السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغش الإلكتروني في الامتحانات «وباء» يجتاح مدارس العالم

الغش الإلكتروني في الامتحانات «وباء» يجتاح مدارس العالم
17 يونيو 2012
يبدو أنه لم يعد لكثير من وسائل الغش التقليدية التي كانت شائعة في الامتحانات في أوقات سابقة وجود الآن في ظل التطور التكنولوجي المتعاظم الذي يشهده العالم في الوقت الراهن، والذي تطورت معه طرق وأساليب الغش بصورة كبيرة، وبأساليب مبتكرة ومتنوعة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى عجز المسؤولين عن مراقبة الامتحانات عن اكتشافها، وأصبح الغش الإلكتروني في الامتحانات «موضة» بين الطلاب في أميركا، وتنتشر وسائل جديدة كل يوم في المدارس اليابانية، مما دفع كثيراً من الدول إلى التفكير في استحداث وسائل مضادة تتيح اكتشاف حالات الغش الإلكتروني. خورشيد حرفوش (أبوظبي) - الغش في الامتحانات بشكل عام، من أخطر الظواهر السلبية والمشكلات التربوية التي تهدد سلامة النظام التعليمي وجديته ــ مما يدعو إلى إخضاع هذه الظاهرة للدراسة والبحث العلمي للوقوف على أسبابها ودوافعها من أجل الوصول إلى علاج جذري لها. ولتناول هذه الظاهرة التي تنتشر بين الطلاب خلال الامتحانات على وجه التحديد، ينبغي تحديد هذه الأسباب والدوافع ومدى العلاقة التي تربط فيما بينها وبين العوامل المسببة لها والمؤثرة فيها بوصفها ظاهرة خطيرة تؤثر في المجتمع ومؤسساته وتؤدي إلى آثار سلبية عديدة لا تنسجم والثوابت الأخلاقية في المجتمع، وأهمها مبدأ تكافؤ الفرص بين أفراد هذا المجتمع. والأمر الأكثر خطورة أن تتطور أساليب وطرق الغش لتواكب أحدث التطورات التقنية، وتوظيف الأدوات والوسائط التكنولوجية المعقدة في الغش واستغلال إمكاناتها العديدة في تسهيل الحصول على المعلومة «الإجابة المطلوبة» بشكل غير شرعي، مما يدعو إدارات المدارس إلى ضرورة التفكير في كيفية التصدي لمحاولات الغش ومكافحته للحيلولة دون انتشاره بين الطلاب. أساليب «كلاسيكية» كانت الأساليب التقليدية القديمة للغش واضحة وبسيطة، فعادة ما كان الطالب يستخدم قصاصات من الورق مكتوب عليها النقاط المهمة بخط صغير، ثم دخلت أجهزة الاستنساخ المتطورة إلى حالة أكثر تقدماً بحيث يستطيع الطالب «الغشاش» ما يزيد عن ست أوراق في ورقه صغير لا تتجاوز 6ـ 7 سم، بحيث يختصر بها المادة ويصغر «بنط» الكتابة بالأجهزة الحديثة إلى درجة متناهية الصغر. لقد أصبحت حيل إلحاح الطلاب للذهاب إلى «دورات المياه» لإخراج الورق بحثًا عن الإجابة خلسة، أو الوقوف خارج اللجان بميكروفونات عملاقة لترديد الإجابات، من وسائل الغش القديمة التي عفى عليها الزمن، فاندثرت الطرق التقليدية التي كان الطلاب يعتمدون على الغش من خلالها على ما يعرف ب «البرشام»، أو الكتابة علي الحائط لأنها أصبحت قديمة ومكشوفة وغير مفيدة، لأنها محدودة بحجم معلومات معينة لا يمكن استيعاب غيرها، فما كان منهم إلا استخدام طرق أكثر مراوغة وخداعاً يصعب على المراقب اكتشافها، وكان