الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محطات مهجورة

18 يونيو 2013 23:14
عندما يسكن الضجيج ويشد الحر أطنابه، ثم تجلس وحدك على مقهى لا يرتاده أحد، وحدك والعامل الذي يسلي نفسه في غسل الأكواب الفارغة، ثم انتظار زبون جديد مثلك لا يحب الزحام ولا ضجيج الأصوات العالية. نادرة تلك اللحظات التي يسكن فيها المقهى ويذهب زبانئه إلى طرق أخرى أو إلى محطات تبدأ مساءً أو لم تفتح أبوابها بعد. في الصباح الباكر أو المساء المتأخر تستطيع أن تقبض على تلك اللحظة الفريدة. يمكن أن تقرأ بهدوء أو تستمع إلى صوت موسيقى دون أي ضجيج للأكواب والصحون وسحب المقاعد على الأرضيات التي تحدث صريراً، بل إن بعض الزبائن الذين لا يعبأون بهدوء الأمكنة، قد رحلوا إلى مناطق الضجيج الأخرى.. هناك نشاط آخر في المدينة يبدأ متأخراً أو يأتي بعد أن تقفل المقاهي الجديدة أبوابها، هناك محطات لأهل الضجيج والخروج عن هدوء الأمكنة. أو أنك مبكر جداً في الحضور، وما زال أولئك في أسرتهم يجرون تعبهم الذي أجهدهم بالأمس في المساءات المشتعلة.. أجمل لحظات المقاهي هي الصباحات الباكرة أو المساءات المتأخرة. عندما تصبح المقاهي فعلاً لروادها الذين ينشدون الهدوء والسكينة أما بين هذا وذاك فإنها محطّات الرائحين والغادين والذين لا يعرفون أصول الجلوس على المقاهي لتتمتع بالمكان والتأمل في الحياة أو قتل وقت ممل وضجر في يومك، وحدك ترى ذلك، أما صاحب المقهى ومالكه فإنه ينظر إلى المقاعد والأكواب وكيف له ان يشغل هذه الأدوات التي إن زاد الطلب عليها فإنه يعتبر حالة وشغلة قد نجح ووصل إلى هدفه. للمقاهي بيئات وزوايا جاذبة للبعض، فقد تذهب إلى مقهى يقع في أطراف المدينة أو في مكان قصى وبعيد عن مسكنك، لا يهم ذلك إذا كان ما تستشعره من متعة قد تتحقق هناك، فقد يصل بعض الأصدقاء أو الأحباب أو أن المناظر والأشياء المحيطة بك تدعو إلى الراحة والسكينة والفرح. المقاهي الآن محطّات مهمة في حياة كل الناس ووجهة يومية ولزمة لتجديد يومك وحياتك، إنها المكان الوحيد الذي تقتل فيه ضجرك وتنشر فيه فرحك. لا يختلف شتاء المقهى عن صيفه، فقط قد تكون هناك مقاهٍ وأمكنة تجذب الناس في فترات معينة أكثر من غيرها، في الصيف والحرارة الشديدة قد تصبح مقاهي المولات وبعض الفنادق أكثر جاذبية من الشتاء، وبينما مقاهي السواحل والموانئ والمحطات المائية أكثر أهمية في الفصل المعتدل والشتاء. لا حديث ولا أحد يمكن أن تمد معه تواصلاً، فقط الهاتف يمكن أن يأخذك بعيداً عبر التويتر أو المسجات النائمة منذ زمن بعضها جميل والآخر سيئ ورديء. لا حديث يسر ولا خبر يفيد في أزمنة الرماد، كلها توجع القلب وتأتي بالآلام. أصدقاء وأحباب كثر أخذتهم الحياة أو أخذتك منهم كل منشغل في حالة وظروفه الخاصة أو مشاغله الجديدة، انقطع التواصل بين الكثير من الأصدقاء، لم يبق غير القليل جداً ولكن ظلت هواتفهم وأرقام تعارفهم معي، إنها محطات مهجورة، رفضت مسحها فقط لتظل شاهدة على أوقات جميلة ومحببة ومضيئة لأصدقاء كانوا نعم الرفاق في تلك الأزمنة، لاعباً على تبدل الظروف والانشغالات الكثيرة؛ نعم كل منا مشغول مع ذاته وظروفه الجديدة، ولكن الجميل أن تظل تلك الأرقام مثل جزر نائية وبعيدة ربما تحملنا أجنحة الشوق أو المحبة وإعادة ما انقطع يوماً، حيث هكذا هي الحياة دائماً. إبراهيم مبارك | Ibrahim_M barak@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©