السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون» والبحث عن الخلاص الفردي

14 سبتمبر 2010 22:21
سوف يدشن الثاني من نوفمبر المقبل البداية الرسمية، للمرحلة الثانية من عهد أوباما، بيد أن الميل لـ"اليمين" الذي سيكون سمة مميزة لهذه المرحلة من حكم الرئيس، كان ملحوظاً منذ الأسبوع الأول من سبتمبر الحالي، سواء تمثل ذلك في استطلاعات الرأي التي أشّرت على احتمال تحقيق "الجمهوريين" لمكاسب كبيرة في انتخابات التجديد النصفي، أو تمثل في التصريح الذي صدر من البيت الأبيض، والذي جاء فيه أن الرئيس قد يضطر للبحث عن رئيس أركان جديد، أو في البيانات المتعلقة بالحلول الاقتصادية الجديدة لأوباما. بالإضافة لذلك، استكملت وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية الجولة الأولى من تغطياتها لاستطلاعات قياس الرأي التي جرت الأسبوع المنصرم، وأعلنت بصوت واحد تقريباً أن الناخبين قد باتوا مستعدين لتجريد "الديمقراطيين" من أغلبيتهم في أحد مجلسي الكونجرس، أو حتى في المجلسين معاً. وكان إخفاق الاقتصاد الأميركي في توليد أي قدر من الزخم اللازم لتحقيق نمو ذي شأن خلال أشهر الصيف، قد فاقم من التشاؤم المتعلق بتضاؤل فرص "الديمقراطيين"، كما أن ليس هناك سوى القليل للغاية من الأسباب التي يمكن أن تدفع البعض لتوقع أن الاقتصاد سيكون قادراً على تعزيز تلك الفرص مرة ثانية خلال الفترة ما بين لحظتنا الحالية، ولحظة انطلاق انتخابات التجديد النصفي. وقد حصل الناخبون الأميركيون على هدية إنهاء المهام القتالية للقوات الأميركية في العراق، دون أن يردوا الجميل للقائد العام للقوات المسلحة الأميركية (الرئيس أوباما نفسه). كما أن "الديمقراطيين" يتفرقون في جميع الأنحاء، في الوقت الراهن، بحثاً عن الخلاص الفردي بدلاً من أن يكوّنوا كتيبة واحدة متماسكة للدفاع عن قائدهم. وعلى رغم أن اختيار"ريتشارد ديلي" عمدة شيكاغو لهذه اللحظة بالذات، للإعلان عن خططه للاستقالة العام المقبل، لم يكن سوى محض مصادفة ، فإنه أرسل إشارة للجميع مؤداها أن "رام إيمانويل" كبير موظفي البيت الأبيض ومدير مكتب أوباما، قد يغادر موقعه عقب الانتخابات المقبلة سعياً للحصول على هذه الوظيفة في مسقط رأسه، وهي وظيفة كان يقول دائماً إنه يريدها. وإيمانويل، كما يبين آداؤه، ليس بذلك السياسي الحزبي الملتزم، الذي ظنه الجميع، بعد التكتيكات البارعة، التي استخدمها أثناء قيادته الشخصية للحملة التي فكت قبضة الحزب "الجمهوري" على مجلس النواب في منتصف الولاية الثانية لبوش الابن، ولكنه دون شك، كان دائما صوتاً للاعتدال داخل الإدارة، كما أنه كان مسؤولاً بصفة مباشرة عن عملية استقطاب زميل "جمهوري" وهو وزير النقل "راي لا هوود" وضمه لمجلس وزراء أوباما. مع ذلك، فإن قيادة "إيمانويل" لموكب الاستقالة المتوقع من وظائف البيت الأبيض عقب الانتخابات، سوف يتيح لأوباما الحرية التي يريدها لإعادة تشكيل الإدارة التي ستصاحبه خلال الفترة الثانية من ولايته، كما سيتيح له الوقت اللازم للاستعداد للتعامل مع كونجرس (أكثر جمهورية)، والبدء في سباقه الخاص من أجل إعادة انتخابه مرة ثانية. ويمكننا من الآن رؤية الخطوط العامة لمقاربة الرئيس الجديدة من خلال الخطابين اللذين ألقاهما خلال الأسبوع المنصرم في ميلووكي، وكليفلاند، والذي كان اختيار أوباما لهما موافقا لرؤية الحزب "الديمقراطي" الكلاسيكية التي تقوم على التركيز على المراكز الحضارية التي تحتضن الآمال "الديمقراطية" في اثنتين من ساحات المعارك التقليدية في الغرب الأميركي الأوسط. والرسالة الاقتصادية التي يوصلها الخطابان تختلف عن الرسالة التي كانت توصلها خطبه أثناء المرحلة الأولى من عهده، عندما كان مدفوعا بالغريزة للالتفات للحكومة بحثاً عن علاجات لأمراض الاقتصاد. ففي تلك المرحلة، تم تحفيز الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق الحكومي سواء بشكل مباشر من قبل الحكومات والمؤسسات الفيدرالية، أو بشكل غير مباشر من خلال الإعانات المقدمة للولايات والمجتمعات المحلية، ومن خلال العمل على إنقاذ صناعة السيارات بتحويلها إلى صناعة تابعة للحكومة. واقتصاديو أوباما والاقتصاديون العاملون في مكتب الميزانية بالكونجرس - وهو مكتب محايد - يمكنهم تقديم الدليل على أن المرحلة الأولى من ولاية أوباما قد نجحت -على الأقل- في إنقاذ عدد معتبر من الوظائف، ولكن الشوط الذي قطعه أوباما خلال تلك المرحلة، قد انتهى بسبب رد الفعل الشعبي على العجوزات المتنامية، وليس من المتوقع من أوباما أن يحارب الناخبين. وفحوى ما قاله أوباما هذا الأسبوع، إنه مستعد لتبني علاجه المفضل لتنشيط الأعمال، والذي يقوم على تقديم الإعانات للمؤسسات الخاصة، على أمل أنها ستقوم باستثمار تلك الإعانات، وتقوم بتوظيف ما تحتاجه من موظفين بدرجة من السرعة لا تتوافر للمؤسسات الفيدرالية. وجوهر ذلك العلاج، يتمثل في إجراء تعديلات على نظام الضرائب لصالح المشروعات التجارية، بما يسمح بالتنشيط الفوري للإنفاق في تلك المشروعات من أجل الحصول على المعدات، مع القيام في نفس الوقت بمنح إعفاءات دائمة لأنشطة البحوث والتطوير، التي تقوم بها تلك المشروعات. وهذا النوع من الإصلاح الضريبي، الذي يمكن أن يحبه "الجمهوريون" مطروح الآن من قبل رئيس "ديمقراطي"، حتى قبل انطلاق الانتخابات القادمة، وقبل حساب أرباحها وخسائرها. وكل ذلك يوحي بأن المرحلة الثانية من ولايته، قد لا تكون على تلك الدرجة من الإيلام بالنسبة له شخصياً بقدر ما ستكون كذلك بالنسبة لـ"الليبراليين" من حزبه، و"رام إيمانويل"، لن يكون مضطراً لشرح هذا لـ"نانسي بيلوسي"، رئيسة مجلس النواب. ديفيد إس.برودر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©