العض يلجأ إلى الكتابة علي «المسطرة» أو الكتابة على الجسم والملابس ووضع الأوراق في الآلة الحاسبة أو داخل الحجاب الذي تريديه الفتيات وتبادل الأوراق مع الزميل والتحديق في ورقة الطالب الآخر. فتش عن «البلوتوث» مع تقدم وتطور وسائل الاتصال الحديثة، ولا سيما الهواتف الذكية، انتشرت وسائل الغش التكنولوجية بين الطلاب في كثير من بلدان العالم، فنجد موقعاً متخصصاً في أجهزة الغش والتجسس، يضع مجموعة من المعدات الحديثة التي تناسب «احتياجات الطلاب»، كسماعات الأذن اللاسلكية التي تعمل بخاصية البلوتوث، التي تتيح لمستخدمها سماع الصوت وإرسال رسائل سرية عبر البلوتوث دون أن يكشفه أحد، ويمكن لهذه السماعة أن ترتبط بأي جهاز محمول يعمل بخاصية البلوتوث أو أي جهاز آخر خارج نطاق لجنة الامتحانات. وهناك سماعة صغيرة جدًا يصل حجمها إلى 3.5 ملم تتوافق مع مشغلات الإم بي ثري، وأجهزة الآي بود، وتتكون من سماعات لاسلكية صغيرة، وكابل دائري يلتف حول العنق أسفل الملابس، ويتصل بالآي بود الملتصق بمعصم اليد، هكذا يتمكن الطالب من تشغيل وإيقاف الآي بود والبحث عن الإجابات، بينما يسمعها عن طريق السماعات اللاسلكية وبشكل واضح. كما يعرض الموقع برنامجا يتم تحميله لتسجيل الصوت بنقاء تام. وعلى موقع «تويتر» نشرت إجابات الامتحانات لمن لديهم هواتف محمولة ذكية متصلة بالإنترنت، من خلال «هاشتاج» خاص، كما حدث في امتحانات الثانوية العامة في مصر مؤخراً. فالتليفون المحمول أصبح واحدا من أهم الوسائل التكنولوجية، التي يستخدمها الطلاب في الغش في الامتحانات في الجامعات المصرية، ويعد من أكثر الوسائل سهولة في الاستخدام، خاصة من قبل الطالبات اللاتي يقمن عادة بوضع السماعة اليدوية في الأذن وإخفاء الجهاز المحمول في الملابس، دون أن يراه أحد وضبط الجهاز على الفتح التلقائي عند استقبال أي اتصال، وبعد ذلك تقرأ السؤال بصوت مرتفع قليلا ليسمعه المتصل، ثم يقوم بإملاء الإجابة النموذجية عليها، دون أن يسمعه أحد. «سماعة الامتحانات» مع منع دخول الهواتف المحمولة التي بحوزة الطلاب إلى اللجان الامتحانية، هناك وسيلة انتشرت خليجيا، تعرف باسم «سماعة الامتحانات»، التي تتميز بحجمها الصغير، بحيث لا تكاد تظهر في الأذن وهذه السماعة لا سلكية وتعمل بجهاز عن بعد قد يمتد إلى 500 متر، ويقبع أحد أشخاص خلف أسوار المدرسة، ويقوم الطالب بقراءة ورقة الامتحان بصوت منخفض، كأنه لا يفهم السؤال أما الطرف الآخر فيلقنه الإجابة بسرعة دون أن يسمعه أحد.على كل شكل ولون! كما نجد موقع «ويكي-هاو» يستعرض وسيلة غش جديدة، عن طريق جهاز يطلق نبضات كرسائل مورس متصل عن طريق البلوتوث بالهواتف والأجهزة التي تستقبل هذه الخدمة، ويمكن ارتداؤه في الحذاء بحيث يواجه إصبع القدم الكبير، وعن طريق الضغط عليه يقوم المستخدم بإرسال الإجابة، إذا كانت ضغطة واحدة فالإجابة نعم، وإذا كانت ضغطتين فالإجابة لا. وفي سوريا، كشف رئيس إحدى الجامعات المعروفة عن أن موضوع الغش الامتحاني بواسطة التقنيات الحديثة لم يعد