السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مسؤولون أميركيون: المالكي لم يكن خيار واشنطن.. لكنّ خطأها الأكبر

مسؤولون أميركيون: المالكي لم يكن خيار واشنطن.. لكنّ خطأها الأكبر
3 يوليو 2014 01:56
في نوفمبر من عام 2010 واجهت الولايات المتحدة معضلة عويصة في العراق. فنوري المالكي الرجل الذي اختارته واشنطن قبل أربعة أعوام ليصبح رئيسا لوزراء العراق بعد أن كان شخصا شبه مغمور، كاد أن يخسر انتخابات لكنه قام بمناورات بمساعدة من إيران، للبقاء في السلطة. كان موعد انسحاب القوات الأميركية أزف، وأخذ الدبلوماسيون الأميركيون والساسة العراقيون يفكرون في بدائل لقيادة العراق. لكن العراقيين كانوا انتخبوا برلمانا عالقا، ولم يكن هناك مرشحون يحظون بتأييد قاطع. وخوفا من الفوضى استقرت واشنطن مرة أخرى على المالكي. وخلال اجتماع ساده التوتر في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد جلس دبلوماسيان أميركيان مع المالكي، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، ومع إياد علاوي السياسي الذي فاز تكتله بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات، والذي كان تأييده ضروريا لحسم أي اتفاق. وفي وقت سابق من ذلك اليوم اتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما بعلاوي ووعده بدعم أي حكومة تضم كل الأطياف الرئيسية في العراق، وخلال الاجتماع فلتت الأعصاب، وقال شخصان على معرفة مباشرة بما دار فيه إن كلا من علاوي والمالكي هددا بالانسحاب، وإن بارزاني وقف في مرحلة ما في طريق علاوي لمنعه من مغادرة الغرفة. وحثهم الدبلوماسيان الأميركيان على تنحية الخلافات، وأخيرا وافق العراقيون على اتفاق نهائي تحددت تفاصيله في مذكرة مكتوبة. وكان الاتفاق الذي وضعت لمساته النهائية ذلك اليوم، هو آخر اتفاق حقيقي لاقتسام السلطة في العراق ولاقى فشلا في ذات اللحظة. وبسبب تعنت المالكي ومعارضيه لم يطبق الاتفاق على الإطلاق واتسعت الانقسامات الطائفية في البلاد. وحكم المالكي البلاد كمدافع عن الشيعة أكثر منه زعيما وطنيا لكل العراقيين، والآن بينما يرسخ مقاتلو تنظيم «داعش» قبضتهم على غرب العراق ويعلنون «دولة إسلامية» ويهددون بحرب أهلية جديدة، تطالب واشنطن مجددا بأن يشكل قادة العراق حكومة شاملة تضم الأقليتين السنية والكردية. لكن مسؤولين سابقين وحتى بعض المسؤولين في إدارة أوباما الحالية يقولون إن هذه المساعي قد تنهار أيضا. وكان متوقعا أن يقع الاختيار على المالكي رئيسا للوزراء لفترة ثالثة بعد فوزه ائتلافه في الانتخابات التي أجريت في أبريل. لكن مع تدهور الوضع الأمني، تتصاعد الضغوط حتى من داخل قاعدته الشيعية كي يرحل. وحتى إن رحل فستجد واشنطن مشقة في التأثير بقوة على الوضع. وقال أكثر من 10 دبلوماسيين سابقين وحاليين إن العلاقات بين واشنطن وبغداد شابها تكرار زلات إدارة أوباما وسلفه الرئيس جورج بوش. وأضافوا أن واشنطن غير راغبة أو غير قادرة على التأثير على الساسة العراقيين، ولا سيما الرجل الذي ساعدته على الصعود للسلطة. وقالت إيما سكاي الباحثة لبريطانية في شؤون الشرق الأوسط وكانت مستشارة للجنرال الأميركي ريموند أوديرنو من 2007 وحتى 2010، إنه «لم يواجه أي عواقب عندما تراجع عن التزاماته» بضم السنة للحكومة. وقال علي الخضيري الذي عمل مستشارا لعدد من السفراء الأميركيين في بغداد، إنه استقال بعد أن حذر في مذكرة في أكتوبر 2010 من أن الدعم الأميركي لحكم المالكي سيؤدي إلى ديكتاتورية وتجدد الحرب الأهلية وإلى هيمنة إيران على العراق. وذكر أن مسؤولين أميركيين وبريطانيين ممن اتفقوا معه في الرأي، غادروا بغداد بحلول خريف 2010، لكن مذكرته وصلت مسؤولين كبارا في البيت الأبيض ورفضوا كلامه. وقال زلماي خليل زاد السفير الأميركي السابق في بغداد، إن فترة حكم المالكي اتسمت بتزايد الانقسامات. وعن أحوال المالكي في الأسابيع الأخيرة قال سامي العسكري «لا أمل، لديه، يقول إن علينا الاعتماد على أنفسنا». وقال جيمس جيفري السفير الأميركي في بغداد من عام 2010 وحتى عام 2012، إن المساعي الأميركية لإعادة رسم