الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حامد العويضي: الخط العربي متجدد ويحاول النهوض

حامد العويضي: الخط العربي متجدد ويحاول النهوض
5 يوليو 2014 00:43
مجدي عثمان (القاهرة) بدأت رحلة فنان الخط العربي حامد العويضي مع الخط العربي قبل أن يتم العاشرة من عمره، عندما كان يقلد خطوط كتاب «القراءة الرشيدة» للخطاط أبو الخير، والمقرر على المدارس الابتدائية، موضحاً أنه مثل كل أطفال قريته بدأ منذ سن مبكرة حفظ القرآن الكريم في «كُتاب قرية قوص»، التابعة لمحافظة قنا، في صعيد مصر، ومن طبيعة المنطقة المحيطة به بدأ يلتقط خاماته وأدواته الأولى التي عمل بها، حيث كان يصنع الريشة من سيقان الذرة، ومن النباتات المتنوعة استخرج الأحبار، وهي هواية ظل يمارسها فيما بعد، ويذكر أن كل مقتنياته الخاصة في تلك الفترة لم تكن تزيد على مجموعة من الأغلفة وعبوات المنتجات الغذائية التي كانت تأتيهم مع التجار القادمين من القرى الأخرى، وكان يعتبر أن تلك المقتنيات كنزاً يبحر في خطوطه المتنوعة، ويتعلم منه أساليب الخط، لكي يستعيد تلك الأساليب في الكتابة على جدران المنازل للحجاج العائدين من رحلة الحج، كما كانت عادة المصريين في ذلك الوقت، ولا تزال فيما أطلق عليه «رسوم الحجيج» واعتُبر ضمن الفنون الشعبية. مدرسة الخط التحق العويضي بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وتخرج فيها متخصصاً في الإخراج الصحفي عام 1984، وعلى التوازي التحق بمدرسة الخط العربي، وحصل على الدبلوم بتفوق على مستوى الجمهورية عام 1982، وتتلمذ في تلك الفترة على يد الفنان التشكيلي والمخرج الفني عبدالغني أبو العينين، وهكذا جمع بين الموهبة والدراسة. وأشار العويضي إلى أن حلم عمره، الذي لم يتحقق بعد، هو كتابة المصحف الشريف بخط اليد وبرؤية معاصرة وبسيطة، حيث إن المصاحف الموجودة حالياً مكتوبة بالخطوط الفاطمية، والمغربية والفارسية، وإننا بحاجة إلى كتابة المصحف بخط جديد يتناسب مع روح العصر، ويتواءم مع متطلباته، ويمكن نسبته للعصر الذي نعيشه. استهوى العويضي الطرب، وبرع في التلاوة القرآنية، وكانت له خبرة عريضة بالقراءات القرآنية، إضافة إلى هواية غريبة هي الطواف بالأحياء والمساجد القديمة، يتتبع الخطوط المكتوبة في اللوحات المعدنية أو الجصية، يشرح من خلالها مدارس الخط القديمة، والفروق بينها وبين المدارس الجديدة المتعجلة، موضحاً أن اللوحات القديمة للشوارع تعتبر كنزاً تراثياً، حيث أمر بتصميمها الخديوي توفيق، وقام حينها بتنفيذ التصميم الفنان المبدع محمد بك جعفر، وتم تنفيذها في ألمانيا بخط الثلث باللون الأبيض على خلفيات مطلية بالمينا الأزرق. الألوان المائية واستخدم العويضي في أعماله الألوان المائية والأصباغ والأكاسيد ومحلول الشاي وزلال البيض، وغيرها من التقنيات التي استخدمها الخطاطون العرب والمسلمون في مراحل مختلفة من رحلة الخط العربي، فأحياناً يدهن الورقة بزلال البيض، مما يعطيها ثقلاً أكثر وعمراً أطول، موضحاً أنه اقتبس هذه الطريقة من كتب التراث وطورها، فالطلاء بالشاي يعطي إحساساً بالقدم، وأحياناً يطلبها بألوان البنجر الأحمر، وبعض الأكاسيد الطبيعية