فرديا بل تحول إلى شبكة منظمة ، وألقي القبض على بعض أفراد هذه الشبكة بعد أن امتد عملها ليطال الشهادات العامة أيضا، وتم ضبط كثير من الطلاب يعتمدون على الغش الامتحاني الإلكتروني بواسطة أجهزة المحمول، ووجد أن الشبكة تزوّد الطلاب بسماعات صغيرة جداً تُوضع في الأذن لا تُرى بالعين المجردة، وتوصل مع أجهزة النقال التي أخفيت في أسفل الحذاء أو ضمن الملابس، ووجد أيضاً أن هذه السماعات تُؤجر بمبلغ 7000 ليرة سورية لكل جلسة امتحانية، وتعدى الأمر إلى أن يكون تجارة رابحة و»بيزنس» ينتشر في موسم الامتحانات. تطور مذهل في المغرب أيضاً، ظهر الغشاشون العصريون بطقوسهم الخاصة، فمع ارتفاع حرارة الصيف لوحظ كثرة استخدام الطلاب والطالبات للقبعات معلنة بداية صيف «غريب» الأطوار تقتصر حرارته على الرأس دون بقية الجسد الذي يلفه أصحابه بقماش كثير يتهدل على الأذرع أكماماً طويلة، وعلى السيقان سراويل ذات جيوب وثنايا ظاهرة وخفية، مستفيدين من تطور تقنية «البلوتوث» والساعات الإلكترونية والسماعات الدقيقة الحجم التي يفوق سعرها مائتي دولار، وكلها تمنح تحكماً أفضل في الحركة، وتوفر الأجوبة الصحيحة دون عناء. فعادة ما تتسرب الامتحانات إلى خارج قاعات اللجان الامتحانية، فيحل أسئلتها أشخاص عاكفون على الحواسيب أو الهواتف المحمولة أو المقررات فوق أسوار المدارس وحولها، ومن ثم يرسلون الإجابات مكتوبة عن طريق رسائل Sms. كثير من المدارس حول العالم أنشأت غرف مراقبة متطورة مزودة بكاميرات ووسائل حديثة لمجابهة الغش الإلكتروني، ففي إحدى المدارس الثانوية في السعودية، تضطر إدارة المدرسة أن تستحدث نظاما لكشف حالات الغش باستخدام التكنولوجيا عن طريق الهواتف الذكية بوضع جهاز يمكنه كشف جميع الأجهزة الإلكترونية التي بحوزة الطلاب من أجهزة هواتف وسماعات وغير ذلك، وذلك من خلال ذبذبات يرصدها الجهاز ويكشف ما لدى الطالب منها، مما يسهل على المراقبين عملية الضبط. وفي مصر، انتشرت بين فئات معينه من الطلاب ظاهره استخدام الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي تعمل بكفاءة عالية في الغش من خلال تصوير أوراق الإجابة داخل اللجنة وإرسالها في رسائل إلكترونية إلي بعض الأشخاص، ومن ثم تلقى الإجابات على جهاز الموبايل الذي يستخدم كجهاز كمبيوتر في حجم كف اليد ويتم تسريب هذه الأجهزة داخل لجان الامتحانات من وراء ظهر المراقبين وعدم خضوع الطلاب لأعمال التفتيش قبل دخول اللجان إلا في حالة اكتشاف أعمال الغش. ومن بين الوسائل التكنولوجية الأخرى التي يلجأ إليها الطلاب اليوم، الساعات التي تحتوي على كمبيوتر مصغر وأقلام «إسكان» أو ما يعرف باسم «الماسح الضوئي»، الذي يتم من خلاله الكتابة على المقاعد الدراسية وعلى الأكمام بالذات ولا تظهر الكتابة إلا في حالة إلقاء الضوء عليها من خلال مصباح صغير في آخر القلم وهناك أيضا الكتابة على الأدوات الهندسية. وعادة ما يكون لدى خبراء صناعة الغش في بداية الأمر، حرص شديد على أن يحتفظوا بوسائلهم المبتكرة داخل دائرة