الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تربية الأبناء أهم أسس بناء المجتمع

4 يوليو 2014 01:00
يعتمد النظام التربوي في الإسلام، على بث مبادئه، وتكوين الفرد وتنظيم المجتمع وفق التوجيه وتمكين الإيمان من القلب، والأخلاق الفاضلة في النفوس، والتربية الإسلامية هي إعداد المسلم إعداداً كاملاً من جميع النواحي في جميع مراحل نموه، في ضوء المبادئ والقيم، فصلاح الأولاد نعمة عظيمة، ومنة جليلة من رب العالمين، ولقد جاء الإسلام متمماً لمكارم الأخلاق، ومن ذلك تشريعاته في حقوق الأطفال، ولا شك أن الأخلاق الكريمة والحميدة تؤيد كل ما كان من شأنه الحفاظ على الحياء. وقد بلغ النبي صلي الله عليه وسلم القمة في الأخلاق وأفضل طريق للوصول إلي مكارم الأخلاق هو طريقه، والذي خاطبه ربه بقوله: «وانك لعلى خلق عظيم»، وقال صلي الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». اهتم الإسلام بالتربية الصالحة للأبناء، وإعدادهم الإعداد المناسب بحيث يصبحون نافعين لدينهم ومجتمعهم، ويعتبر دور الأم في هذا المجال مؤثراً وخطيراً، لأنها تلازم طفلها منذ الولادة إلى أن يشب ويترعرع ويصبح رجلاً يعتمد على نفسه، وهذه المسؤولية كبيرة وشاقة على الأم، ولكنها قادرة عليها بما وهبها الله من عزيمة وصبر وحنان على أبنائها. أهداف التربية ويحدد العلماء مصادر اشتقاق الأهداف في التربية الإسلامية في الوحي الإلهي المتمثل في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والمجتمع المسلم الذي يجب التعرف على احتياجاته ومتطلباته وظروفه، وأحواله المتغيرة، والفرد المسلم الذي يجب التعرف على طبيعته وميوله، ورغباته ومواهبه، لوضع الأهداف التي تناسب ذلك. وتهدف التربية الإسلامية إلى تحقيق التنشئة العقدية الصحيحة لأبناء المجتمع، لإعداد الإنسان الصالح، وأن يتخلق الفرد بالأخلاق الحميدة، من صدق وأمانة وإخلاص، وتنمية الشعور الجماعي، بحيث يرسخ الشعور بالانتماء، فيهتم بالقضايا والهموم العامة، ويرتبط بإخوانه. وقد دعا القرآن الكريم إلى العناية بالأبناء، فقال تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ)، «سورة النساء: الآية 11»، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ...)، «سورة التحريم: الآية 6»، وقال: ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ...)، «سورة طه: الآية 132»، وقد قص القرآن الكريم الكثير من صور التأديب والاهتمام بالولد مثل وصية لقمان لابنه، كما أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على أهمية تأديب الطفل وتربيته قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع». وذكر الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه «منهاج القاصدين» آدابا نحو الصبي إذا بلغ سن التمييز فينبغي أن يحسن مراقبته ومطالعة أحواله فإن قلبه جوهرة ساذجة وهي قابلة لكل نقش، فإن عُود الخير نشأ عليه وشاركه أبواه ومؤدبه في ثوابه وإن عُود الشر نشأ عليه وكان الوزر في عنق وليه فينبغي أن يصونه ويؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق فإذا ظهرت في وجهه أنوار الحياء وكان يحتشم ويستحي من بعض الأفعال حتى يراها قبيحة، فهذه هداية من الله تعالى إليه وبشارة تدل على اعتدال الأخلاق وصفاء القلب. ويذهب ابن سينا إلى ضرورة البدء بتهذيب الطفل وتعويده الخصال الحميدة منذ الفطام، قبل أن ترسخ فيه العادات المرذولة التي تصعب إزالتها إذا تمكنت من نفسه. ويميز الغزالي بين طرق تأديب الأطفال تبعا لاختلاف أمزجتهم، فهذا يتميز بالحياء والحساسية، فيستعان على تأديبه بحيائه، وذاك أميل إلى الخلق الجميل والفعل المحمود، فيلزم أن يكرم ويجازى عليه ويمدح بين الناس، ويقول الغزالي عن أهمية التأديب والتنشئة، إن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة، خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه. ويقول ابن القيم، ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم، وذلك من قِبل التربية التي نشأ عليها، وكم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته له على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه وحرمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء. إن من أهم ما يهدف إليه التأديب، هو منفعة الناس جميعا بحفظ حقوقهم ومصالحهم، وأن من تتبع أوامر الشارع الحكيم، ونواهيه، يجد أنها شرعت للمصلحة العامة، وقد أثبت الاستقراء أن هذه المصلحة تكمن في الحفاظ على الضروريات الخمس، وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، ومن أهم أهداف التأديب أيضا، الرحمة بالمجتمع، حتى لا تتقوض دعائمه، فتشيع فيه الرذائل، ويكثر الفساد، ويفقد الأمن والأمان والطمأنينة، إذ أنه لو ترك الناس بدون تأديب، وإصلاح وتهذيب، عمت الفوضى، وشاع السلب والنهب، وانتهكت الأعراض، وقتل الناس بعضهم بعضا، وفسد النظام. القاهرة (الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©