الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوحات سيد مرجان عالم هندسي وروح إبداعية

لوحات سيد مرجان عالم هندسي وروح إبداعية
4 يوليو 2014 01:00
مجدي عثمان (القاهرة) جمع الفنان التشكيلي سيد مرجان بين هواية الرسم وكتابة الخط العربي عام 1964، حينما حصل على دبلوم النقش والزخرفة، أُضيفت إليهما هواية التمثيل حتى أنه تم اختياره من بين 300 متسابق، ليمثل على خشبة مسرح الهوسابير، وكان له دور بارز في مسرحية «الفوانيس» التي ألفها وأخرجها الفنان القدير سعد أردش، ثم عاود الدراسة مرة أخرى لدراسة التراكيب النسجية، إلى جانب تخصصه الأول، مما مكنه من توسيع مجال علمه ومعرفته وتعدد مشاربه، وكان حلم دراسة الرسم يراوده، فالتحق بالقسم الحر بكلية الفنون الجميلة، واستمر بها عامين. لقاء الخطوط التحق مرجان بمدرسة تحسين الخطوط عام 1982، وحصل على دبلومها ثم دبلوم التخصص عام 1991، وعشق الخط الكوفي من خلال علاقته بأستاذه الخطاط حسن محمد حسن، وكانت دراسته في نوعين من الخط، كوفي المصاحف والكوفي المملوكي، ثم قام بعمل منظومة من خلال تلك الدراسة، وطوع الخط لها، مثل ما فعل من مزاوجة بين الخط الكوفي النخيلي والكوفي المربع، والذي لم يدرسه ضمن مناهج مدرسة تحسين الخطوط، وهو يمكن كتابته من الداخل إلى الخارج أو العكس أو كتابته في سطور متتالية، ولذلك يحتاج إلى التفكير في الحلول عند التعامل معه والتأليف، وقد نجح مرجان في ذلك، وأوجد العلاقة ما بين الكتلة والفراغ في تصميماته المستحدثة. أشكال الحروف ويقول: «أخترت الخط الكوفي لتنوع أعداده، فحورت في حروف الخط النخيلي، وأخرجت خطاً بعيداً عنه من حيث الشكل، ولكنه يحتفظ بالروح نفسها، وكذلك الخط الكوفي السنبلي الذي غيرت في الكثير من أشكال حروفه، مع الاحتفاظ بالبنيان الأساسي له، إضافة إلى اشتغالي على بعض الخطوط الحرة، فنوعت في تشكيلات لحرف (لا) تجاوزت الـ 50 شكلاً، وكذلك في الطغراء التي استبدلت فيها الخط الثلث بالخط الحر». ويضيف مرجان: «إنه يقوم بابتكار خطوطه بإلهام روحي من دون التقيد بالقاعدة، والتي تمثل البعد الجمالي فقط للحرف، وبذلك يمكن لأي خطاط كسرها في بعض الحروف عندما تخالف رؤيته في التشكيل، فينقص عدد النقاط بالحرف من دون أن يفقد جمال الخط أو يبتعد عن نوعه، حتى تكون روح الكلمة أو الجملة واحدة». وأشار إلى أنه تعلم أصول الزخرفة على يد الدكتور مصطفى عبدالرحيم، وعلم أن الزخرفة جميعها تعتمد على العلاقة بين النقطة والدائرة والخطين المنحني والمستقيم، فالنقطة هي البداية والأساس لأي نوع من الخطوط سواء العربية أو اللاتينية، حيث إنها المكون للخطين المنحي والمستقيم، وهي مركز الدائرة، والزخارف الإسلامية النباتية والهندسية لا تخرج عن تلك العلاقة. وكان الدكتور الفنان مصطفى عبد الرحيم قد أحس بموهبة مرجان، وبأنه طالب محب للتصميم، ولا يريد أن يكون مقلداً أو ناقلاً للأصول القديمة، فأعطاه جرعات مكثفة تختلف عن نظرائه الدراسين، وبشكل متقدم على مرحلته الدراسية، حتى صار بمرور الوقت له أسلوبه المتميز الذي لا يعتمد على النقل من الأمشق، التي كانت ولا تزال إحدى الوسائل الأساسية في تعلم الزخرفة العربية الإسلامية، فاستطاع مرجان أن يدمج بين الزخرفة والخط العربي، فصارت الزخارف الورقية «الأرابيسك» مقروءة، حيث تبدو لعين المشاهد العادي كأنها زخارف بحتة، ولكن بالتأمل يدرك المشاهد ما تخفيه من كلمات أو عبارات. ويقول د. مصطفى: «كان مرجان يستفيد من النظم البنائية للزخرفة العربية، ويشكل بها تصميمات جديدة، ويستطيع تطويع الزخرفة وفقاً لأي مساحة هندسية أو خامة، اقتناعاً بأن العمل الفني يجب أن يخضع إلى المنفعة والاستخدام اليومي، وأن مرجان بدراسته للخط العربي بأنماطه المختلفة استطاع الاستفادة من قواعدها وارتشف رحيق التراث، فاستخلص أسلوباً جديداً، ليس هو بالأنماط القديمة المتداولة أو بالحديث الذي لا يمت بصلة للتراث الإسلامي، وقد ساعده على ذلك انفتاحه على التراث العربي في شتى الحقب الزمانية والمناطق المكانية نظراً لكثرة المتاحف والآثار العربية بالقاهرة، حيث يزور تلك المناطق ليستخلص منها بعض العناصر التي يسجلها في ذاكرته الانطباعية أو بقلمه، ثم يمزجها مع عناصر أخرى، مكوناً أسلوبه الخاص». جوانب الابتكار ومن الجوانب الابتكارية لمرجان تشكيلاته المختلفة للبسملة، حيث قام بإبداع عشرات التشكيلات الجمالية التي تعكس القيمة التعبيرية لها، إذ تحتوي على اسم الله والرحمن والرحيم، وترتبط بالعناصر الطبيعية، حيث إن سر البسملة يسري في كل المخلوقات، ففيها اسم الله، وفيها صفة الرحمن، وصفة الرحمة من الرحيم، فيشكلها على شكل ورقة شجر أو كهيئة طائر، وهو بذلك يعبر بتلك التشكيلات عن موضوع يهم علماء النفس عن الطلاقة والأصالة، كما يبرهن على مدى الثراء المتعدد في التشكيل لعبارة واحدة أو لجملة واحدة، فنرى في البسملة الزلفات «الحلايا» أعلى الحروف في الكتابة، وكأنها مستوحاة من فن العصر الفاطمي، وكذلك التوريق الذي يتناسب مع هذه الزلفات والتحوير للحروف والكلمات، فتكون بعد أن طبقها على خامة النسيج قابلة للتكرار على أبعاد محددة لتحقق ما يسمى بالامتداد والانتشار الذي يعطي إحساساً باللانهائية التي هي إحدى سمات الفن الإسلامي. إضاءة أوضح مصطفى عبدالرحيم أن مرجان طوع مرجان بعض العناصر النباتية المصرية القديمة مع الخط الكوفي في توافق وانسجام وذلك في الشريط الكتابي الذي خطه لدار الأوبرا المصرية، حيث تظهر زهرة اللوتس الفرعونية مع الزخارف العربية الإسلامية في توافق تام، وبذلك أجاد مرجان في الوصول بالخط العربي من أداة للإبانة والدلالة اللغوية إلى أن تكون أعماله لوناً من ألوان الفنون الجميلة والتطبيقية بما تحف به من قيم جمالية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©