الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقيبة شمسية لمواجهة الموت

14 سبتمبر 2010 09:02
هناك قصص كثيرة تصف كيف أن استخدام الطاقة الشمسية أنقذ الناس من الموت، وقد بدأت هذا الاستخدام الدكتورة لورا ستاشل وهي طبيبة أميركية، حيث ذهبت إلى المناطق النائية في نيجيريا لدراسة الوضع الصحي للنساء في المنطقة، واكتشفت أن النساء يتوفين أثناء الولادة بسبب عدم توافر الكهرباء، أو يتوفين لأسباب كثيرة ومنها عدم وجود بنك دم لأن بنك الدم يحتاج إلى كهرباء للحفاظ على الدم في أجهزة التبريد، أو عدم القدرة على الاتصال بالإسعاف أو بمستشفيات المدن الكبيرة، وبسبب الأخطاء الطبية أثناء العمليات لأنها تتم على ضوء الشموع، ولأن الدكتورة درست ذات مرة الطاقة الشمسية، فقد قررت بناء حقيبة الطاقة الشمسية بمساعدة زوجها وهي عبارة عن حقيبة صغيرة تحتوي على كل ما يحتاج إليه الشخص للحصول على كهرباء من الطاقة الشمسية. حقيبة صغيرة تكفي الأجهزة في تلك الحقيبة الصغيرة لإنارة غرفة العمليات، وللحفاظ على الدم مبردا، ولتشغيل لاسلكي يمكّن الممرضين من الاتصال بالأطباء في أماكن بعيدة نسبياً للحصول على تعليماتهم، أو الاتصال بهم في بيوتهم، وما يميز هذا الاختراع أن تركيبه وتشغيله سهل للغاية، ثم قامت الطبيبة لورا بإنشاء جمعية خيرية هدفها تزويد مستوصفات ومشافي القرى النائية بتلك الحقائب، وتشجيع التعاون بين المهندسين والأطباء لتحسين أداء خلايا الطاقة الشمسية في هذه الحقيبة. تقول الدكتورة لورا بما أن الطلب العالمي على الطاقة سيستمر في النمو، خاصة في الدول النامية ذات الاقتصاد الناشئ، فإن العالم بحاجة إلى كل مصادر الطاقة، إلا أن هذا الخليط من المصادر لا يمكن أن يستمر وتكون إمداداته مستقرة إلا إذا كان مدعوماً بقوى السوق، خاصة أن اختيار الحكومات مصادر طاقة لا تؤيدها قوى السوق، هو أحد الأسباب الأساسية في ارتفاع أسعار النفط وتقلبها، وبالتالي فإنه أحد الأسباب التي تهدد أمن الطاقة العالمي وتعرضه للخطر. وقد قامت بعض الحكومات بإنفاق مليارات الدولارات لتطوير خلايا الوقود التي تستخدم الهيدروجين، لاستخدامها بدلاً من المحرك الانفجاري في السيارات الذي يعتمد على البنزين والديزل حالياً، لكن تلك الحكومات غيرت رأيها عندما اكتشفت صعوبة تطبيق التكنولوجيا من جهة، وصعوبة الحصول على المعادن النادرة التي تستخدم في بناء خلايا الوقود، وتعرض الأمن القومي للخطر لأن البلوديوم، وهو المعدن الأساس المستخدم في تطوير خلايا الوقود، لا يوجد بكميات وفيرة إلا في روسيا وجنوب إفريقيا. زلزال هايتي وفي ظل عدائها للنفط وجهت بعض حكومات الدول المستهلكة كل جهودها لاستخدام الهيدروجين وخلايا الطاقة في قطاع المواصلات وفشلت في ذلك، إلا أن قوى السوق أوجدت سوقاً رائجة ومربحة لخلايا الطاقة، لكن ليس في قطاع المواصلات، إنما في قطاع الكهرباء، خاصة في الأماكن النائية، كما أن هناك سوقاً رائجة لها ضمن مؤسسات وشركات معينة، مثل المستشفيات التي تحتاج إلى كهرباء عند انقطاع التيار الكهربائي. ومكنت خلايا الوقود بعض المستشفيات في الدول المتقدمة من الحصول على إمدادات كهرباء مستمرة، وبكفاءة أعلى بكثير من كفاءة الكهرباء التي تولدها وتوزعها الشركات، ويعد الدور الأساس لخلايا الوقود في هذه الحالة، هو توفير الكهرباء للمستشفيات والمصانع التي لا يمكنها أن تتوقف ولو للحظة واحدة في بعض الأماكن النائية، والأمر نفسه ينطبق على الطاقة الشمسية، ففي الوقت الذي ركزت فيه بعض الحكومات على مشاريع شمسية ضخمة ومكلفة، هناك سوق ناجحة جداً لاستخدامات الطاقة الشمسية على مستويات صغيرة، لا تحل مشكلة الطاقة فقط، وإنما تنقذ الناس من الموت وتساعد على الخدمات الصحية، حيث إن الفرق بين المنفعة والتكلفة كبير لدرجة أنه لا يمكن تقديره أحياناً، وهذه التطورات قام بها القطاع الخاص دون أي تدخل حكومي. عندما ضرب الزلزال هايتي قتل مئات الآلاف، ودمر كل شيء بما في ذلك مولدات الكهرباء، وكان الجرحى بعشرات الآلاف في الوقت الذي تهدمت فيه المستشفيات، لم يكن هناك حل أمام الأطباء الذين جاءوا من جميع أنحاء العالم لمساعدة المشردين سوى استخدام الحقيبة الشمسية التي اخترعتها الدكتورة لورا، التي ذهبت شخصياً مع زوجها مع عدة شحنات من هذه الحقائب لمساعدة الجرحى والمشردين، وإحدى تلك الحقائب تم إرسالها إلى أحد مستوصفات القرى النائية التي تأثرت بالزلزال، لاستخدام الكهرباء بدلاً من الشموع، ونظراً لعدم وجود وسائل مواصلات فقد تم إرسالها مع أحد الفتية محمولة فوق ظهر “حمار” بعد أن تم تدريب الفتى على كيفية بناء الحقيبة وتشغيلها. للطوارئ والمخيمات مع وجود الحقيبة الشمسية اكتشف الأطباء أن توافر الكهرباء يساعدهم على استخدام أجهزة أخرى، مثل الأشعة والشفط وغير ذلك من الأمور التي وفرت عليهم وقتاً طويلاً، ومكنتهم من إسعاف المرضى بسرعة، وتبلغ تكلفة الحقيبة حدود ألف دولار فقط، وتكاليفها تنخفض باستمرار، كما أصبحت عدة شركات تبيعها على الإنترنت لأغراض مختلفة، للطوارئ والمخيمات والرحلات البرية، وآخر التطورات في حياة الدكتورة لورا وزوجها أنها لم تعد ترغب في تصنيع تلك الحقيبة وشحنها إلى المناطق النائية حول العالم أو مناطق الكوارث، وإنما تعليم السكان كيفية تصنيعها بأنفسهم.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©