ضيقة، بحيث لا يكتشفها المراقبون، لكن مع الوقت يسمحون بصورة تدريجية بنقل هذه الوسائل إلى شريحة أوسع من زملائهم، مع أخذ التعهدات عليهم بأن يظل الأمر في دائرة السرية، حتى لا يتمكن المراقبون من اكتشافه، وشيئا فشيئا تتسع الدائرة لتنتقل أحدث تقنيات الغش من مكان لآخر، ومن مدينة لأخرى، ودولة لأخرى فوسائل الاتصال التكنولوجية لا تعرف الحدود! في اليابان في معقل التكنولوجيا الرقمية، طور باحثون يابانيون نظاما يستطيع بدقة تحديد أماكن الممتحنين الذين يستخدمون الهواتف النقالة داخل قاعات الامتحانات لمنع الغش في امتحانات القبول بالجامعات باستخدام هذه الهواتف الذكية، بعدما قام طالب بالمرحلة الإعدادية خلال امتحانات القبول بجامعة كيوتو وجامعات أخرى، بإرسال الأسئلة بالبريد الإلكتروني من هاتف محمول إلى شبكة الإنترنت وطلب إجابات عنها. وفي أعقاب نشر الحادث في الصفحات الأولى للصحف، قامت الجامعات بفرض قيود على استخدام الممتحنين للهواتف النقالة وشددت إجراءات الرقابة أثناء الامتحانات. وعكف عدد من الباحثين من معهد طوكيو للتكنولوجيا وشركة كودين اليكترونيكس، لرصد النظام الجديد للموجات اللاسلكية التي تخرج من الهواتف المحمولة التي تستقبلها وتقارن هذه الموجات بقاعدة بيانات معدة سلفا بأنواع الموجات، وتمكن النظام من تحديد مقاعد الأشخاص الذين يستخدمون الهاتف المحمولة في الغش. الغش «موضة» أميركية أيضاً انتشرت ظاهرة الغش خلال الامتحانات المدرسية بين 50 % من الطلاب الأمريكيين بحسب ما أظهرته دراسة جديدة لاستطلاع للرأي أجرته منظمة «كومون سانس ميديا»، شملت 1013 مراهقا بين سن الثالثة عشرة والثامنة عشرة، وأنهم يستخدمون الإنترنت للغش، في حين يؤكد أكثر من الثلث انهم فعلوا الشيء نفسه بواسطة الهاتف المحمول. وقال 65% تقريبا من مجموع المراهقين الذين شملهم الاستطلاع إنهم رأوا أو سمعوا عن تلاميذ آخرين استخدموا هواتفهم النقالة للغش خلال الدروس. واعتبرت الدراسة أن «هذا الاستطلاع يظهر أن أحد الانعكاسات غير المتوقعة لهذه التكنولوجيات المرنة هي تسهيل الغش. وأن العالم الرقمي بطبيعته بعيد ويصعب تقفي أثر أي شيء سلبي فيه، وتقنيات الغش تشمل خصوصا تخزين معلومات على الهاتف النقال لاستخدامها خلال الامتحانات أو تبادل الأجوبة عبر الرسائل القصيرة خلال الامتحانات ذاتها. ويستخدم المراهقون كذلك هواتفهم النقالة للبحث مباشرة على أجوبة عبر الإنترنت خلال الامتحانات أو لإرسال نسخة من الأسئلة إلى تلاميذ يستعدون لخوض الامتحانات ذاتها في وقت لاحق. ويعتبر 36% فقط من الطلاب «في مرحلة المراهقة» أن النسخ عن الإنترنت يشكل أمرا سيئا. ويعتبر نصفهم فقط أن الغش عبر الإنترنت أمر خطأ ويرى تلميذ من كل أربعة أن تخزين المعلومات على الهاتف النقال واستخدامها خلال الامتحانات لا يعتبر غشا. كما يظهر الاستطلاع أن الأهل يعتبرون أن هذه التصرفات تندرج في إطار الغش لكنهم يؤكدون أن أولادهم لا يقومون بها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©