الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله المغني: محبة المغربيين للإمارات أشعرتني بالأمان

عبدالله المغني: محبة المغربيين للإمارات أشعرتني بالأمان
5 يوليو 2014 00:41
أشرف جمعة (أبوظبي) شغفه بالعلم ودراسة تاريخ الإمارات تحديداً، جعل حلمه يكبر عاماً بعد عام فلم يكتف بدرجة الماجستير التي حصل عليها من جامعة الشارقة، لكنه قرر في غمرة مع النفس أن يراسل عدداً من الجامعات العربية ليحقق مشروعه العلمي ويتفرد في دراسة تاريخ الإمارات، وفور سفره إلى المغرب شكل عالمه الخاص في الغربة وفقاً لأهدافه التي رسمها منذ البداية. تركت المملكة المغربية في وجدان الدكتور عبدالله المغني العديد من الذكريات الحلوة، التي لا يمكن أن ينساها فقد أغنت نفسه جمالياً وجعلته يشعر بأنه جاء إلى المكان الصحيح في الوقت الملائم، فطاف من خلالها أرجاء الأندلس، وشاهد ما تبقى من مجد الإسلام في تلك البقعة الخالدة في عقول وقلوب المسلمين، وعلى الرغم من ذلك فإن الذاكرة المليئة بالأحداث المهمة والمتخمة بتفاصيل الرحلة لا تزال حاضرة بقوّة لتخفف من حمولة الذكرى ولتسجل لحظة عودته لبلاده بدرجة الدكتوراه. حلم الدكتوراه يقول الدكتور عبدالله المغني: لم تكن رحلة كفاحي مع دراسة التاريخ وليدة المصادفة لكنها جاءت بعد ممارسة فعلية لتدريس مادة التاريخ والدراسات الاجتماعية ما بين عام 1986 و1993 ثم العمل كموجه لهذه المادة، ومن ثم عضويتي الفاعلة في لجنة تأليف مناهج التاريخ والتربية الوطنية والدراسات الاجتماعية إلى أن أصبحتُ محاضراً في جامعة عجمان، وظلت الأحلام تراودني بعد حصولي على درجة الماجستير في التاريخ من جامعة الشارقة عام 2007، فقررت أن أراسل عدداً من الجامعات في مصر، والأردن، والمغرب، من أجل الحصول على درجة الدكتوراه في تاريخ الإمارات وفور وصول أول رد إيجابي من المملكة المغربية من جامعة الحسن الثاني المحمدية عزمت على استكمال رحلتي العلمية، خصوصاً وأنني في رسالتي للماجستير تطرقت إلى مناطق بحثية جديدة في تاريخ الدولة. خصوصية المجتمعات ويتابع: فور أن هبطت بي الطائرة على أرض المملكة المغربية شعرت باختلاف أحاسيسي عن رحلة سابقة للمغرب استمرت لمدة أسبوعين بهدف السياحة والتعرف على هذه الدولة، لكن في هذه المرة الأمور اختلفت إذ إنني أدركت أن مقامي لن يقل عن أربع سنين يجب عليّ فيها أن أقترب من عادات وطباع أهل البلد، خصوصاً وأن الجميع يعلم أن المجتمع الإماراتي له خصوصيته وطابعه الذي يميزه عن المجتمعات الأخرى كافة، وهو ما جعلني آخذ وقتا للتأقلم مع اللهجة المغربية وطبيعة الحياة وأسلوب معيشة الناس وكيفية التواصل معهم. فلسفة الحياة ويتابع المغني: انطباع أهل المغرب الإيجابي عن دولة الإمارات كان له أثر كبير في انسجامي مع كل ما يحيط بالمجتمع الغربي من فلسفة خاصة في الحياة، إذ إنهم يحبون بلدنا وينظرون إلينا بكل احترام وتقدير، فضلاً عن محبتهم العميقة للإمارات وللمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وهو ما جعلني أشعر بالاطمئنان وأنني في بلد عربي إسلامي يحاول أن يمد جسوره مع المواطن الإماراتي حتى ولو كان بمفرده خارج نطاق المؤسسات والمهرجانات، وعمليات التبادل الفكري والثقافي عبر المستويات الرسمية. ويرى المغني أن تواصله مع الملحقية الثقافية في مدينة الرباط التي تهتم بالمبتعثين للماجستير أو الدكتوراه سهل عليه الكثير من الأمور وساعده بشكل كبير في إتمام عملية التسجيل