الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

راشد بن طناف: شاعر المواقف والأنين.. و «الدراما»

راشد بن طناف: شاعر المواقف والأنين.. و «الدراما»
4 يوليو 2014 01:33
ساسي جبيل ولد راشد بن طناف في الذيد بالشارقة في العام 1910، وتوفي بها العام 2000 ميلادي، عاش 9 عقود حفلت فيها مسيرته بإبداع شعري غزير ومساهمات إبداعية معتبرة في حقل الشعر الشعبي، ترك خلالها كتابين شعريين هما «أهواك» و«صدى الونّة»، ساعده إطلاعه على تجارب كثيرة من شعراء الشعر الشعبي في الإمارات والخليج العربي على التعاطي الإيجابي مع النص الشعري وكتابة قصيدة مختلفة أثبتت حضورها في الساحة وشنفت أسماع عشاق الشعر في هذه الربوع. حفظ القرآن الكريم قبل أن يتعلم القراءة والكتابة وقرض الشعر على يد الشاعر الإماراتي الكبير أحمد بن عبدالرحمن بوسنيدة، حيث انتقل من الذيد إلى الشارقة لينهل من معين المعرفة، وقد ظهرت موهبته الشعرية من طفولته وصقلها بوسنيدة ورفدها بمعارفه الشاسعة وحسن اطلاعه، وهو ما استفاد منه راشد بن طناف أيما استفادة ووضعه على السكة الصحيحة، وقد تجلى ذلك مبثوثا في أعماله الشعرية المختلفة وإلتقاطاته وكلماته اللاذعة حينا والساخرة أحيانا. عرف ابن طناف بقصائده النبطية الدرامية إن صحت العبارة، نظرا لأنها كانت مسكونة بمناخات حزن وعناء ربما بسبب شظف العيش الذي مر به في مراحل مختلفة من حياته والظروف التي أحاطت به منذ صباه الباكر، إذ تربى عند جده لأمه وعاش ثلاث زيجات فاشلة، وزوجة رابعة فقدها وهي تؤدي مناسك الحج ليقضي ربع قرن أخير من عمره مسكونا بحالة من الوحدة والتشاؤم الذي ألقى بظلاله على نصوصه التي جاءت سوداوية في كثير من الأحيان، إذ الحق به الاضطراب الذاتي، والإشكاليات المتعاقبة الكثير من الأذى الذي ترجمه في قصيدته التي لا تشبه غيرها من أبناء جيله. وقال في رثاء زوجته الأخيرة قصيدة مطولة من أروع القصائد التي لا زال يرددها الشعراء: يوم أذكره سوت أدموعي مزاريب وآنست في قلبي لهيب وحراره أذكر امنه حسن الملاماه والطيب والبيت موحش بي وزايد أغباره لم يعرف بن طناف الاستقرار في حياته العملية إذ تنقل في أكثر من مهنة ومارس أكثر من عمل، سواء في البر أو في البحر، حيث عمل غواصا وجامع أحجار مرجانية من قاعه، وكان للبحر تأثير واضح للعيان في نصوصه وأهازيجه وأسلوبه الشعري المتفرد بما يتوفر في هذه البيئة من مناخات من شأنها أن تساعد على الإبداع، كما ساعدته هذه العلاقة الحميمية مع الماء على كتابة نصوص تنساب بروائح الموج والحرية والشجاعة والصراع مع جبروته والطامع في جمع قوته من أعماقه. وشكل مع زمرة من مجايليه في النصف الثاني من القرن الماضي حركة شعرية نبطية إماراتية أنجبت العديد من الأسماء التي بقيت خالدة في الأذهان إلى يوم الناس هذا، من أمثال راشد الخضر ومحمد الكوس وسالم القمري وربيع بن ياقوت وحمد خليفة بوشهاب وغيرهم. أبدع الشاعر أيضاً أجمل القصائد الغزلية، والوطنية، والقومية، ومنها «نار العروبة» التي قالها في الزعيم الراحل جمال عبدالناصر إبان العدوان الثلاثي على مصر، كما تميز بالقائه المختلف، وعرف عنه استعماله غريب الألفاظ في قصائده، وداعيه في ذلك أنه أخذ بمبدأ يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره، واستخفافه بمستوى الشعراء وضحالة مخزونهم اللفظي واعتداده بنفسه ومقدرته، أما عجيب لفظه فكان عادة ما يرد في باب الضرورات في بناء القصيدة كما يبرر ذلك. وكان يبتدع قوافي صعبة لقصائد التحدي التي يبعث بها إلى خصومه أو من يعتبرهم خصومه من الشعراء وعرف بأنه كثير الاعتداد بنفسه فخور بها، يصرح بذلك حينا ويخفي ذلك حينا آخر، يذكر اسمه دائماً وخاصة اسم الشهرة طناف، فقد كانت الأنا عنده عالية تماماً حتى على الأقربين، فإذا لم يصرح بأناه فإنه لا يتورع عن ذكرها على لسان الآخر من البشر أو الطير كما يبدو جليا في قصائده ولقاءاته التلفزيونية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©