الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان جزائري يحتفي بفنون الخط والزخرفة والمنمنمات

مهرجان جزائري يحتفي بفنون الخط والزخرفة والمنمنمات
18 يونيو 2012
حسين محمد (الجزائر) - احتضن القصر العثماني “مصطفى باشا” بالجزائر العاصمة مؤخراً فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الثقافي الدولي لفن الخط والزخرفة والمنمنمات بمشاركة نحو 100 فنان، منهم 45 جزائرياً والبقية ينتمون إلى 20 دولة من مختلف أنحاء العالم، ومنها تونس والمغرب ومصر والسعودية وسوريا وباكستان وأذربيجان والبوسنة والهرسك وإسبانيا، فضلاً عن الصين واليابان اللتين خُصص لهما جناحٌ صغير لعرض خطوطهما لأول مرة. روح العربية دام المعرض أسبوعاً عرض خلاله الخطاطون آخر ما جادت به قرائحُهم الإبداعية في ميدان الخط العربي والزخرفة، حيث نوَّع المشاركون في الإبداع بمختلف الخطوط خاصة الكوفي والثلث والرقعة والديواني والفارسي بالنسبة لفناني المشرق العربي وإيران وتركيا، بينما أبدع خطاطو المغرب العربي في الخط المغربي الشهير وقدموا لوحات راقية للجمهور، علماً بأن هذا الخط لا يزال يُستعمل في كتابة المصاحف الشريفة في بلدان المغرب العربي ولذلك يسمى “خط النسخة” أي المصحف. إلا أن القاعدة لم تكن عامة حيث خطَّ حسنين مختار عبد السميع سليم من مصر “الحلية الشريفة” بالخط المغربي، بينما خطّ بوشارب محمود من الجزائر عبارة “إن الله جميلٌ يحب الجمال” بخط الثلث، وتريعة أحمد من الجزائر أيضاً “دعاء الاستغفار” بالديواني. وقدم الفنانون في مجملهم لوحات إبداعية ثرية ومتنوعة أبحرت في روح اللغة العربية وبرهنت على مدى ثراء الخط العربي وجماله ومرونته وقابليته للتطويع والتشكل بأشكال زخرفية رائعة تزيده رونقاً وجمالاً وجاذبية، ونوَّعوا بين الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والشعر الصوفي والأمثال الشعبية الشهيرة وغيرها. انسجامٌ وجمال ووقف الجمهور الزائر، وأغلبه من طلبة المدرسة الجزائرية للفنون الجميلة، طويلاً أمام بعض اللوحات التي خرج فيها أصحابُها عن المألوف والمتداول وما هو في المتناول، وقدموا لمسات فنية لفتت الانتباه إليهم، ومنها لوحة “الله نور السماوات والأرض” للعيدي الطيب من الجزائر، ولوحة أخرى لقاسيمي عزيز تلتفُّ فيها الخطوط بشكل كثيف ولكن بتناسق وجمال، كما تحـتاج إلى الكثير من التأمــل والتدقيق لمعرفة ما تضمنته من حروف وكلمات، أما أمداح ليلى من الجزائر فاستقطبت الأضواء بلوحاتها ذات الإطــار الذهبي والألوان الخلابة، وبخاصة في لوحة “حب الأوطان من الإيمان” حيث تتشابك الحروف والألوان الصفراء والحمــراء والذهبية في انسـجام وجمال أخاذ. برز دبلر سيد أحمد من تركيا بتشكيل حرف “الواو”، وهو يتعانق ويلتف حول نفسه في ثلاث حركات دائرية غير مألوفة أعطت في النهاية شكلاً شبه هرمي، كما استقطبت نوريا جارسيا ماسيب من إسبانيا الأضواء بلوحتين جميلتين خطّت فيهما عبارة “وأفوض أمري إلى الله”، وكذا آيات من سورة مريم بطريقة بديعة برهنت بها عن مدى شغفها بحروف لغة الضاد وجمالها، وبرزت رشا قاسم من مصر بلوحتي “هو الأول والآخر”، و”بسم الله الرحمان الرحيم”. وتوقف الجمهور طويلاً أمام لوحتين للفنان الحاج نور الدين مي غوانج جيانج من الصين، حيث كتب آية الكرسي وعبارة “لا إله إلا الله محمد رسول الله” عبر المزج بين الحروف العربية والصينية، وبدت الحروف في النهاية متعانقة متآلفة، وتؤدي معنى واحداً، فآية الكرسي يمكن قراءتها من أعلى إلى أسفل، أي بشكل عمودي، بينما يمكن قراءة معناها- لمن يعرف الصينية- بحروف هذه اللغة بشكل أفقي، ما أثار انتباه الحاضرين الذين اكتشفوا لأول مرة تشكيل الحروف الصينية بقوالب فنية في معرض جزائري. والملاحظ أن دورة هذه السنة ركزت كثيراً على الخط العربي بمختلف أنواعه الشهيرة أكثر مما ركز على المنمنمات التي جاءت قليلة ولم تلفت الانتباه عكس الدورات الثلاث السابقة، إلى ذلك، تقول الزائرة صبرينة لعجال “لقد تعوّدتُ على زيارة هذا المهرجان كل سنة باعتباري طالبة في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة في سنتي النهائية وأرغب بالاطلاع على آخر ما جاد به عمالقة الخط العربي في العالم لأتعلم منهم المزيد. ولكني ألاحظ أن المنمنات التي طالما اشتهر بها الأتراك والإيرانيون، نادرة هذه السنة وأجهل السبب، ولكن هذا لم يُنقص من قيمة المعرض، فقد رأينا إبداعات عالية المستوى في الخط والزخرفة التي تنوَّعت أساليبُها وتقنياتها”. تقاربٌ بين اللغات من جانبه، قال مصطفى بلكحلة، مدير قصر مصطفى باشا الذي احتضن الحدث الثقافي، إن الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للخط العربي والزخرفة والمنمنات “شهدت انفتاحاً على فنون الخط العالمي في مختلف اللغات الحية، ما يشكل تجسيداً حقيقياً لمبدأ التسامح والتقارب والتواصل الإنساني والحضاري بعيداً عن الحواجز والفواصل”. وأضاف أن “من بين أهداف هذا المهرجان ردم الفجوات الفاصلة بين الإنتاج الإبداعي الإنساني الحاضر بحيويته في جميع قارات العالم، واستكشاف قواعد وفنون خط الكتابة لدى مختلف شعوب العالم وتقاربها مع فنون الخط العربي الأصيل”. وأشاد بلكحلة بالحضور الكثيف للفنان الجزائري في دورة هذه السنة و”انفتاحه على مختلف مدارس الخط العربي وإبداعه بها، واتجاهه إلى تطوير الخط المغربي وإضفاء قواعد جديدة عليه منحته إضافات معاصرة دون الخروج عن روحه الأصيلة، وقواعده الفنية والتقنية”. وعلى هامش المهرجان، تمت برمجة العديد من النشاطات الفكرية حيث نشط أساتذة متخصصون في فن الخط العربي من مختلف البلدان العربية، عدة ورشات لتعليم فنون الخط العربي وتقنياته لهوّاته، كما نشطوا عدة ندوات تناولت تطور الخط العربي وأساليبه وأنجع السبل للارتقاء بتقنياته وعصرنته حتى يحافظ على مكانته العالمية المرموقة كأحد أشهر الخطوط في العالم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©