العراق لم تكن واقعية قط. وقال كين بولاك المسؤول السابق في البيت الأبيض والاستخبارات المركزية الأميركية والذي التقى المالكي في مارس، إن المالكي بدا منشغلا تماما بتهميش معارضيه السياسيين بعد انتخابات أبريل. وقال إن «المالكي لم يبد اهتماما بالمصالحة أو التنمية الاقتصادية، كنا نبذل قصارى جهدنا لدفعه للكلام عن شيء آخر غير الحديث عن مذبحة منظمة لمعارضيه، ولم يستجب». ويعترف الأميركيون أن المالكي ليس صنيعتهم، لكن واشنطن كان لها دور في صعوده. وفي عام 2006 عندما صعد المسلحون السنة نشاطهم وجد إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء آنذاك وهو شيعي، أنه لا يتمتع بثقة الزعماء الشيعة والأكراد والسنة وكذلك واشنطن. ومع حرص إدارة بوش على إقناع الرأي العام بأهمية الحرب ومستقبل العراق لجأت إلى المالكي كمرشح توافقي. لكن روبرت فورد الذي خدم مرتين كدبلوماسي أميركي في بغداد، قال إن الأميركيين أساؤوا تقييم المالكي. وقال «عندما دعمنا المالكي في 2006 ليصبح رئيس وزراء العراق، لم نكن ندرك إلى أي مدى سيكون سياسيا محنكا، أو إلى أي مدى يمكن أن يصمد». وبمرور الوقت اتضح أن المالكي يرى الأمور من منظور الحرب ضد حزب البعث، وفي الوقت ذاته ظل يسعى لحشد السلطة تدريجيا في مكتبه. وأنشأ قيادات للعمليات تتجنب المنظومة العسكرية التقليدية التي أصرت واشنطن على أن تشمل السنة والأكراد. وخلال فترة ولايته الثانية شغل المالكي منصبي وزير الدفاع والداخلية وعين موالين له في مناصب عسكرية رفيعة، فيما كانت أميركا تسعى لتعزيز الجيش العراقي. وقال فورد «على مدى أعوام لم نبد رد فعل قويا إزاء هذه التحركات، في حين ازداد نفور عناصر رئيسية في المشهد السياسي العراقي من المالكي وفريقه». وبحلول عام 2009 أسس المالكي وحدة خاصة للجيش تعمل مباشرة تحت إمرة مكتبه العسكري، ووجهت لها اتهامات بارتكاب تجاوزات، بدأت تتكشف تباعا. وقال كريستوفر هيل سفير واشنطن لدى العراق في 2009 و2010 إن واشنطن حاولت الضغط على المالكي لإنهاء حكمه الطائفي، لكنها فشلت. وأضاف أن زيادة عدد القوات الأميركية في 2007، وتمرد العرب السنة على المتشددي المتحالفين مع «القاعدة» كانا مما ساعد على إضعاف المتشددين، لكنها لم تسهم في القضاء على الانقسامات الطائفية، بسببه.ورأى كثير من المسؤولين الأميركيين والبريطانيين المشاركين في الأحداث، أن مارس 2010 هو الشهر الذي بدأ فيه عقد العراق ينفرط، ويزداد التوتر في العلاقات بين واشنطن والمالكي. وبعد انتخابات 2010، وجدت واشنطن نفسها في مأزق العراق، وقال هيل إن الانقسامات الطائفية جعلت من المستحيل أن يصبح علاوي رئيسا للوزراء. وقالت سكاي إن واشنطن وإيران أوضحتا في النهاية أن المالكي هو اختيارهما. وقال الخضيري إن إيران وقائد قوة القدس السرية في طهران الجنرال قاسم سليماني لعبا دورا محوريا في كسب دعم زعماء شيعة آخرين للمالكي، مثل مقتدى الصدر. وفي 15 ديسمبر عام 2011 بينما كان وزير الدفاع الأميركي آنذاك ليون بانيتا يشهد جنوده بمطار بغداد وهم ينكسون علم القوات الأميركية في العراق إيذانا بالرحيل، كانت قوات حكومية أحاطت بمنزل طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي والذي اتهمه المالكي بأن له صلة بعمليات قتل وتفجير، ما نفاه مرارا. وبعد أربعة أيام أصدرت الداخلية العراقية أمرا باعتقال الهاشمي الذي فر من بغداد إلى كردستان وحكم عليه بعد ذلك بالإعدام غيابيا. وقال مسؤولون إن رد الفعل الأميركي كان ضعيفا، بينما انزعج المسؤولون الأميركيون إزاء اتهام المالكي بعد عام لوزير المالية رافع العيساوي بمزاعم صلاته بمسلحين. وقالت سكاي إن مسؤولي الاستخبارات الأميركية تحروا الاتهامات هذه وخلصوا إلى أنها باطلة. وبهذا وجدت الإدارة الأميركية نفسها عاجزة عن التأثير في الوضع المتفاقم. وقال بولاك «كان يجب أن نقف ونكشف عن الأفراد ونفضحهم، البيت الأبيض لم يقل شيئا ولم يناقش الجانبين ثم جاء بكل هذه الأعذار لعدم فعله شيئا، لأنه لم يكن يريد أن يفعل شيئا».(واشنطن - رويترز)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©