجاتهم. وتقول «نادية»، وهي ربة منزل تعيش في طرابلس أثناء وقوفها في طابور طويل من السيارات في انتظار الحصول على الوقود: «لم نعد نخرج إلى الشارع بعد الآن لأننا خائفون». وأضافت أن «الحكومة لا توفر الأمن، وتم إغلاق البنوك لمدة أسبوع، وعليه لم يتمكن زوجي من سحب راتبه». وقالت «نادية» كذلك إنها لم تتمكن من ملء خزان الوقود في سيارتها بصورة كاملة منذ أسبوعين وأشارت إلى أنهم «يرشدون الاستهلاك في كل شيء». أما أحدث مأزق فقد وقع في طرابلس في شهر مايو عندما عين المؤتمر الوطني العام الذي يسيطر عليه الإسلاميون رجل الأعمال أحمد معيتيق في منصب رئيس الوزراء في تصويت متنازع عليه قاطعه بعض المشرعين العلمانيين. وفي شهر يونيو، قضت المحكمة العليا في ليبيا بأن انتخاب معيتيق «غير قانوني» وأن سلفه «عبدالله الثني» يجب أن يستمر في منصبه رئيساً للوزراء. كما قامت ميليشيات مناهضة للمؤتمر الوطني العام باقتحام مبنى البرلمان وحذرت الهيئة من الاجتماع مرة أخرى. وهذا الخلاف مهد الطريق لحدوث أزمة أكثر تقلباً في الشرق الليبي، حيث يستفيد أحد جنرالات الجيش من هذه الحالة من الفوضى السياسية لإطلاق حملة عسكرية ضد الميليشيات المتطرفة في بنغازي. ويقول السكان إن هذه الجماعات المتطرفة قد عاثت في الأرض فساداً مع وقوع سلسلة من الاغتيالات. وفي 25 يونيو، اقتحم مجهولون منزل الناشطة الحقوقية «سلوى بوقعقيص» في بنغازي وأطلقوا عليها النار. وهذه الأزمات جعلت الحياة اليومية في طرابلس، المقر الحالي للحكومة المركزية وعاصمة البلاد، في حالة من التقلب والغرابة. وتقع المدينة على موقع لطيف يطل على البحر الأبيض المتوسط، وتزخر بالمقاهي التي أقيمت على الطراز الإيطالي، وتنعم بأشعة شمس البحر المتوسط، حيث غالباً ما يمضي بعض السكان ساعات وهم يحتسون القهوة في الهواء الطلق. «إننا لم نغادر هذا المقهى منذ ثلاث سنوات»، هكذا قال «إياد»، الذي يبلغ من العمر 56 عاماً، مازحاً أثناء جلوسه على مقهى يقع تحت ظلال المباني شديدة البياض التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية. واستطرد قائلاً «هذا لأنه ليس لدينا شيء أفضل للقيام به منذ قيام الثورة». وفي وسط المدينة، ترى الجميع، بدءاً من رجال الشرطة في زيهم الرسمي إلى المواطنين العاديين والميليشيات المسلحة يقومون بتوجيه حركة المرور وحراسة نقاط التفتيش. أما أسلحة الميليشيات في طرابلس فهي من النوع الثقيل، حيث تتدفق عليهم من مصادر مختلفة. ويقوم المؤتمر الوطني العام، الذي سيتم استبداله عقب الانتخابات التشريعية التي أجريت في 25 يونيو، بعقد جلسات غير رسمية في بهو فندق «المهاري راديسون» الفاخر لتجنب الفوضى. ويقول «محمد عبدالله»، أحد أعضاء البرلمان من حزب الجبهة الوطنية التقدمية، إن «المؤتمر فشل في إنجاز الكثير من المهام الأكثر حيوية». ودلل على كلامه بالأشهر التي قضاها المؤتمر في حالة جمود غير قادر على اتخاذ قرار بشأن الموازنة العامة للدولة، ما عرض الخدمات الحكومية الحيوية للخطر، وهذا مجرد مثال على عدم كفاءته. وأشار إلى أن تباطؤ المؤتمر وثقافة الفساد السقيمة يلحقان ضرراً بالغاً بمصادر حياة الليبيين العاديين. وأوضح قائلاً: «إنك لا تستطيع الحصول على أي شيء بدءاً من جواز السفر وحتى أوراق ملكية المنزل إذا لم تكن لديك معرفة بأحد المسؤولين أو قمت بتقديم رشوة». وفي الواقع، فإن الليبيين يتحدثون عن أشهر من الانتظار للحصول على جوازات السفر التي لم تتم طباعتها بعد. وتزداد الإجراءات البيروقراطية تعقيداً إلى درجة المطالبة باستخراج الوثائق من العاصمة. وقد ضاق الحال ذرعاً بأحد المواطنين ويدعى «هيثم سعودي»، 23 عاماً، إلى درجة أنه يدير محل البقالة الخاص به دون استخراج التراخيص اللازمة. وفي الأيام الأخيرة من شهر يونيو، فتح هيثم سجلات ديونه النقدية ليكشف عن كومة من الإيصالات لزبائن يدينون له بمبالغ مالية نظير بضائع لم يسددوا ثمنها، حيث هبطت قيمة الدينار بنحو 7 في المئة منذ شهر أبريل. أما «كمال»، 20 عاماً، فيقول إنه يفتح المقهى الخاص به عادة في الخامسة صباحاً لتقديم معجنات العسل الشهيرة لزبائنه حتى منتصف الليل، ولكن نقص الوقود أجبره على الإغلاق في وقت مبكر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©