الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعد أردش.. موظف السكة الحديد الذي صار أستاذاً للمسرح

سعد أردش.. موظف السكة الحديد الذي صار أستاذاً للمسرح
20 يونيو 2011 19:57
مرت الذكرى الثالثة لرحيل أحد أهم أعلام المسرح العربي الفنان سعد أردش في هدوء شديد، ومثلما كان يعمل ويعطي كثيراً من علمه وفنه وموهبته للآخرين في صمت، مرت ذكراه في صمت أيضاً ولم يذكره إلا بعض من تلاميذه الذين هم الآن أساتذة كبار يمارسون تدريس التمثيل والإخراج في المعاهد الفنية، ومنها المعهد العالي للفنون المسرحية وقسما المسرح في جامعتي الإسكندرية وحلوان. كان أردش يرى أن المسرح جزءاً حيوياً من المجتمع، يتغير كما يتغير المجتمع، ويعيش دائماً فترات مستمرة من الصراع بين المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما كان يؤكد دائماً أنه لا يوجد فن بلا قضية، وأنه يجب على الفنان أن يلتزم بقضايا مجتمعه، وأن يعبر عنها بالأسلوب الفني الذي يراه مناسباً وكان يؤكد أنه على الممثل أن يمر بفترات من التدريب والدراسة والتتلمذ على أيدي أكاديميين متخصصين يستطيعون توظيف واستثمار قدراته وتوظيفها بالشكل المناسب، ويقومون بتأهيله وتلقينه أبجديات العمل الفني والمسرحي، وأن يكتشف هو أدواته الفنية. موظف بالسكك الحديدية ولد سعد عبدالرحمن قردش الذي أشتهر لاحقاً باسم "سعد أردش" في مدينة فارسكور في محافظة دمياط "190 كيلو مترا شمال القاهرة" في 16 يونيو 1924، وبدأ حياته موظفا بالسكك الحديدية واستخدم مخازنها في تقديم عروض مسرحية للهواة قبل أن ينتقل إلى القاهرة ليلتحق بمعهد التمثيل ويحصل على الدبلوم عام 1952، ثم على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس عام 1955. وكون سعد أردش بعد ذلك فرقة حرة للتمثيل تعاون فيها مع الكاتب الناشيء وقتها نعمان عاشور والممثلين الكبار سناء جميل وابراهيم سكر وعبدالمنعم مدبولي، وقدم من خلال هذه الفرقة عرضه الأشهر "الناس اللي تحت" ولم تدم الفرقة طويلاً إذ أوفد أواخر الخمسينيات من القرن الماضي لبعثة دراسية في إيطاليا. وعاد من بعثته أوائل الستينيات من القرن الماضي بعد حصوله على الدكتوراه من الأكاديمية الدولية للمسرح بروما عام 1961، محملا بأفكار المسرحي الألماني بريخت ونظريته في كسر الايهام، وظل مخلصاً له طوال حياته منذ قدم له عقب عودته "دائرة الطباشير القوقازية" وحتى "الشبكة" المأخوذة عن نص له عنوانه "قيام وسقوط مدينة ماهوجني" التي قدمها على خشبة المسرح القومي المصري عام 2007 . مسرح "الجيب" أسس في الستينيات مسرح "الجيب" الذي اضطلع بمسؤولية تقديم العروض التجريبية والطليعية وعمل مديرا له، وفي موازاة ذلك عمل أستاذا ورئيسا لقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتدرج في عدة مناصب حتى أصبح رئيسا للبيت المصري الفني. كما كان عضوا في لجنة المسرح بالمجلس الأعلى المصري للثقافة، وأختير في عام 1986 كأول مدير لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي. وأخرج خلال رحلته الفنية التي استمرت 60 عاماً مسرحيات متميزة من أشهرها "النار والزيتون" عن نص لألفريد فرج و"الأرض" عن رواية عبدالرحمن الشرقاوي والتي تحولت إلى فيلم أخرجه يوسف شاهين، و"السبنسة" و"سكة السلامة" لسعد الدين وهبة و"الذباب" لجان بول سارتر، و"يا طالع الشجرة" لتوفيق الحكيم إلى جانب "الإنسان الطيب" و"كاليجولا" و"انتيجون" و"عطوة أبو مطوة". سقطة "هالو شلبي" واعتبر كثيرون أن إخراجه مسرحية "هالو شلبي" في السبعينيات والتي أظهرت جيلاً من النجوم الشباب وقتها منهم سعيد صالح وأحمد زكي ومحمد صبحي سقطة كبيرة له، على اعتبار أن القطاع الخاص كان يقدم أعمالا تجارية، وهو ما كان سبباً في عدم تكراره التجربة ثانية. شارك بالتمثيل في السينما في عدد من الأفلام بداية من "ظهور الإسلام" عام 1951، مروراً بـ "قنديل أم هاشم" و"شباب امرأة" و"الأسطى حسن"، إلى جانب "الاختيار" ليوسف شاهين و"الحجر الداير" لمحمد راضي عام 1992. كما شارك في بطولة عدد من المسلسلات منها الجزء الثاني من "المال والبنون" أمام حسين فهمي وأحمد عبدالعزيز وحمدي غيث وشيرين سيف النصر ويوسف شعبان وجيهان نصر، وتأليف محمد جلال عبدالقوي وإخراج مجدي أبوعميرة، و"الناس في كفر عسكر" أمام صلاح السعدني ودلال عبدالعزيز وتأليف أحمد الشيخ وإخراج نادر جلال. جائزة إمارة الشارقة وترك سعد أردش العديد من المؤلفات الفنية والدراسات والأبحاث والترجمات أهمها "المخرج في المسرح المعاصر" و"خادم سيد درويش" و"ثلاثية المصيف" و"جريمة في جزيرة الماعز" و"انحراف في قصر العدالة" و"أجوبتي" و"بياتريس" و"كارلو جولدوني" وهي سلسلة مسرحيات عالمية كما قدم العديد من الدراسات لدوريات فنية وثقافية متخصصة في مصر والعالم العربي مثل "مجلة المسرح" و"فصول الإبداع الفني" و"أعلام العراق". ونال العديد من الجوائز وشهادات التقدير والأوسمة منها وسام العلوم والفنون عام 1967، وجائزة الدولة التقديرية من المجلس الأعلى المصري للثقافة عام 1990، كما حصل على جائزة إمارة الشارقة لرواد المسرح العربي. مرض ووفاة توفى سعد أردش أثناء زيارته لابنته في الولايات المتحدة الأميركية، بعد صراع طويل مع المرض يوم 13 يونيو 2008 عن عمر يناهز 84 عاماً، وعاد إلى مصر ليدفن في مدافن الأسرة بفارسكور.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©