الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صربيا··· من ضيق الشوفينية إلى أفق أوروبا

صربيا··· من ضيق الشوفينية إلى أفق أوروبا
6 فبراير 2008 01:57
تنفس القادة الأوروبيون الصعداء بعدما انتزع الديمقراطي الصربي ''بوريس تاديتش'' فوزاً صعباً في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد الماضي على منافسه القومي المتشدد ''توميسلاف نيكوليك''، وذلك قبل أيام فقط على إعلان قادة كوسوفو الاستقلال المرتقب للإقليم الذي يعتبره الصرب قلب حضارتهم القديمة· ومع أن الرئيس في صربيا لا يملك سلطات واسعة، إلا أن الانتصار الذي حققه ''تاديتش'' في الانتخابات الأخيرة بنسبة أصوات 50·5 بالمائة، وبمعدل مشاركة غير مسبوق يضع صربيا التي لم تحسم بعد خياراتها المستقبلية أمام مفترق طرق حقيقي· فقد كانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بمثابة استفتاء يُخير الصربيين بين الرجوع إلى الروح الشوفينية الضيقة التي طغت على صربيا في التسعينيات وميلها تجاه موسكو، وبين التحرك ناحية النظام الاقتصادي الأوروبي المفتوح، والاندماج في نظام حرية التنقل والتركيز على قواعد المجتمع المدني· وبالطبع تنظر واشنطن والعواصم الأوروبية إلى صربيا تحت حكم الراديكاليين، على أنها خطر يهدد الاستقرار في منطقة البلقان؛ لكن خطاب ''تاديتش'' المتطلع إلى مستقبل لامع ينتظر صربيا والرافض للطروحات المتشددة التي تعود إلى سنوات الحرب لم يحقق سوى انتصار متواضع على الراديكاليين الذين نجحوا في الترويج لخطاب التغيير واستمالة أعداد كبيرة من الناخبين؛ وفي الإثنين الماضي سارعت سلوفينيا -المكون السابق ضمن جمهورية يوغوسلافيا والتي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في دورتها الحالية- بإعلان ترحيبها بنتائج الانتخابات قائلة: ''إننا نثمن اختيار الشعب الصربي الذي أكد تمسكه بالديمقراطية وبالطريق الأوروبي''؛ وحسب المراقبين ما كان للرئيس المنتخب ''تاديتش''، الذي ساهم في الإطاحة بالرئيس ''سلوبودان ميلوسوفيتش'' في العام ،2000 أن يستمر في المشهــد السياسي لو لم ينتصر في الانتخابــات الأخيرة· هذا الانتصار يبقى ضعيفاً على أي حال بالنظر إلى الائتلاف الحكومي الهش مع رئيس الحكومة ''فواشلاف كوستونيكا'' الذي رفض دعم ''تاديتش'' في الانتخابات الرئاسية؛ ووسط الاحتفالات التي عمت شوارع المدن الصربية احتفاء بفوز الرئيس الجديد، ظهر ''تاديتش'' أمام مؤيديه وخاطبهم قائلا: ''إنه من المهم أن يتوحد جميع الصرب بعد الانتخابات الرئاسية لنعمل على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين''، لكن أحد مساعدي ''تاديتش'' قال أيضا: ''إننا ندرك بأن نسبة مهمة من الناس لم تصوت لصالحنا''؛ ويُنظر إلى ''تاديتش'' على أنه سياسي يدافع عن قيم التنوع الثقافي والتعاون الاقتصادي، رغم أن هذه الصفات كثيرا ما أحبطت مؤيديه الذين يرون في مواقفه الإيجابية نوعاً من عدم الحسم في وقت تمر فيه صربيا بلحظة مهمة من تاريخها؛ وما أن أُعلنت النتائج حتى سارع ''نيكوليك''، الذي خسر الانتخابات الرئاسية بعد حصوله على نسبة 47·7 بالمائة من الأصوات، إلى تهنئة ''تاديتش''، كما توجه بالشكر إلى مناصريه الذين وقفوا بجانبه في الانتخابات ومنحوه أصواتهم، ومنتقــدا خصومـــه بقوله: ''إنهم عندما أدركــوا بــأن الصربيين يتوقـــون إلى التغيير لجأوا إلى حملـــة انتخابيــــة قذرة''، مضيفاً أنه يشعر بالأسى ''لأن الخوف مازال يخيم على صربيا''· سادت صربيا عشية الانتخابات الرئاسية أجواء محتقنة في ظل خوف بعض الديمقراطيين من عودة الراديكاليين والقوميين إلى الحكم مجدداً في البلاد؛ وفي هذا الإطار يقول ''زوران ديجنشيك'' -وزير سابق في الحكومة المنتهية ولايتها-: ''لقد كانت الانتخابات الأخيرة بمثابة اختبار لصربيا، إننا نتطلع إلى حكومة تتمتع بالكفاءة وقادرة على تحريك الأمور والسير بنا نحو أوروبا؛ فصربيا لا تريد المزيد من الدراما، كما أن الصرب يريدون مستقبلا واعداً لأبنائهم''؛ غير أن فوز ''تاديتش'' بهامش ضئيل في الانتخابات الرئاسية يتيح للمعارضة القومية لعب دور كبير في الحياة السياسية الصربية، ويرى المراقبون أن الراديكاليين لم يحققوا قط نتائج جيدة كما حققوها في هذه الانتخابات، حيث يُعزا فوز ''تاديتش'' إلى المشاركة الكثيفة للناخبين الصرب؛ هذه الثقة بالنفس التي يستشعرها القوميون يُعبر عنها ''دراجان ميسوفيتش'' -أحد أعضاء الحزب الراديكالي- بقوله: ''إن المرتبة الثانية في الانتخابات هي ما نريدها، لقد أصبحنا أكثر قوة، ونستطيع أن نكون أكثر فاعلية دون المهام الإدارية والرئاسية''· يشار إلى أن ''نيكوليك'' -الذي يَمثل رئيس حزبه الراديكالي، ''فيوسلاف سيسلج''، أمام محكمة جرائم الحرب في لاهاي- قاد حملة انتخابية اعتبرها المراقبون متطورة بكل المقاييس، بل تسري شائعات بأنه استعان بخدمات شركة أميركية للاستشارات لتحسين أدائه؛ وبعد أن فاز ''نيكوليك'' في الجولة الأولى من الانتخابات في 28 من شهر يناير الماضي بتركيزه على كوسوفو والعلاقات الصربية الروسية، تبنى المرشح القومي أجندة أخرى شعبوية أطلق عليها ''الراديكالية المتعاطفة''، وهو خطاب يتعهد بحل المشاكل المعيشية للصرب مثل ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية، فضلا عن معالجة المشاكل المرتبطة بالفساد؛ وفي الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية وزع ''نيكوليك'' نفسه تارة بين دور السياسي المؤدب واللبق، وتارة أخرى بين دور القومي المتشدد؛ وقد توعد في إحدى المناسبات منافسه ''تاديتش'' على نحو شخصي، وهو ما أثار مخاوف المراقبين في بلد اغتيل فيه رئيس الحكومة الليبرالي ''دينجيك'' عام ·2003 يقول ''جيمش ليون'' -من مجموعة الأزمات الدولية-: إن ''نيكوليك تحول من القومية المتشددة إلى خطاب شعبوي، بحيث جعل الراديكاليون من أنفسهم حزب التغيير القادر على تحسين الظروف المعيشية للصرب''، وقد تعهد المسؤولون في الاتحاد الأوروبي بالبدء في مباحثات لفتح أبواب الاتحاد أمام التأشيرات الصربية، وهي الرغبة التي تحدو الكثير من الصرب، لا سيما الشباب منهم الذين لم تتح لهم فرصة الإطلاع على العالم منذ أواخر التسعينيات· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: صربيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©