بتراكيبها المختلفة، كما قام باستخدام العقيق لتنعيم سطح اللوحة الخطية، وتلك إحدى تقنيات الخطاط الكلاسيكية التي انعدمت ولا يهتم بها أحد، إذ لم يعد يستخدمها إلا القليل من الخطاطين في عالمنا العربي. وقال العويضي عن تلك التجربة: «إن قيامه بإعداد الورق ووسائل الكتابة عليه من الشاي وزلال البيض، يسمح له بإمكانات التلاعب بسطح اللوحة وشكلها، وكذلك في التعامل مع النص تعاملاً تشكيلياً حراً، يوفر فرصة إبراز الطاقة التشكيلية المختزنة في الخط العربي، وإعادة تشكيلها فوق سطح اللوحة برؤى بصرية جديدة توفق بين عراقة التراث ومعطيات العصر الحديث بانسجام وتآلف كبيرين. الحياة الثقافية وأضاف أنه يريد أن يخرج بفن الخط من إطاره الكلاسيكي الضيق ليفتح المجال أمامه بشكل يجعله عنصراً فاعلاً في الحياة الثقافية العربية المعاصرة، وأن «الحرف يسري حيث القصد» دالاً على طواعيته في التعامل والتشكل، حيث شكل حرف الـ«ج» مركز إحدى لوحاته، مفسراً لمشاهد لوحاته، كيف يسري هذا الحرف نحو معنى «الجنة» أو معنى «الجحيم» بالحرف نفسه. وعلى النقيض من معظم فناني الخط العربي يعتقد العويضي أن الكمبيوتر لم يأت للقضاء على موهبة الخط، وينظر إليه كأداة متطورة يمكنها أن تساعده على إخراج عمله الفني بشكل أفضل، مع احتفاظه بشخصيته الفنية، ولذلك لم يتخوفه بل تعامل معه واقتحمه، حتى وصل الأمر إلى درجة أنه صمم خطاً جديداً يمكن استخدامه على الكمبيوتر، وسماه «حامد»، بعد أن سافر إلى اليابان ليضع نماذج من الحروف العربية لبرامج الكمبيوتر الحديثة، ونجح مع شركة صخر في إدخال بعض الخطوط العربية إلى برامجها، للوصول إلى منهج جمالي صحيح في الكتابة العربية بالكمبيوتر. ويرى العويضي أن الخط العربي هو جزء من الهوية العربية التي لا يمكن إغفالها ضمن التراث الإنساني العام، متعجباً من أن البعض من نقاد وفناني الحداثة ينظرون إلى الخط العربي نظرة دونية، متجاهلين قيمته في صنع لوحاتهم أنفسهم، حيث إن البعض منهم يشعر بانسحاق أمام الثقافة الغربية، ويعتقدون أن التمسك بالخط العربي هو أحد مظاهر الرجعية، ويرون أن التخلي عن الخط واللغة العربية من أسباب اللحاق بالتطور الغربي، وبالحضارة الحديثة والثقافة العالمية، ونسوا أن الصينيين واليابانيين وغيرهم لم يحققوا ما هم فيه إلا بتمسكهم بتراثهم الفني وبقيمهم الجمالية، ولا ينظرون للخط كمجرد حلقة في سلسلة ثقافتهم الخاصة، بل كجزء من الثقافة الإنسانية بشكل عام. أبرز الإبداعات من أبرز إبداعات العويضي، أنه نفذ لوحات خطية كاملة لقصيدة «محمد الدرة» للشاعر محمود درويش وأشعار أخرى لأمير الشعراء أحمد شوقي، وشاعر النيل حافظ إبراهيم، ولوحات من أقوال النفري، وابن عربي، وعمر الخيام، وابن الفارض، ومقولات للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من نهج البلاغة، والشاعر الألماني جوته من الديوان الشرقي الغربي، و21 لوحة ممثلة لشعر أمل دنقل، وقال عنه العويضي، «إن المعرض عبارة عن قراءة تشكيلية لأعمال أمل دنقل، تعتمد في الأساس على أصول جماليات فن الخط العربي بتنوعاته وإيقاعاته المختلفة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©