الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

العبث بالعقول.. من المسؤول؟!

17 يونيو 2015 22:45
أحمد مصطفى العملة بالتأكيد غير ظهور التلفزيون في العالم العربي خلال ستينيات القرن الماضي، مجتمعات المنطقة، عندما اكتشفت معه عوالم وأفكاراً جديدة استقبلتها مع ترددات الوافد الغريب بدهشة، لكن الاختراع المثير، حول فجأة حياة الملايين إلى ما يشبه الجحيم منذ 2011. فالشاشات الفضية التي اعتاد منها الناس التسلية والترفية عقودا طويلة، حولت غرف المعيشة بالبيوت العربية إلى ما يشبه الساحات الخلفية للميادين التي ظلت شهوراً طويلة تأن تحت وطأة مظاهرات بالملايين. ومع تصاعد الاضطراب السياسي منذ أشعل البوعزيزي النار في نفسه والمنطقة، استغلت بعض الفضائيات الأمر، باعتباره فرصة مثالية لجذب المشاهدين بأقل التكاليف من أجل إعلانات أكثر، ولو كانت النتيجة استقرارا أقل. وبدلاً من أن تأخذ النخبة العالمة بيد الجماهير الحائرة وسط غيوم الدخان وضباب اللايقين، استغل بعضهم حالة فزع الناس، ليزيدهم اضطراباً وتضليلاً. واختلطت سوء النوايا بضعف الإمكانيات والجشع التجاري بالتحيز السياسي والتعصب الأعمى، ليصنع من هذا كله قنبلة مولوتوف حارقة اسمها برامج «التوك شو». وتشكلت في العالم العربي فرقة تشبه من أسماهم المفكر الفرنسي باسكال يونيفاس «مثقفو التزييف». وهم مجموعة محدودة من المثقفين والكتاب والمعلقين الذين هيمنوا فجأة على الفضاء الإعلامي، وعمدوا إلى تقديم وتكرار آرائهم ووجهات نظرهم الشخصية، للجماهير، باعتبارها من حقائق الطبيعة. وغاب تماما صوت الجمهور، وعلا صراخ هذه النخبة كل مساء فيما يشبه حلقات السيرك، دون مراعاة لقواعد المهنية ومصالح الأوطان، ففقد الناس توازنهم وزادت مخاوفهم في لحظة حساسة تمر فيها المنطقة بتحولات خطيرة. وبدلاً من أن يصب الانفتاح الإعلامي في مصلحة تعدد الآراء، انتهى الأمر باحتكار قلة محدودة من المعلقين للساحة. وللمفارقة أظهرت نتائج مسح أجرته صحيفة «المصري اليوم» قبل أسابيع كيف يتكرر بصورة صارخة ضيوف بعينهم في عدد محدود من برامج «التوك شو» المصرية على مدى 45 يوماً. بعضهم ظهر أكثر من 10 مرات لأكثر من 7 ساعات في 5 برامج بخمس قنوات. مما يكشف إلى أي مدى تبدو حرية الإعلام أمراً مراوغاً، يصعب الوصول إليه مهما أُتيحت قنوات جديدة وعديدة أمام الجماهير. ahamed.moustafa@alittihad.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©