السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حب وهمي مجنون

14 سبتمبر 2010 21:39
برغم كل شيء لا يزال هناك صحفيون يحترمون الحقيقة ويحترمون الكلمة، بل ويحاولون أن يعكسوا ضمير الأمة، أي أمة يعيشون في وسطها، لا يزال هناك صحفيون يريدون إرضاء ضمائرهم على الأقل إن لم يتمكنوا من إرضاء قرائهم أو حكوماتهم أو حتى رئيس تحريرهم، لا يزال هناك من يريد منهم الذهاب إلى أبعد نقطة، وأن يحترم الحقيقة والموضوعية وأصول المهنة، وأن يتفادى الإغراءات ومحاولات الإسكات أو أضواء الشهرة والنجاح أو إغواء المشاركة في التضليل والترويج وخداع الرأي العام أو المسؤولين.. لا يزال هناك من يدفعون أرواحهم لما يؤمنون به، ولما يريدون أن يوصلوه أو يكشفوه، أو لمجرد أنهم يمارسون عملهم بحرية وبأمانة.. هناك على الأقل اثنان وخمسون صحفياً قتلوا في الأشهر الثمانية الأخيرة جراء تأديتهم عملهم في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، بحسب ما أعلن المعهد الدولي للصحافة الذي وضع المكسيك في المرتبة الأولى في القتل، تليها هندوراس ثم باكستان، ولا تزال هناك عدة أشهر من العام قبل إعلان العدد النهائي للقتلى من الصحفيين والذي وصل في العام الماضي إلى مئة وعشرة صحفيين، والله يستر على الأحياء منهم فلا يذهب مزيد من الأرواح، خصوصا أن هناك دولاً تتسلى بقتلهم ربما رغبة منها في احتلال مرتبة في كتاب جينيس للأرقام القياسية في قتل الصحفيين، وهم بالمناسبة كائنات حية ليست مختلفة تماما عن بقية البشر إلا في فضولهم وفي رغبتهم في تصحيح الأمور وكشف الحقائق، البعض يعتبرهم كائنات مزعجة تبحث عن الإثارة وتضخيم الأمور والبعض يعتبرهم جواسيس لأنهم ينقلون ما يرون أو يسمعون والبعض يعتبرهم نمامين ضمائرهم في إجازة طويلة وبين كل ذلك يضيع مثل هؤلاء الاثنين والخمسين.. تذكرت وأنا أقرأ خبر مقتل ذلك العدد منهم حالة الجنون التي دفعتني إلى الذهاب إلى العراق في زمن الحرب التي لم تجلب لا الحرية ولا الديمقراطية للعراق، أي جنون ذلك الذي دفع واحداً مثلي إلى مثل تلك المغامرة المحفوفة بالمخاطر، ترى فيمَ كنت أفكر يومها، وأي مجد صحفي يمكن أن يتحقق، بل وأي رسالة سامية كان يمكن أن أوصل، هل كانت تلك إحدى حماقاتي أو مغامراتي المجنونة، أم أنني كنت مدفوعاً بحب وهمي ومن طرف واحد لهذه المهنة التي لم تجلب لي سوى المتاعب؟ ترى ماذا لو كنت من بين الـ 248 صحفياً الذين قتلوا في العراق منذ سقوط صدام، هل هناك من سيتذكر؟! rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©