بجامعة الحسن الثاني في العام 2007، 2008 من أجل التهيؤ للدخول في معترك الفصل الدراسي ومن ثم التركيز في جمع الرسالة وتحديد الخطوط الرئيسية لها، خصوصاًَ وأن عنوان الرسالة تمثل في «ملامح من تاريخ التجارة في الإمارات 1955 - 1971». صدمة البدايات ويعود المغني بالذاكرة إلى أول رمضان قضاه في المملكة المغربية، حيث إن المعاناة تضاعفت لكونه وجد نفسه أمام تحديات جديدة تتمثل في الاعتماد على نفسه في كل شيء، ويلفت إلى أنه مع أول أذان كانت المائدة الرمضانية تخلو من الأهل والأقارب، والضجّة العائلية التي اعتاد عليها فشعر بصدمة البدايات، حيث إن يوم الصيام كان طويلاً خصوصاً في المغرب ويشير إلى أنه افتقد العادات الرمضانية الروحانية الإماراتية وطقوس الجلسات الحميمية، لكنه على الرغم من ذلك وجد أن المغاربة يبالغون في الاحتفاء بشهر رمضان وأن المساجد تمتلئ عن آخرها بما يؤكد أن هذا الشعب يحتفل بالموروث الديني بطريقة خاصة. الشعور بالفقد ويذكر أنه في أثناء فطوره بمفرده في رمضان تولد لديه شعور بفقد زوجته وأولاده، لذا اضطر إلى أن يطهو طعامه بنفسه حتى أنه مع كثرة ممارسته للطهو ومن ثم دخول المطبخ تعلّم طهو العديد من الأطعمة المغربية المعروفة هناك مثل طواجن البرقوق والخضروات والكسكس، وحول أجمل ما اكتسبه طوال سنواته في دراسته في المملكة المغربية يقول: السفر في حد ذاته متعة وتطواف بديع في عوالم الحضارات الإنسانية وفي المغرب نمت علاقاتي الاجتماعية بشكل كثيف، فلم أكن مجرد طالب للدكتوراه منكب على دراسته لا يرى الدنيا من حوله، لكنني ارتبطت بشكل وثيق بكل ما يفيد رسالتي للدكتوراه من الوجوه كافة وكان المشرفون عليها يحثونني على التفاعل مع الملتقيات الفكرية والفعاليات التي تختص بمناقشة تاريخ الإمارات، ويشير إلى أن أجمل ما في المملكة المغربية اتصالها الوثيق بأوروبا وهو ما أحدث فيها حراكاً ثقافياً وزودها بالمعرفة الإنسانية العميقة فحرصت على زيارة المكتبات التي وجدت بها مؤلفات نادرة أغنت روحي فكرياً وجعلتني أطلع على رصيد وافر من الثقافات وأتعرف على الحضارات في مراحلها المختلفة. ويوضح أن من أجمل حسنات رحلته العلمية إلى المملكة المغربية هو التصاقه بعميد كلية الآداب في جامعة الحسن، العالم المتخصص في التاريخ إذ إنه ترك أثراً عميقاً في نفسه لعلو همته في الاستزادة من العلم مع تواضعه. أغلى الأشياء عمّا جمعه من أشياء غالية على نفسه من الأسواق المغربية يقول المغني: لم أزل أحتفظ ببعض التحف والنحاسيات والصور التذكارية المرسومة على بعض الأطر، لكن أغلى الأشياء تتمثل في إبريق شاي بكاساته المصنوعة من الفضّة ولم أزل أحتفظ به في باحة بيتي وعندما تقع عليه عيني أتذكر على الفور الضيافة المغربية المعروفة بـ «الأتاي» وهو الشاي الذي يصبّ بطريقة معينة تعبر عن عادة مغربية أصيلة. مواقف طريفة لا ينكر المغني أنه على طول الرحلة في المغرب تعرّض للكثير من المواقف الطريفة لكنه يحتفظ بواحدة منها في سراديب الذاكرة، ويحكي أنه في أثناء وجوده بأحد القطارات بالمغرب التقى رجلاً عجوزاً من الجزائر ودار بينهما حوار هادئ ، لكن المفاجأة أن هذا الراكب الجزائري بمجرد معرفته أنني مواطن إماراتي أبدى انبهاره بما وصلت إليه دولتنا من تقدم ونماء وانفتاح ثقافي وفكري على العالم، ولكن المفاجأة الحقيقية تمثلت في أنه أنبأني بأنه وعائلته لا يشاهدون سوى تلفزيون الشارقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©