الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس: دور جديد للصحفيين

17 يونيو 2012
سناء سبعوي صحفية تونسية يبدو أن حرية التعبير في تونس موجودة في كل زاوية وكل شارع، وهذا تحوّل مثير للدهشة إذا أخذت بالاعتبار أنه حتى فترة وجيزة، كان هناك أناس لم يجرؤوا حتى على الحديث مع أنفسهم. إلا أنه إذا نظرنا إلى الإعلام التونسي اليوم، ربما يعتقد المرء أن حرية الصحافة معرّضة للخطر، فقد جرى تغريم صاحب قناة "نسمة" التلفزيونية لأنه عرض فيلم "بيرسوبوليس"، الذي يعتبر خلافياً لأنه يمثّل الذات الإلهية. كذلك جرى اعتقال صحفيين من جريدة "التونسية" لأنهم نشروا صورة امرأة نصف عارية عُرِضت بشكل واسع على شبكة الإنترنت. كما أن الدولة تخوض عملية تحول ديمقراطي، وهناك توترات بين الفصائل السياسية المختلفة، وكذلك بين المواطنين. لم يكن لدى الصحفيين التونسيين قبل الثورة حرية انتقاد الحكومة والمسؤولين الحكوميين، ولم تكن أمامهم سوى فرص محدودة للتدريب المهني. ومع إسقاط نظام حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير 2011 أصبح هناك تراجع درامي للقيود الصارمة التي واجهها المهنيون الإعلاميون من قبل. ويناضل الصحفيون، الذين ما زالوا يتعلمون كيفية إعداد أنفسهم لهذا الدور، يناضلون أحياناً مع هذه الحرية الجديدة وكيفية تغطية وجهات النظر المتنوعة وفي الوقت نفسه توفير نقل موضوعي غير متحيز للخبر. فقد بدأت اليوم وسائل الإعلام، تصبح أكثر توازناً في أسلوب تغطيتها للأحداث وتفتح المجال لوجهات نظر متعددة. على سبيل المثال، تضم صحيفة "لا برس" (La Presse) اليومية باللغة الفرنسية الآن صفحات للرأي، تمتلئ عادة برسائل إلى المحرر من جانب مواطنين عاديين. كذلك أدارت مدوّنة "نواة" Nawwat.org الجماعية المستقلة مؤخراً حملة باستخدام اللوحات الإعلانية وإضافات الصحف والإعلانات التلفزيونية لتشجيع فكرة أن "حرية الإعلام ليست شعاراً وإنما ثقافة". وضمن هذا الإطار نشرت المدونة عبارة تقول: "نحن ننشر جميع وجهات النظر احتراماً لمواطنينا”. وفي 3 مايو الماضي، وهو اليوم العالمي لحرية الصحافة، عقدت منظمة اليونسكو مؤتمراً في تونس حول الوضع الحالي للصحافة والتحديات التي تواجهها. كان تنظيم حدث كهذا في تونس أمراً رمزياً إلى حد بعيد، شكّل دفعة قوية لدمقرطة تونس الناشئة، وعزز فكرة أن حرية الصحافة أساسية لكل من الدولة والآخرين الذين ينظرون إليها كنموذج. أدوار الصحافة الرئيسية هي الإعلام والتثقيف والتسلية، وفي الوقت نفسه توفير منبر لوجهات نظر متعددة. ولكن يتوجب عليها أيضاً الذهاب إلى ما وراء ذلك، لتتخذ دوراً إضافياً: السماح للناس ببناء جسور التفاهم. فالإعلام يدعو للإنصات، الذي يمكن أن يساعد المرء على فهم النزاعات الاجتماعية وحلها. تم بهذه الروح تكريم "سونيا باهي"، الصحفية ورئيسة تحرير موقع Baya.tn، وهو موقع على الإنترنت للمرأة وعنها، لمقالها: "هل باستطاعتنا إعطاء الحكومة التونسية فرصة؟"، الذي ركز على مسؤولية كل من الحكومة والمواطنين للمساعدة على تحريك تونس إلى الأمام. "سونيا باهي" واحدة من الصحفيين العديدين الذين شاركوا الآن في برامج تدريب مهنية. على سبيل المثال، قدمت منظمة "البحث عن أرضية مشتركة" ومنظمة "الإعلام في التعاون والتحول" التي تعمل في مجال تطوير الإعلام، قدمت تدريباً للصحفيين التونسيين الشباب لتحسين مهاراتهم المهنية وتوفير فرصة للتفكير بدور الإعلام أثناء فترة التحول هذه. عندما لا يركّز الصحفيون فقط على الأخطاء أثناء تغطيتهم لقصة معينة، أو يحاولون تفسير حوافز شخص ما، فإنهم يستطيعون دعم التقدم في المجتمع ككل. وعندما يعود الأمر إلى تغطية قضايا خلافية، فإن تخفيف حدة الحوار من خلال الكتابة بأسلوب خلاّق ومبدع وبنّاء يسمح للأفراد بسماع بعضهم بعضاً وإيجاد المعدل. وتقول سونيا باهي: "تعلّمْت أشياء عديدة من خلال العمل بأسلوب بنّاء: ألا أضع فرضيات مبنية على الاعتقادات الشعبية السائدة، وألا أنسى أن أصغي لوجهات النظر المختلفة، وهي أخطاء يرتكبها الصحفيون التونسيون بشكل منتظم نتيجة لانعدام التدريب. أعتقد أن الكتابة بشكل مختلف وتغيير عاداتنا وإنتاج كتابات مبنية بشكل أفضل وأكثر مهنية سيسمح لنا بالتحرك قدماً". وبشكل عام، يبدو أن الصحفيين التونسيين يؤمنون أنه يتوجب عليهم لعب دور إيجابي في المجتمع، وتهدئة التوترات بدلاً من إشعالها. لا يتوجب على الحوار بين الجماعات المختلفة بالضرورة أن يؤدي إلى المواجهة، ولكنه يستطيع المساعدة على رعاية التعددية الأصلية. سيشجّع تبنّي قانون صحافة جديد وإنشاء السلطة المستقلة العليا للاتصالات المرئية والمسموعة قريباً إلى تشجيع التقدم عبر هذه الخطوط. وستعمل هذه الخطوات على مأسسة لائحة أخلاقيات تضمن مساحة للتعبير على مجال واسع من الأفكار. أخيراً بدأت أخلاقيات صحفية حقيقية تظهر في تونس، تساعد الصحفيين على التحرك قدماً والمشاركة كجزء من ديمقراطية صحّية. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©